تحدث موقع "المونيتور" الأمريكي عن أمور جديدة كارثية لمصر, فيما يتعلق بسد النهضة الأثيوبي. وكشف الموقع في تقرير له في 4 مارس, أن "هناك ثغرات خطيرة في وثيقة المبادئ, التي وقعتها مصر والسودان وأثيوبيا العام الماضي", من شأنها أن تؤثر على حصة مصر من مياه النيل. ونقل الموقع عن وزير الري المصري الأسبق الدكتور محمد نصر الدين علام, قوله: "إن وثيقة المبادئ, التي وقعتها مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي تنص على أن سد النهضة, لن يسبب أضرارا فيما يتعلق بالاستخدام المنصف والعادل للمياه في كل دولة، إلا أنه لم يتم تحديد كميات المياه, التي هي عادلة ومنصفة", حسب تعبيره. وتابع أن هناك أمرا آخر أكثر تعقيدا فيما يتعلق بهذه الوثيقة, وهو أنها تتحدث عن الاستخدام المنصف والعادل للمياه من النيل الرئيسي, الذي تشترك فيه كل دول حوض النيل بالهضبة الاستوائية والإثيوبية مع دولتي المصب مصر والسودان، وليس أن يكون هذا الاستخدام المنصف من النيل الأزرق, الذي يبنى عليه سد النهضة، وهو يعني اشتراك بقية دول حوض النيل في التفاوض حول كمية المياه التي تمثل استخداما عادلا ومنصفا لدولتي المصب, مصر والسودان. ووصف علام تصريحات المسئولين في وزارة الري حول عدم تخزين المياه خلف سد النهضة، قبل انتهاء الدراسات الفنية, التي تجري حاليا بواسطة مصر وإثيوبيا والسودان, بأنها "غير منطقية". واستطرد: "الدراسات نفسها من الصعب أن تكتمل، لأن الخلافات تسيطر على كل خطوة من عمل اللجنة الثلاثية، بينما العمل في إتمام أعمال السد وموعد التشغيل التجريبي, ما زالا قائمين". وأضاف: "حتى وإن اكتملت الدراسات الخاصة بتأثيرات سد النهضة على مصر، فمن الصعب التوافق على النتائج". وكان "المونيتور" قال أيضا في وقت سابق إن هناك كوارث لا حصر لها, تنتظر مصر والسودان, وحتى إثيوبيا, بسبب "سد النهضة". وأضاف الموقع في تقرير له في 20 يناير الماضي أن دراسة أعدتها جامعة "كيوتو" اليابانية أظهرت أن هذا السد يعتبر مما سمتها "السدود المسعورة", وهو ما يضاعف من حجم الكوارث المحدقة بالدول الثلاث, تحديدا مصر. وتابع: "السدود المسعورة التي أقيمت على عدد من الأنهار في العالم, هي التي تحجز المياه والطمي خلفها, وتحدث خللا كبيرا في اتزان النهر الطبيعي, ما يتسبب في تداعيات بيئية كارثية". وأضاف: "بسبب سد النهضة, سينخفض مجرى نهر النيل باتجاه مصر والسودان بأكثر من 5 أمتار في غضون عشر سنوات, لأن السد سيؤدي إلى تآكل المجرى النهري, بما يهدد ساحل البحر المتوسط, وبالتالي غرق أراضي الدلتا في شمال مصر". واستطرد الموقع: "الأمر يتطلب من مصر تحديدا اتخاذ تدابير هندسية وبيئية سريعة قبل اكتمال إنشاء هذا السد للحفاظ عل سواحلها على البحر المتوسط من التآكل ". وأشار إلى أن هذا السد سيمنع أيضا وصول الطمي للسودان, وتقليل كميات المياه, التي تصل إلى مصر, ويتبع ذلك تدهور جودة المياه وتلوثها, بالإضافة إلى تقليل كميات الأسماك, وتداعيات سلبية أخرى على الكائنات الثديية والطيور. وتابع: "دولة المنبع (إثيوبيا), ستتضرر أيضا من قيامها ببناء سد النهضة, لأن الطمي سيتراكم داخل بحيرة السد بسبب عدم وجود فتحات كافية عند القاع لتمرير المواد الرسوبية, وهو ما يزيد من احتمالات انهياره, بالإضافة إلى زيادة معدلات البخر والغازات المسببة للاحتباس الحراري, وتدهور المواصفات البيولوجية والكيمائية والفيزيائية للمياه في بحيرة السد". وأوضح الموقع أن الخبير المصري الدكتور سامح قنطوش, أستاذ السدود والمياه بجامعة "كيوتو" اليابانية, والذي بدأ منذ سنوات في إعداد دراسات عن "السدود المسعورة", أكد أن سد النهضة سيترك آثارا بيئية خطيرة على إثيوبيا نفسها، وستطال أيضا البحر المتوسط, فيما سماها "السيناريوهات السوداء". وكانت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية قالت أيضا إن "سد النهضة" الإثيوبي يعتبر بكل المقاييس كارثة لمصر, لأن نهر النيل هو شريان الحياة بالنسبة لها, ويوفر المياه في جميع أنحاء البلاد. وأضافت المجلة في تقرير لها في 14 يناير الماضي أن "ملء خزان سد النهضة, يتطلب كميات هائلة من المياه، ما سيؤثر سلبا على مصر, حيث يتوقع أن تقل إمدادات المياه لها, كما سيتراجع توليد الكهرباء من السد العالي". وتابعت المجلة أن ما يزيد من حجم الكارثة أن حصة مصر في مياه النيل وفقا لاتفاقية 1959، لا تكفي لتلبية النمو السكاني فيها، وكانت البلاد في حاجة لزيادة هذه الحصة, وليس العكس. وأشارت إلى أن حجم الكارثة لا يقف عند ما سبق, حيث تعتزم إثيوبيا أيضا بناء سدود أخرى في الأعوام المقبلة, وهو ما سيجعل مصر عرضة لأخطر سيناريو بشأن المياه. واستطردت المجلة: "سد النهضة بمثابة لعنة تطارد مصر, بينما هو في صالح السودان, لأنه سيستفيد من بعض الطاقة, التي ينتجها هذا السد، كما أنه سيمنع فيضان النيل بأراضيه، ما من شأنه أن يزيد صادراته الزراعية". وكان مسئول بوزارة الري الإثيوبية، أكد في 8 يناير رفض بلاده للمقترح المصرى بزيادة فتحات المياه فى سد النهضة، زاعما أن أديس أبابا أجرت دراسات مكثفة حول المشروع قبل البدء فيه, ولا تحتاج إلى إعادة تصميم لزيادة الفتحات. ونقلت "رويترز" عن هذا المسئول قوله إن قرار إنشاء السد بهذا التصميم جاء نتيجة دراسات مكثفة وضعت فى الاعتبار قبل البدء فى تنفيذه ، مشيراً الى أن الفتحتين الحاليتين فى السد تتيح ما يكفى من المياه لدولتى المصب "مصر والسودان"، وأن إثيوبيا قدمت تفسيرا إلى ممثلي مصر والسودان، فى الاجتماع الذى عقد بأديس أبابا في 7 و 8 يناير بشأن كفاية فتحتي السد في توفير الماء لدولتي المصب. وتابع أن إثيوبيا لا تحتاج إعادة تصميم مشروع السد أو زيادة عدد منافذ المياه إلى 4 , كما طلبت مصر، فى اجتماعات الخرطوم التى عقدت بحضور وزراء الخارجية والمياه في ديسمبر الماضى، مشيراً إلى أن أديس أبابا قدمت كافة التوضيحات للفنيين المصريين والسودانيين بشأن هذا الأمر. وأشار المسئول ذاته إلى أن الفريق الفني الإثيوبى قدم لمصر تقريرا فنيا واضحا وصريحا للرد على كل الأمور الفنية, التي أثارها المصريون، وشرح الرؤية الفنية الإثيوبية بشأن كفاية المخرين الموجودين فى تصميم السد لتمرير المياه الكافية إلى مصر والسودان. وفي 12 فبراير الماضي, قال وزير المياه الإثيوبي موتوا باسادا أيضا إن بلاده لن تتوقف عن بناء سد النهضة ولو للحظة، وإنها ستواصل العمل فيه خلال فترة إجراء الدراسات الفنية والمقدرة بنحو عام. وأضاف باسادا، خلال مقابلة مع "بي بي سي"، أن إثيوبيا ستعمل على افتتاح السد رسميا في موعده المحدد في العام 2017، مشيرا إلى أنه لا يوجد سبب لتأجيل افتتاح السد. ونفى الوزير الإثيوبي الاتهامات الموجهة لبلاده بالمماطلة والتسويف في المفاوضات المتعلقة بالسد, حتى تصبح أمرا واقعا، وقال: "نحن لسنا السبب في التأخير وإنما الخلافات بين الأطراف حول الشركات التي ستجري الدراسات وغيرها من القضايا". وبدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على أراضيها، لكن هناك مخاوف مصرية من أن يؤثر السد على حصتها من مياه النيل, مما حدا بالسودان وإثيوبيا ومصر الدخول في مفاوضات شاقة ومعقدة حول السد والآثار البيئية المحتملة من بنائه.