استمعت للدكتور مراد وهبة أستاذ الفلسفة بكلية التربية جامعة عين شمس، فى ندوة منذ عامين ولاحظت قدرته الهائلة على اللعب بالكلمات واستخدام مصطلحات براقة تنطلى على المقلدين وأنصاف المثقفين ممن ينخدعون بالطنطنة التى أشبه ما تكون بالجعجعة الفارغة فيلوكونها بألسنتهم ويدغدغون بها مشاعر القارئ البسيط فيما يكتبون أو يتداولونها فى برامجهم الفضائية والإذاعية ترديدا كالببغاء بغير وعى ولا فهم حقيقى لمضمونها حتى يثبتوا للعامة أنهم مثقفون بارعون ويستخدمون مصطلحات ضخمة تجذب انتباه البسطاء وهؤلاء المقلدون بكل أسف منتشرون فى حياتنا بصورة مزعجة خصوصًا فى مجال الإعلام المرئى والمسموع والمقروء وإذا دخلت فى نقاش علمى مع واحد منهم يجادلك بجهله ويتطاول عليك بصفاقة لا يحسد عليها. وأذكر أننى فى تلك الأمسية لم أستطع صبرا على ما يقوله دكتور وهبة فاشتبكت معه أكثر من مرة فى مداخلة لم يستطع أن يكظم غيظه وحنقه من كشفى لخبث مراميه ولا بتلاعبه البراق بالكلمات واستخدام المصطلحات بخبث وسوء طوية فانفجر غاضبًا مدعيا أننى أتهمه لإحراجه أمام الجمهور وأوجه له تهمًا بقصد التشويه والتحريض فتدخل صاحب الصالون لفض الاشتباك أكثر من مرة بعمل فاصل موسيقى لتهدئة الموقف وأذكر كان من بين الحضور الكاتب الصحفى الصديق الأستاذ مؤمن الهباء، وهو كاتب صحفى مثقف وواع وكان يؤكد على حقى فى الاختلاف مع دكتور وهبة ومطالبتى له بتفسير مصطلحاته الغامضة وتوضيح مدلولاتها معانيها فى الفكر الغربى فعلى سبيل المثال يستخدم كثيرا مصطلح العقلانية وهو مصطلح غربى يقصد به التفكير المناقض للفكر الدينى والرافض له لأن العقلانية الغربية لدى العلمانيين الغربيين ترى الدين باعتباره أسطورة أو مخدرا للسيطرة على الأمم والشعوب كما هو الحال لدى المذاهب الأيديولوجية الرافضة للدين كالماركسية أتباع كارل ماركس مؤسس الشيوعية والداروينية أتباع دارون الذى يرى أن الإنسان سلسلة من التطور نشأة عن كائنات أخرى كالقردة العليا وهو ما يتناقض مع قضية الخلق الواردة فى الأديان وفى القرآن الكريم وغيرها وأذكر أننى هممت لكتابة كتاب فى الرد عليه لتوضيح أهدافه من تلك الحملة المزعومة باسم التنوير والعقلانية والزج باسم فيلسوف كبير كابن رشد لتمويه على الناس ثم تراجعت حتى لا يكون ذلك سببا فى شهرة أفكاره التى تنحصر بين فئة محدودة من الجماهير، ولكنى لاحظت أنه تفتح له صفحات الصحف ليهزى بأفكاره الهدامة فى العديد من الصحف وفى البرامج الفضائية وأزعجنى ما سمعته منه فى برنامج استديو 27 على الفضائية المصرية ليلة الأحد 8 يناير يردد نفس المصطلحات التى تحمل حقدا وعداء ظاهرا للإسلام ولحضارته وفكره فهو يرى أن الثورة قام بها شباب تنقصهم القيادة الفكرية التنويرية وأن التيارات الدينية كالإخوان والسلفيين استغلوا الثورة وخطفوها لأنهم منظمون وسيدخلون بنا فى العصور الوسطى الظلامية لأن العصور الوسطى فى الغرب تعنى حكم الكنيسة واضطهاد العلم والعلماء وتكفيرهم وأننا بعد نجاح هذه التيارات الدينية المعادية للعقلانية وللعلم سوف نظل تحت سيطرة هذه التيارات الظلامية حتى تنجح الثورة فى إنتاج قيادة ونخبة تنويرية حقيقة من الفلاسفة أمثال دكتور وهبة من أتباع عقلانية ابن رشد وليس من أتباع ظلامية ابن تيمية لتتمكن هذه النخبة التنويرية العقلانية الرشدية المراد وهبية من قيادة الشباب الواعى لإحداث ثورة فكرية تقود الجماهير للتقدم بعيدًا عن ظلامية هذه التيارات الدينية قلت مازال الرجل رغم تقدمه فى السن يهزى بكلامه القديم ولا يحيد عنه والغريب أن مقدمى البرنامج وهو مذيع شاب ومذيعة شابة كانا يتعاملون مع مراد وهبة كنبى مرسل ولكن بكل أسف نبى كاذب ومدع يبشر بالعدم فيخاطبونه بتقدير كبير وينظرون له بانبهار أشد مخدوعين بشنشنته ومصطلحاته البراقة التى يخدع بها السذج من أمثال هؤلاء المذيعين الذين لا يفقهون شيئا من حقيقة هذه المصطلحات التى يرددها والتى تقطر سما وحقدا ضد الإسلام وفكره وحضارته لم أملك إلا أن أردد قوله تعالى "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". الغريب فى الأمر أن أمثال هؤلاء من أصحاب الأجندات الخفية فى بلادنا باسم التنوير والثقافة والفكر التقدمى يتجاهلون التجارب الإسلامية المعاصرة التى أبهرت العالم فى تقديم نماذج مشرقة فى التنمية الاقتصادية والمجتمعية كما هو الحال فى ماليزيا وتركيا والتى استطاعت أن تنتشل مجتمعها من التبعية والديون والتخلف لصف الدول المتقدمة والمستقلة فكريا واقتصاديا وعلميا. رئيس قسم الفلسفة الإسلامية كلية دار العلوم/ جامعة الفيوم