قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن الوقت قد حان لكي تُعيد إدارة الرئيس باراك أوباما تقييم مردود تحالفها مع مصر وما إذا كان في صالح أمن الولاياتالمتحدة القومي أم لا. وأضافت الصحيفة في مقال افتتاحي بعنوان "حان الوقت لإعادة التفكير في علاقة أمريكا مع مصر"، أنه منذ استيلاء الجيش المصري على السلطة في 2013 عقب عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي فإن سياسة إدارة أوباما تجاه مصر كانت مرتبطة بسلسلة من الافتراضات الخاطئة. وأضافت: "حان الوقت لتحديها (الافتراضات) وإعادة تقييم ما إذا كان التحالف (مع مصر) الذي كان لفترة طويلة يعتبر حجر زاوية في سياسة الأمن القومي الأمريكي يضر أكثر مما ينفع". وأشار إلى أنه عندما أطيح بالرئيس الأسبق مرسي تردد كبار المسؤولين الأمريكيين في دعوة ما حدث بالانقلاب، وأعربوا عن أملهم في أن يكون ما حدث هو تعثر في طريق القاهرة لكي تصبح ديمقراطية. وتابع أنه بعد زيادة انتهاكات حقوق الإنسان إبان عزل مرسي في عام 2013 بحيث أصبح من الصعب التغاضي عنها علق البيت الأبيض تسليم مساعدات عسكرية لمصر، ما يشير إلى أنه كان على استعداد لوضع شروط لتلك المساعدات العسكرية البالغة 1.3مليار دولار والتي تعتبرها مصر كاستحقاق لها منذ عقود. لكن قبل عام ومع تركيز إدارة أوباما على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" استأنفت تسليم المساعدات العسكرية الأمريكية إلى القاهرة بحجة أن التحالف مع مصر أمر حاسم لا يمكن التخلي عنه. وقالت الصحيفة: "منذ ذلك الوقت كثفت مصر من حملتها على الإسلاميين المسالمين والصحفيين المستقلين والناشطين في مجال حقوق الإنسان". وأضافت "يبدو أن السلطات المصرية عازمة على إنهاء عمل اثنين من كبار المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد من خلال تجميد حساباتهم المصرفية بعد اتهامهما بتلقي أموال أجنبية بشكل غير قانوني". وكانت محكمة مصرية بدأت السبت الماضي نظر طلب هيئة تحقيق قضائية بمنع حقوقيين بينهم جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والناشط الحقوقي حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وأسرهم من التصرف في أموالهم، على خلفية تحقيقات تجرى بشأنهم لاتهامهم بتلقي تمويل أجنبي من الخارج بشكل غير قانوني. وأعربت واشنطن عن قلقها إزاء ما وصفته ب"تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر"، بعد قرار فتح التحقيق مع منظمات غير حكومية، وطالبت الحكومة المصرية ب"العمل مع الجماعات المدنية لتخفيف القيود على إنشاء الجمعيات والسماح لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية بالعمل بحرية". وقالت الصحيفة إن الغضب من القمع المتصاعد في مصر دفع كبار الخبراء الأمريكيين المعنيين بالشرق الأوسط، بما في ذلك خبيرين خدما في إدارة أوباما، لحث الرئيس أوباما هذا الأسبوع على مواجهة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ونقلت عن الخبراء قولهم في خطاب أرسلوه لأوباما الأسبوع الجاري إنه "إذا ما سمح لهذا القمع بالاستمرار (في مصر)، سيخرس مجتمع حقوق الإنسان الأهلي الذي نجا من أكثر من 30 عاما من الحكم الاستبدادي، تاركاً قليلا من المصريين، إن وجدوا، أحرارا في التقصي عن الانتهاكات المتصاعدة التي ترتكبها الحكومة". وانتقد الخبراء بشدة، في الخطاب، السجن التعسفي لعشرات الآلاف من المصريين، واستخدام التعذيب والقتل خارج نطاق القانون بما في ذلك مقتل طالب إيطالي مؤخرا يعتقد أنه نفذ بواسطة عناصر أمن الدولة. وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين في الإدارة الأمريكية الذين حذروا من القطيعة مع مصر يبررون ذلك بأن التعاون العسكري الاستخباراتي مع مصر لا غنى عنه، وقال "لقد حان الوقت لتحدي هذا الافتراض.. نهج الأرض المحروقة الذي تتبعه مصر في محاربة المتشددين في سيناء والقمع الخانق قد يخلقا مزيدا من المتطرفين أكثر ممن تحاول الحكومة الحد من تأثيرهم". ونقلت عن تمارا كوفمان ويتس، وهي زميلة في معهد بروكينجز ومسؤولة كبيرة سابقة في وزارة الخارجية، قولها في مقابلة إن "مصر ليست مرتكزاً للاستقرار ولا شريكا موثوقا به". وقالت إن أوباما ومستشاريه قد يستنتجون أن هناك القليل الذي يمكن للولايات المتحدة القيام به لتخفيف الاستبداد في مصر خلال الأشهر القليلة المتبقية له في الحكم، لكن هذا ليس هو الوضع، على أوباما شخصيا أن يعبر للسيسي عن قلقه إزاء الانتهاكات في مصر والنتائج العكسية لعملية مكافحة الإرهاب التي تقوم بها مصر. وتابعت: "لقد كان أوباما مستعدًا لتحدي افتراضات واعتقادات راسخة حول علاقات واشنطن مع دول شرق أوسطية مثل إيران والسعودية. لكنه لم يكن ناقداً بشكل كاف لمصر". وذكرت أنه يجب على الرئيس (أوباما) على مدى الأشهر القادمة أن يبدأ في التخطيط لإمكانية حدوث كسر في التحالف مع مصر.