نافعة: تقارب مصرى مع الحزب الشيعي على حساب السعودية.. النفيس: السفارة المصرية في لبنان على تواصل مع قيادات الحزب.. إدريس: تصريحات خارج السياق أثار وصول وفد من حزب الله اللبناني للقاهرة، لتقديم واجب العزاء في وفاة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، تساؤلات حول دلالة سماح مصر للحزب بالتواجد على أراضيها، في أول زيارة له منذ ثورة يناير 2011، وتجاوزها لإقامة علاقات ثنائية غير معلنة، في ضوء تطابق الآراء في الملف السوري، رغم وجود قضايا تلاحق الحزب اللبناني بمصر قضائيًا. زيارة الحزب اللبناني للقاهرة كان قد أوردها موقع قناة المنار اللبنانية (تابعة للحزب)، ووسائل إعلامية محلية مصرية، الثلاثاء الماضي، لتقديم واجب العزاء في "هيكل"، وذلك عبر وفد رفيع المستوى يضم "مسئول العلاقات الإعلامية بالحزب، محمد عفيف، ومسئول العلاقات العربية حسن عز الدين، والنائب على المقداد". وتعد زيارة حزب الله إلى مصر، الأولى من نوعها منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، فيما تشير الدلائل أن العلاقات بين القاهرة والحزب كانت عدائية في فترة الرئيس الأسبق حسني مبارك (أطاحت به الثورة ذاتها) وما بعده، وصلت إلى حد اعتقال وتفكيك شبكات مرتبطة بالحزب كانت تعمل في مصر في فترات ماضية، بحسب مصادر رسمية مصرية. وفيما رجح محللون أن السماح بالزيارة ل "حزب الله" اللبناني رغم موقف مصر مع الجانب السعودي، ستثير حال وجود مقابلات ثنائية مع مسؤولين مصريين حساسيات وتعقيدات جديدة بين الجانبين المصري والسعودي، رأى آخرون أن الزيارة ليس لها أي دلالة أو تغيير في السياسة المصرية تجاه "حزب الله" إطلاقًا. وتشهد العلاقات السعودية اللبنانية، أزمة متصاعدة إثر إعلان الرياض وقف مساعداتها لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلي اللبناني، بسبب موقفها من إيران وحزب الله اللبناني في المشهد المتأزم حول الرئاسة بلبنان. وشهدت العلاقات المصرية مع حزب الله فترات صعود طفيف وهبوط كثيف خلال السنوات الماضية، متأثرة بطبيعة النظام الحاكم في مصر، فخلال عصر مبارك، كانت العلاقات باردة معظم الوقت، قبل أن تشهد توترًا، بعد تحريض حسن نصر الله الجيش المصري بالتحرك ضد الرئيس المخلوع مبارك. وما تبعه من إعلان السلطات اكتشاف ما يعرف ب "خلية حزب الله" قبل ثورة يناير، واشتعل الموقف حدة عقب هروب العناصر اللبنانية في هذه الخلية، في الأيام الأولى للثورة، واتهام الحزب بالمشاركة في الهجوم على عدد من السجون، وتهريب قيادات إسلامية. وفى ظل صعود الإخوان تحسنت العلاقة، وبدت في طريقها إلى تطورات إيجابية، لكن جاءت 30 يونيو، فتوقف الصعود تلقائيا، وعادت العلاقة إلى مربع الهدوء الحذر الذي يتأثر دومًا بالأجواء الإقليمية، ودور حزب الله في معادلاتها القلقة، وحجم تدخلاته في شئون بعض الدول العربية. مع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي لمقاليد الحكم، شهدت العلاقات مغازلة واضحة من الأول دون أي رد فعل معلن من النظام المصري، حيث خلت خطابات حسن نصر الله زعيم "حزب الله" ولأول مرة من أي هجوم على مصر كسابقيها من الخطابات خلال عهدي الرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي، بل أنه كان دائمًا يبرز النظام المصري على أنه المدافع عن قضايا العربية، ففي خطاب له بعد إعلان السعودية التدخل في اليمن، وجه زعيم حزب الله رجاء للرئيس عبد الفتاح السيسي، والأزهر الشريف، بضرورة التدخل لوقف الحرب على اليمن "عاصفة الحزم"، وشن هجومًا ضاريًا ضد المملكة العربية السعودية وعددًا من الدول. الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يرى أن الموافقة على وصول حزب الله إلى القاهرة يحمل "دلالة سياسية"، مشيرًا أنها تأتي في إطار "زيارة غير مستغربة للتعزية في وفاة هيكل الذي له مواقف مؤيدة لإيران وحزب الله تجاه إسرائيل والصراع العربي الإسرائيلي". وربط نافعة بين وصول حزب الله للقاهرة والعلاقات بينه وبين السعودية التي يصفها بأنها "متأزمة"، لافتًا أن "هذا سيثير حال مقابلة مسؤولين مصريين مع الحزب اللبناني تعقيدات جديدة مع الجانب السعودي". وحول تأثير الزيارة على العلاقات المصرية السعودية، أوضح نافعة: "الزيارة سيكون لها تأثير، خاصة وإن صح استقبال وفد من حزب الله من جانب مسؤولين مصريين، في وقت العلاقات بين السعودية وحزب الله متأزمة إلى هذا الحد، وهو ما قد يثير بعض الحساسيات بين القاهرةوالرياض". وفيما تسعى الرياض للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بأية وسيلة، ترى القاهرة أن الحلول السياسية وليس الحل العسكري هو الأمثل للخروج من الأزمة السورية، في إطار البقاء على المؤسسات ورفض إزاحة نظام بشار، وفق تصريحات رسمية في كلا البلدين، ويحارب حزب الله جانبًا إلى جنب نظام الأسد، المعارضة السورية، ويصر على بقائه. وطالب نافعة كافة الأطراف العربية ب"ألا تفسر الموقف المصري وكأنّه موقف مساند لبشار الأسد أو موقف مساند لتدخل حزب الله أو إيران أو روسيا في الشأن السوري". وقال الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي، إن "علاقة مصر مع حزب الله علاقة طيبة وطبيعية، وهي مستمرة منذ فترة، مضيفًا: "سفارة مصر ببيروت تشهد تواصلاً وتبادلاً للزيارات بينها وبين الحزب كونه أحد الكتل المؤثرة على الساحة السياسية اللبنانية". ودعا النفيس مصر إلى زيادة الانفتاح على كل الدول الفاعلة في المنطقة ولاسيما إيران، موضحًا أن كل دولة مستقلة في رأيها وتفعل ما تراه مناسبًا لها ومحققًا لمصالحها، مشددًا في الوقت ذاته على أن مصر لن تكون تابعة لأحد لأن هناك دولًا في المنطقة تريد أن تكون علاقة مصر بها علاقة التابع بالمتبوع. ورأى الدكتور محمد سعيد إدريس، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أن "زيارة وفد حزب الله لمصر لا تتعدى كونها زيارة لتقديم واجب العزاء في فقيد الصحافة محمد حسنين هيكل"، مستبعدًا أن تكون لها تداعيات سياسية. وقال إدريس، إن "علاقات بين مصر وحزب الله لن تشهد أى تطور، لاسيما أن أحد أعضاء الحزب وملفه معروض أمام القضاء المصري منذ ثورة 25يناير بعد هروبه من السجن". وتابع: "لايوجد توجه مصري جديد فى علاقتها مع إيران فى ظل عدم حدوث تحولات إيجابية فى العلاقات العربية الإيرانية أو مواقف إيران من بعض القضايا العربية، والتي تتخذ مصر فيها كأولوية فيما يتعلق بأمن الخليج أو ما يتعلق بالجزر الإماراتية أو ما يتعلق باتهامات للبحرين لإيران بالتدخل فى شئونها الداخلية". ووصف الخبير بالشأن الإيراني، تصريحات مسئولي حزب الله عن العلاقات مع مصر بأنها "خارج السياق" وأنه ليس هناك ما يبرر مثل تلك التصريحات، مرجعًا ذلك لعدد من الاحتمالات، "ربما تأتى لتودد حزب الله لحكومة المصرية، وإرادة الحزب بأن تكون هناك علاقات جيدة مع مصر، أو ربما نوع من الثناء على التحفظ المصري على أي تدخل عسكري بري فى شئون العرب الداخلية خاصة الأزمة السورية ورفض القاهرة للتدخل البري في شئون سوريا". وقال الدكتور علاء سعيد، المتحدث باسم "ائتلاف الدفاع عن الصحب آل البيت" المناهض للشيعة، إن "الموقف المصري من حزب الله لم يتغير حيث مازالت الحكومة تعتبر الحزب حزبًا إرهابيًا". ورأى أن "قدوم قيادات ب "حزب الله" إلى مصر كان بصفتهم الشخصية، ولم تكن لتقديم واجب العزاء في هيكل فقط، وإنما كان لبث رسالة للشعب المصري مفادها أنهم يمتلكون علاقات متميزة مع الحكومة المصرية وأن حزب الله دولة مستقلة". وتحدى ما يروجه "حزب الله" حول أنه توجد علاقات مفتوحة مع مصر، قائلاً: "أتحدى أن ينشروا صورة واحدة تجمعهم بمسئول مصري حتى ولو كان رئيس حي للتأكيد كما يزعمون على أنه توجد علاقات مع مصر". وتساءل: كيف يتم الترويج لعلاقات مصرية مع حزب الله في الوقت الذي يتم فيه عرض متهمين من الحزب أمام المحاكم المصرية؟ مؤكدا أن الدولة المصرية تتعامل مع دول ولا تتعامل مع مؤسسات داخل الدول ولا مع أحزاب بصفة شخصية.