مهران: لرغبته فى إعادة انتخابه.. خبير اقتصادي: ضغط الرئيس على منفذى المشروعات يُفشلها.. وسالم: ثقته فى قدرات القوات المسلحة دفعته لذلك "الوقت من ذهب" يبدو أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يعتمد على ذلك المثل عند تدشينه معظم المشاريع منذ أول مشروع فى أغسطس 2014، ويظهر ذلك جليًا من خلال إصراره ومقاطعته المستمرة للقائمين على تنفيذ المشروعات التى وصلت إلى 7، وذلك عند إعلانهم عن المدة الزمنية للتنفيذ، ومطالبته لهم بضغط المدة الزمنية، نذكر من ذلك أبرزهم، حيث كانت البداية مع مشروع تفريعه قناة السويس عام 2014، حين قاطع السيسى الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، خلال احتفال تدشين تفريعه القناة، بعد إعلانه أن المدة المقررة لتنفيذ المشروع هى 3 سنوات، حينها وجه السيسى أمرًا بأن يكون المشروع خلال عام. ولا يختلف مشروع العاصمة الإدارية الذى أعلن عن إطلاقه فى مارس الماضى قبل توقفه لاحقا عن سابقه، حيث فوجئ السيسى أثناء الشرح التفصيلى بطول مدة الانتهاء من المشاريع ل10 سنوات، قابله السيسى قائلاً: "10 سنين إيه إحنا مش شغلنا كده، ولا ينفع 10 سنين ولا 7 كمان، وكده المدة الزمنية طويلة جدا". وبعد توقف المشروع أوضح السيسي، أن "الإشكالية والجدال فى بناء العاصمة الإدارية الجديدة، هو أن القائمين على بناء العاصمة الجديدة يريدون إتمامها من 5 ل7 سنوات، لكننى أريد أن ينجز فى عامين فقط". ويأتى مشروع تنمية شرق التفريعة ببورسعيد الذى تم تدشينه فى 28 نوفمبر الماضي، ليؤكد شغف الرئيس بتخفيض الوقت المقرر للتنفيذ، بعد مقاطعة السيسي، حديث اللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، خلال عرض مشروعات تنمية منطقة شرق بورسعيد، متسائلا عن مدة تنفيذ المشروع، فأجابه "الوزير" بأن المشروع سينتهى خلال ثلاث سنوات، فرد السيسي: "مش كتير 3 سنين"؟ من جانبه شرح "الوزير" ضرورة تنفيذ المشروع خلال ثلاث سنوات، فطالبه السيسى بتنفيذه فى عامين فقط، قائلا: "أنا هاسمحلك بسنتين". وأخيرا مشروع استصلاح المليون ونصف مليون فدان بالفرافرة، الذى انطلق قبل أيام، حيث كلف السيسى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالانتهاء من كل أعمال الطرق والأعمال الإنشائية الخاصة بالمشروع الكامل فى غضون عامين فقط، بعد أن كان مقررًا لها سبع سنوات. وقال الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن السيسى يسعى ليصنع لنفسه تاريخًا من خلال الإنجازات الكثيرة التى تتحدث عنه، خاصة مع استشعاره ضيق الوقت لأن مدة الرئاسة قصيرة، ولذلك يريد أن يحقق أكبر عدد من الإنجازات والمشروعات فى أقل مدة زمنية ممكنة. وأرجع مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والاستراتيجية ل"المصريون"، تركيز السيسى على إنجاز المشروعات خلال أقل وقت لثلاثة أسباب، الأول لكى يذكره التاريخ أن عهده كان مليئًا بالإنجازات. وتابع: أما السبب الثانى فيكمن فى أمله لإعادة انتخابه مرة ثانية، وذلك بعد تحقيقه إنجازات خلال فترته الأولى تؤهله لذلك. وأشار مهران إلى أن السبب الثالث هو ليؤكد أن الدعم والتمويل الذى تتلقاه مصر من الخارج يتم إنفاقه بالصورة التى تحقق أحلام ومتطلبات الشعب المصري. ورأى أن الرئيس يتدخل فى أمور ليست من تخصصاته، موضحًا أن ذلك ربما يعود لطبيعة السيسى الشخصية الذى يتدخل فى كل الأمور، فضلاً عن تدخله فى كل التخصصات سواء كان على دراية علمية بها أو لا، مشيرًا إلى أن السيسى يرى أن تدخله المباشر فى المشروعات الوسيلة الوحيدة لإنجازها، الغرض منه تشكيل نوع من الضغط الأدبى والمادى على المسؤولين لإنجاز المشروعات التى يسعى لتحقيقها خلال أقل فترة ممكنة ليظهر للشعب أن مصر كانت تحتاجه فى ذلك الوقت. ولفت الخبير السياسي، إلى أن ضغط الوقت سلاح ذو حدين، الجانب الإيجابى منها أنه سيحقق مشروعات تنموية وبنية تحتية خلال مدة زمنية قصيرة، أما الجانب السلبى أن المشروعات بسبب سرعة إنجازها ربما لا يتم تأسيسها بالصورة التى تؤكد استمرار حياتها، مشددًا على ضرورة أن يكون أساس تلك المشروعات ذات عمق بعيد على الجانب التخطيطي والدراسة العلمية المنهجية لكى نستطيع من خلالها تأكيد أن هذه المشروعات يمكن الاستفادة منها لفترات زمنية بعيدة ولاحقة على فترة الرئيس السيسي. وعلى الجانب الاقتصادي، وتأثير تقليص الوقت على مشروعات التنمية، أوضح ممدوح الولى الخبير الاقتصادي، أن تدخل السيسى فى تخصصات لا علاقة له بها يؤثر على نجاح المشروعات، مشيرا إلى أن تحديد الوقت يكون مبنيًا على دراسات جدوى يقوم بها متخصصون فى المجال، مؤكدا أن اعتراض السيسى الدائم على الفترة الزمنية لأى مشروع يرجع لإظهاره على الجانب السياسى على أنه ينجز، واصفًا تدخل السيسى ب"غير علمي"، فضلا عن عدم منطقيته من الناحية الفنية. وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن ضغط السيسى على المتخصصين لتقليص الوقت قد ثبت خطاه فى مشروع افتتاح قناة السويس، منوها بتنبيهات الخبراء قبل الإعلان عن تدشين تفريعة قناة السويس، الذين أكدوا عدم جدية المشروع خلال الوقت الحالي، إضافة إلى ما تم إعلانه بشأن تكلفة الكبيرة للشركات الأجنبية التى كانت مهمتها تكرير وحفر تفريعة القناة، حيث فضلوا لو كانت تلك المبالغ تم صرفها لإنشاء أسطول فى قناة السويس كان سيحقق إيرادات أعلى من التفريعة. واعتبر الولي، أن الحكومة استعجلت فى مشروع تفريعة القناة، خصوصا بعد أن جاءت إيرادات القناة منخفضة بالمقارنة بالعام الذى سبق افتتاحها. ونوه بأن معظم خبراء التخطيط العمرانى أكدوا مع الإعلان عن تدشين العاصمة الإدارية الجديدة، عدم احتياج مصر إليها، خاصة أن العاصمة ستبلغ تكلفتها عشرات المليارات فى وقت يعانى فيه الاقتصاد من نزيف، فضلاً عن أن تلك المليارات كان المفترض بذلها لتحسين العشوائيات وتحسين الطرق. وعن مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، قال إن المشروع بدأ دون دراسات جدوى وبطريقة عشوائية، وذلك بناء على تصريحات المسؤولين، مشيرًا إلى أن وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى، أكد الشهر الماضي، أن شركة الريف المصرى الجديد، المنوطة بإعداد دراسة جدوى ستكتمل بنهاية ديسمبر، ما يعنى أن المشروع بدأ دون دراسة. واستنكر الولى تدخل السيسى فى تفاصيل وتخصصات فنية للمشروعات الغرض منها إظهاره ناجحًا من الناحية السياسية، محذرًا فى الوقت ذاته من أن ضغط الوقت، فضلاً عن التهاون فى عدم البناء على دراسات الجدوى للمشاريع قد يؤدى لكارثة، إضافة إلى أنه يعد إهدارًا للمال العام. وبدوره، عزا اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية، إصرار الرئيس على سرعة إنجاز المشروعات الكبرى التى تقوم بها الدولة خلال الفترة الحالية لعدة اعتبارات، أولها: الاستفادة الاقتصادية السريعة فى ظل وضع اقتصادى مترد يعانى منه المواطنون، ثانيًا ارتفاع الأسعار، فإتمام المشروع فى فترة أقصر ستكون تكاليفه أقل من إذا استمر تنفيذه لفترة أطول، ثالثا أن هذا يساعد فى توفير حل سريع لمشكلة البطالة التى يئن منها قطاع كبير من الشباب المصري. وأضاف رئيس جهاز الاستطلاع: كما أن الرئيس يدرك جيدا قدرات جيشه وإمكانياته، فضلاً عن ثقته فى قدرات شعبه، وعلمه بأنه يستطيع بالجيش والشعب أن يخوض تحديا أمام العالم، لافتا إلى أن السيسى على دراية بأن إنجاز تلك المشروعات فى وقتها الطبيعى يأخذ أكثر من سنوات طويلة، لكنه مع ذلك يثق فى قدرات القوات المسلحة على إنهاء المنظومة التنموية فى أقل وقت ممكن. ولفت سالم إلى أن هذا ربما يفسر اتخاذ الرئيس مثل هذه الخطوات التى يبدو فى ظاهرها التعجل والسرعة، ولكن هى فى الأساس تهدف إلى رسم صورة إيجابية لدى المجتمع الدولى عن الشعب المصري، وإبراز قدرته على العمل والإنتاج وتنفيذ المشروعات الكبيرة بدقة وسرعة، ما يساعد أيضًا فى استقدام الاستثمارات الخارجية، والقدرة على الدخول فى مفاوضات مع صندوق النقد أو البنك الدولى فى حالة الاحتياج لذلك.