مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    "نيويورك تايمز": ترامب ربط سلوك ماسك غير اللائق بال"مخدرات"    أمريكا تدرس دعم مؤسسة "غزة الإنسانية" بنصف مليار دولار    "إذا حدث كذب".. متحدث الزمالك ينشر "حديث" تزامن مع تصريحات زيزو    حمدي فتحي: قرار مشاركتي بكأس العالم جاء بالتنسيق مع الخطيب    «الداخلية» تكشف حقيقة اقتحام منزل سيدة وسرقتها بالجيزة    ليلة من الفن الأصيل تجمع بين فنان العرب محمد عبده والمايسترو هانى فرحات (صور)    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    أوكرانيا: أمامنا 12 شهراً لتلبية شروط التمويل الكامل من الاتحاد الأوروبي    اليونسيف: هناك غضباً عالمياً مما يجري في غزة.. واستخدام الجوع سلاحا جريمة حرب    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 7 يونيو 2025    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    حسام المندوه: تعاقدنا مع الرمادي لهذا السبب.. وسنعيد هيكلة الإدارة الرياضية في الزمالك    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    محمد الشناوي: الزمالك هو المنافس الحقيقي ل الأهلي وليس بيراميدز    مبالغ خيالية.. إبراهيم المنيسي يكشف مكاسب الأهلي من إعلان زيزو.. وتفاصيل التعاقد مع تركي آل الشيخ    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم السبت 7 يونيو بالصاغة محليا وعالميا    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    للمسافرين ثاني أيام العيد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى المحافظات السبت 7 يونيو    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    يسرا توجه رسالة إلى تركي آل الشيخ بسبب فيلم «7 Dogs»: نقلة نوعية للسينما    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    تجارة الخدمات بالصين تسجل نموًا سريعًا في أول أربعة أشهر من عام 2025    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. 42 شهيدا بغزة منذ فجر أول يوم العيد.. انتخابات مبكرة بهولندا في 29 أكتوبر المقبل.. إسقاط مسيرة استهدفت موسكو.. وبوتين يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    فيفا يدخل ابتكارات تقنية غير مسبوقة فى كأس العالم للأندية 2025    ولي العهد السعودي: نجاح خدمة ضيوف الرحمن نتيجة جهود الدولة في رعاية الحرمين والمشاعر المقدسة    "الخارجية الفلسطينية" تُرحب برفع عضوية فلسطين إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بصورة مع والدته.. حسن شاكوش يحتفل بعيد الأضحى    اليوم.. فرقة رضا فى ضيافة "هذا الصباح" على شاشة إكسترا نيوز    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    بعد غياب 5 سنوات، مفاجأة في لجنة تحكيم "ذا فيوس كيدز" الموسم الجديد    زيزو: جمهور الزمالك خذلني وتعرضت لحملات ممنهجة لتشويه سمعتي (فيديو)    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    رئيس الشئون الطبية ب التأمين الصحى يتفقد مستشفيى صيدناوي والمقطم خلال إجازة العيد    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلايب....في انتظار رجل كبير
نشر في المصريون يوم 30 - 12 - 2015


(1)
حلايب مثلث من الأرض محصور بين البحر وبين الأراضي المصرية شمالًا والأراضي السودانية جنوبًا، تتنازعه مصر والسودان، كل منهما تؤكد أنه تابع لها وأنه جزء لا يتجزء من ترابها الوطني، مساحته حوالي 20,000 كيلومتر مربع (تمثل 2% من مساحة مصر وأكثر قليلًا من 1% من مساحة السودان)، ويظهر هذا النزاع الحدودي في معظم الخرائط العالمية التي تصل عند الحدود المصرية السودانية في هذه المنطقة وترسم خطي حدود !!، أحدهما يمثل وجهة النظر المصرية والآخر يمثل الخط السوداني، وتصبح هذه الخرائط نفسها دلالة على استدامة النزاع وتواصله.

(2)
تسيطر القوات المصرية حاليًا على معظم مساحة هذا المثلث الحدودي، مع وجود للقوات السودانية في بعض أرجائه محاطة بالقوات المصرية، وهذا هو ما عليه الحال منذ أواسط التسعينات (تحديدًا منذ 1995).

(3)
هذا المثلث لم يستغل – ولا يستغل – ولن يستغل - إلا في إثارة النزاع بين الشقيقتين التي لا يمثل هذا المثلث لهما في الواقع إلا مجالًا لإثارة النزاع وتأزيم العلاقات والمزايدات السياسية وإثارة الأحقاد والفتن، وتفويت الكثير من أجل سراب، وإنفاق الأموال على قوات محتشدة بعيدة عن ديارها وعن أعدائها الحقيقيين، ومحتشدة الأخ ضد أخيه في أجواء تسخن أحيانًا وتبرد أحيانًا، ولكن من يدري، معظم النار من مستصغر الشرر.

(4)
ولإلقاء نظرة على أصل الموضوع وعلى تداعياته يحسن أن نعود لمقالة نشرت في جريدة (المصريون) للأستاذ صفوت حسين، يوم 11 / 04/2013، يقول فيها:
- تحققت وحدة وادي النيل على يد محمد على بفتح السودان، (واستمرت) بين عامى 1820- 1882، وكان (السودان) يتكون من عدة ممالك وسلطنات أهمها مملكة الفونج الإسلامية.
- وقد استمرت وحدة وادي النيل حتى الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882، والذي استغل أحداث الثورة المهدية في السودان لإجبار مصر على الانسحاب من السودان، وهو ما تحقق بالفعل بعد سقوط الخرطوم في يد المهدي عام 1885 .
- وقد أدى انسحاب مصر من السودان إلى تكالب الدول الأوربية على ملحقات السودان في اريتريا والصومال وبحر الغزال وخط الاستواء وأوغندة، والتي كانت تخضع جميعها لمصر لذا قررت بريطانيا حرصا على مصالحها استرجاع السودان، وهو ما تحقق بالفعل من خلال الحملة العسكرية المصرية البريطانية المشتركة على السودان التي استمرت من 1896 – 1898 .
- وقد فرضت بريطانيا على مصر عقب استرداد السودان نظاماً لحكم السودان عرف بنظام الحكم الثنائي، والذي وضع أساسه اللورد كرومر، والذي صرح بأنه "من الممكن للسودان ألا يصبح إنجليزيا ولا مصريا بل يكون إنجليزيا مصريا"
- وقد ترجمت هذه النظرية من خلال اتفاقية الحكم الثنائي 1899 والتي نصت المادة الأولى منها على "تطلق لفظة السودان في هذا الوفاق على جميع الأراضي الكائنة إلى جنوبي الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض ..."
- لقد جاءت هذه المادة لتكرس الانفصال بين شطري وادي النيل بوضع حدود مصطنعة بين مصر والسودان لأول مرة منذ تحقيق وحدة وادي النيل في عهد محمد على في الوقت الذي تجاهلت فيه الاتفاقية تحديد باقي حدود السودان تنفيذا للسياسة البريطانية القائمة على فصل جنوب وادي النيل عن شماله .
- لقد ترتب على وضع هذه الحدود المصطنعة لأول مرة بين مصر والسودان ظهور بعض المشكلات على أرض الواقع حيث قسمت هذه الحدود قبائل البشاريين والعبابدة المنتشرة على خط الحدود الى نصفين لذلك تدخل ناظر "وزير " الداخلية المصري لإصدار عدد من القرارات عام 1899و1902و1907 لتحقيق وحدة القبائل، وما يعنينا هنا دون الإغراق فى التفاصيل التاريخية هو القرار الذي أصدره وزير الداخلية مصطفى باشا فهمي بإلحاق أراضى قبيلة البشاريين شمال خط عرض 22 في منطقة حلايب وشلاتين الخاضعة لمصر للإدارة السودانية .
- ومنطقة حلايب عبارة عن مثلث يقع فى الجنوب الشرقى لمصر وتبلغ مساحته أكثر من عشرين ألف كيلو .
- وكان هذا القرار هو الأساس لمشكلة حلايب، والتى لم تظهر الى النور إلا عندما تقرر إجراء الانتخابات البرلمانية فى السودان فى27 فبراير1958 حيث تم إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية للسودان فى نفس الوقت الذى كان مقررا إجراء الاستفتاء على الوحدة المصرية السورية فى 21 فبراير، وقد أرسلت مصر مذكرة الى السودان فى29 يناير1958 تعترض على إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، واعتبرت هذه الخطوة خرقا للسيادة المصرية كما أرسلت مذكرتين فى فبراير 1958 تؤكد على إجراء مصر الاستفتاء على الوحدة فى حلايب، وأرسلت مصر الى حلايب لجنة لأخذ رأى المواطنين فى حراسة قوة عسكرية .
- ومن هنا ظهرت المشكلة بين السودان ومصر على مثلث حلايب، وقد لجأت حكومة حزب الأمة السودانى، والتي كان يرأسها عبد الله خليل إلى رفع شكوى إلى مجلس الأمن مدفوعا بموقف حزب الأمة المعادى لمصر، وسعيا لاستغلال الموقف لتحقيق مكاسب انتخابية، وإلهاء الشعب السودانى عن المشكلات التى يعانيها ،وقد انعقد مجلس الأمن فى 21 فبراير فى توقيت غير مناسب لمصر نتيجة عداء الغرب للسياسة المصرية، والموقف المعادى للوحدة المصرية السورية، وأعلنت مصر فى مجلس الأمن تأجيل تسوية الموضوع الى ما بعد الانتخابات السودانية ،وبناء على ذلك أجل المجلس اتخاذ أى قرار فى هذا الشأن وإن ظلت القضية مطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن .
- وقد كان لهذا الموقف أثره على الانتخابات البرلمانية حيث فاز حزب الأمة بالانتخابات، وبدا كأنه انتصر فى حلايب بعد أن تم تجميد الموقف .
- وقد تعرضت مشكلة حلايب منذ ذلك الوقت للمد والجزر، والشد والجذب بين الدولتين وفقا للعلاقات القائمة بين النظامين الحاكمين ففى حالة تحسن العلاقات بين القاهرة والخرطوم تختفى المشكلة، وفى حالة سوء العلاقات يتم استدعاء المشكلة وتصعيدها فضلا عن توظيف هذه القضية من جانب النظام الحاكم للحصول على التأييد الشعبى
- ولذلك فإنه فى أعقاب مشكلة 1958 توارت المشكلة تماما من الساحة بعد الانقلاب العسكرى الذى قاده عبود 1958 فى السودان ثم شهدت العلاقات تحسنا فى عهد جعفر نميرى (1969 – 1985) الذى تصاعد فيه الحديث عن التكامل بين البلدين، وبعد الانقلاب الذى قاده سوار الذهب على النميرى عام 1985، وإجراء الانتخابات تولى زعيم حزب الأمة الصادق المهدى الوزارة عام 1986 حيث ساءت العلاقات فى عهده مع مصر، ثم وقع انقلاب البشير في يونيو1989، والتى رحبت به مصر فى البداية، ولكن سرعان ما توترت العلاقات بين مصر والسودان بعد أن تكشفت العلاقة بين البشير وحسن الترابى زعيم الجبهة القومية الإسلامية، وما ترتب عليها من دعم السودان للإسلاميين بالإضافة الى ازدياد وتيرة العلاقة بين السودان وايران، وفى ظل الأجواء المتوترة بين البلدين طفت على السطح مشكلة حلايب مرة أخرى وبقوة عام 1991 بعد أن منح السودان إحدى الشركات الكندية حق التنقيب عن البترول فى حلايب، وسمح لبعثة يابانية بالتنقيب على الآثار بها ،وهو ما اعترضت عليه مصر واعتبرت الخطوات التى قامت بها السودان اخلالًا بالسيادة المصرية على حلايب، وقامت مصر بطرح مزايدة للتنقيب عن البترول فيها، وأعلنت عن خطة لتعمير حلايب، وهو ماردت عليه السودان بخطة مماثلة، وحاولت كل دولة أن تدعم وجودها على الأرض .
- وقد جرت اتصالات دبلوماسية بين البلدين لإحتواء المشكلة وتم تشكيل لجنة برئاسة وكيلى وزارة الخارجية فى البلدين، وقد عقدت اللجنة اجتماعين لتسوية المشكلة ، الأول فى مارس 1992، والثانى فى اكتوبر 1992، دون أن يتم التوصل الى أى نتائج ، وفى ديسمبر 1992 رفعت السودان الأمر الى مجلس الامن مؤكدة على أن حلايب سودانية متهمة مصر باتخاذ إجراءات لتغيير هوية وضع المنطقة بحيث تصبح فى النهاية تابعة لمصر، وعلى رأس هذه الاجراءات التى ذكرتها السودان توغل القوات المصرية فى حلايب .
- وقد ردت مصر بمذكرة لوزير الخارجية المصرية انذاك عمرو موسى أكد فيه على سيادة مصر على حلايب، وأن القوات المصرية لم تتجاوز خط 22 الذي يشكل الحد الفاصل بين مصر والسودان ويعتبر هذا الخطاب وثيقة هامة تعبر عن وجهة نظر مصر الرسمية من حلايب .

وتستند الدولتان فى موقفهما على حجج وأسانيد مختلفة فالجانب السودانى يستند الى:.
- أن حلايب ظلت تحت الحكم السودانى طوال 56 عاما من 1902 – 1958
- أن مصر لم تثر الأمر فى اتفاقية الحكم الذاتى الخاصة بالسودان بين مصر وبريطانيا عام 1953 وكذلك بعد اعلان استقلال السودان 1956
- بعد مشكلة عام 1958 أجريت الانتخابات وتم انتخاب نائب عن حلايب فى البرلمان السودانى ،وكانت الانتخابات التالية تشمل حلايب، ولم تثر مصر موضوع النزاع، وهو مايعنى أن مصر قبلت الأمر الواقع ، وأن السودان واصل ممارسة حق السيادة ة والادارة مستندا على حق قانونى واضح.
- أن الغرض من ضم هذه المنطقة للسودان مازال قائما وهو المحافظة على وحدة قبيلة البشاريين.

أما الجانب المصرى فيستند الى :.
- أن الحدود تحددها الاتفاقيات الدولية وقد حددت اتفاقية الحكم الثنائى الحدود بين مصر والسودان بخط عرض 22
- أن قرارى وزير الداخلية بضم بعض المناطق الداخلة ضمن الحدود المصرية شمال خط 22 تحت الادارة السودانية وبعض المناطق الداخلة ضمن الحدود السودانية جنوب خط 22 تحت الإدارة المصرية كان لأسباب إنسانية تتعلق بالقبائل المنتشرة على جانبى خط الحدود دون مساس بهذا الخط، وقد أوضح وزير الداخلية الغرض من القرارات، وهو تحديد مناطق عربان مصر والسودان لصالح الأشغال الادارية، وهو ما يؤكد الطبيعة الادارية المؤقتة لهذه الترتيبات، كما أن الوزير الذى أصدر القرار ومدير اسوان الذى أوكل إليه تنفيذ القرار هما موظفان فى الحكومة المصرية .
- جميع الخرائط المصرية منذ اتفاقية الحكم الثنائي تظهر خط 22 كحدود سياسية بين البلدين
- أن بقاء حلايب تحت الإدارة السودانية لا يرتب أى حقوق للسودان، ويمكن تقسيم فترة ال56 عاما التى خضعت فيها حلايب للسودان الى ثلاث فترات :.
- الأولى من 1902 الى 1953 حيث كانت السودان خاضعة للحكم الثنائى وبالتالى كانت خاضعة للسيادة المصرية، وعلى هذا الأساس جاء قرار وزير الداخلية عام 1902 باعتبار مصر والسودان بلد واحد، ولذلك لم يثر قرار الوزير أى مشكلة خاصة وأن مطالب الحركة الوطنية المصرية كانت الاستقلال ووحدة وادى النيل
- الثانية الفترة من 1953حتى يناير 1956، وهى الفترة الانتقالية التى حددتها اتفاقية الحكم الذاتى لتقرير مصير السودان، وكان الاتجاه الغالب فى السودان هو خيار الوحدة بين البلدين، وهو ما تجلى فى فوز الحزب الاتحادى المؤيد للوحدة فى الانتخابات لذلك لم يكن ملائما أن تثير مصر هذا الأمر
- الثالثة من يناير 1956 حتى يناير 1958 وهى الفترة التى امتدت من إعلان السودان حتى إثارة المشكلة، وهى سنتان وهى فترة قصيرة لا يمكن أن يترتب عليها حقوق للسودان فى حلايب، كما أنه كانت توجد حساسية فى العلاقة بين البلدين بعد قرار السودان بالاستقلال ولذلك ربما فضلت مصر عدم إثارة هذا الموضوع فى تلك الفترة، ولا يعنى هذا إقرار مصر بحق السودان فى حلايب بدليل اعتراض مصر على ادخال السودان حلايب ضمن الدوائر السودانية.
- أن مصر قبلت تأجيل مناقشة المشكلة عام 1958 الى أن تسمح ظروف السودان مع الأخذ فى الاعتبار تعهد السودان بعدم اتخاذ اشتراك سكان المنطقة من السودانيين فى الانتخابات السودانية كبينة وحجة لتاكيد سيادتها على المنطقة
- أن مصر لم تنقطع عن ممارسة سيادتها على حلايب منذ اتفاقية الحكم الثنائى حتى الآن ويتجلى ذلك فى التواجد الأمنى والإدارى وممارسة أنشطة تعدينية منذ 1915، واصدار مصر قرارات التنقيب سواء للشركات المصرية أو السودانية الى غير ذلك من مظاهر السيادة
- وقد اشتعل الموقف مرة أخرى مع المحاولة الفاشلة لأغتيال الرئيس السابق مبارك فى أديس أبابا عام 1995 وإتهام السودان بالوقوف وراء محاولة الأغتيال وتوتر العلاقات بين البلدين، وقيام مصر بفرض سيطرتها التامة على حلايب.
- وبعد سنوات من القطيعة وفى ديسمبر عام 1999 زار البشير مصر بناء على دعوة من الرئيس السابق حيث اتفق الطرفان على اتخاذ عدة خطوات لتحسين العلاقات بين الدولتين وفيما يخص حلايب اتفق الرئيسان على ضرورة حلها في إطار أخوي والعمل على اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لتحويل منطقة حلايب إلى منطقة للتكامل بين البلدين
- وأكد الرئيس السوداني أن مشكلة حلايب لن تقف حائلاً دون عودة العلاقات مع مصر إلى مجراها
- ومع تحسن العلاقات بين مصر والسودان خاصة بعد الانفصال بين البشير والترابى إلا أن الأزمة ظلت تطفو على السطح من حين لأخر فى ظل بعض التصريحات الصادرة من الجانب السودانى فقد صرح الرئيس السوداني عمر البشير لصحيفة الوطن القطرية في 17- 8- 2002م بأن منطقة حلايب وشلاتين هي أرض سودانية، مشدداً على أن بلاده لن تتنازل أبداً عن المطالبة بها، وأوضح أن الخرطوم جددت المطالبة بها قبل أشهر قليلة أمام مجلس الأمن الدولي.

(5)
ويختم الأستاذ صفوت مقالته بقوله:
- لا أعتقد أن هناك مصري واحد يقبل بالتنازل عن ذرة تراب واحدة من أرض مصر وقضية السيادة المصرية على حلايب قضية منتهية بالوثائق والمستندات ولا مجال للتفاوض حولها.
- ومع التأكيد على السيادة المصرية على حلايب فإن تجاهل القضية لن يحل المشكلة التي ستطفو على السطح مع أي توتر فى العلاقات بين البلدين أو صدور تصريح من هنا أو هناك لأن السودان يعلن تمسكه بحلايب وقد يلجأ في أي وقت يراه مناسبا له إلى مجلس الأمن، وهو ما يتطلب التفاوض بين البلدين عندما يحين الوقت المناسب لحل هذه المشكلة بشكل نهائي ونزع فتيل هذه الأزمة التي تهدد بإثارة التوتر بين البلدين من حين لأخر بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين فى نطاق سيادة مصر على حلايب (!!!).


(6)
وفي جريدة الشروق 17/10/2009
وفى العادة يطالب الأخوة السودانيون بحسم تبعية حلايب عبر التحكيم كما حدث فى طابا، ولكنهم يتجاهلون أن الحالتين مختلفتان تماما، حيث إن الخلاف فى طابا كان متعلقا فقط بتحديد المكان الدقيق لإحدى العلامات الحدودية، وكان الفارق فى المساحة كيلومترا مربعا واحدا فقط، وجاء التحكيم لصالح مصر، بينما مساحة حلايب هى 20 ألف كيلومتر مربع، وهى تتبع مصر بنص واضح قطعى الدلالة لا يحتمل التأويل.
ومن غير المقبول أن تذهب مصر للتحكيم على سيادتها على أرضيها دون وجود أى سند قانونى لدى الطرف الآخر، والقول بالأحقية عن طريق التقادم لا معنى له، لأن السودان لم يكن مستقلا أصلا حتى عام 1956 حتى يقال إن مصر تركت هذه المثلث للإدارة السودانية لفترات طويلة دون اعتراض.


(7)
ومما سبق يتضح الآتي:
- أن هناك نزاع حدودي في حلايب يظهر على الخرائط العالمية كافة وليس أمرًا سريًا.
- أن كلًا من مصر والسودان مصر على انه جزء من التراب الوطني، وكل منهما يحتفظ بجيش هناك (مع سيطرة مصرية).
- ومن هاتين النقطتين يتضح أنه نزاع لن يزول بالتقادم أو بالنسيان مثل واحة (جغبوب) في ليبيا مثلًا أو لواء الإسكندلونة بين تركيا وسوريا.
- وبالتالي فإن استمرار الوضع على ما هو عليه هو تهريج سياسي عبثي، واستنزاف سياسي واقتصادي وعسكري لكل من مصر والسودان، فكل منهما أولى بكل قرش ينفق في هذا الحشد، وبكل جندي موجود بعيدًا عن الأماكن الأكثر احتياجًا له.
- وضع النزاع لن يمكن أيًا من مصر أو السودان من الإستفادة من موارد الإقليم، فهي 20 ألف كيلومتر مربعة مهدرة على مصر والسودان معًا.
- إذا كانت الحكومة المصرية واثقة إلى هذا الحد من دعاويها ووثائقها، فلم لا تذهب إلى التحكيم ؟، ليتم حل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، فأما يحكم لمصر أو للسودان وينتهي الأمر، ويصبح الحكم هو عنوان الحقيقة، فإن حكم لمصر فهي أرض مصرية وانتهى الأمر وحل نزاع مع السودان، وإذا حكم للسودان فهي أرض سودانية وأنتهى الأمر وحل النزاع مع مصر، وهو مثل أي نزاع في الدنيا يحل بالمحاكم يظن كل طرف أن الحق معه، ثم يحكم القضاء فيحسم النزاع.
- وهناك حل آخر طرح في أوائل الألفية أن يعتبر المثلث (منطقة محايدة) تتقاسم الدولتان موارده والإنفاق عليه، ويحصل سكانه على الجنسيتين، ويكون في ذلك مثل عدد من المناطق المحايدة على مستوى العالم، وكان هناك بعضها في الوطن العربي مثل المنطقة المحايدة السعودية العراقية، والمنطقة المحايدة السعودية الكويتية، وأن يسمى مثلث (حبايب) !.
- يبقى الحل فقط في انتظار رجل كبير هنا وهناك، يعلو فوق المزايدات، ويطلق كلمته بحسم، كفى تهريجًا ونزقًا سياسيًا، لنذهب إلى التحكيم، أو لنعلنها منطقة محايدة.
- كانت الفرصة موجودة في عهد عبد الناصر، لكن بصره كان إلى الشمال وليس إلى الجنوب منذ جرح الكرامة في استفتاء الإستقلال، وكان بإمكانه أن يتخذ قرارًا شجاعًا، لكنه لم يفعل، بل هو أول من تراجع وتخبط، وأنصاره يزايدون على الناس في وطنيتهم !!.
- وكانت الفرصة موجودة أيام السادات، لكنه أهتم بالتعاون والتكامل وفضل الصمت بخصوص حلايب، كأنه والنميري سيعيشون أبدًا وستكون العلاقات صافية للأبد.
- وكان بوسع مبارك أن يذهب للتحكيم في حلايب كما ذهب في طابا، لو أن موقفنا حقًا بهذه القوة، لكنه استقوى بالجيش، وهذا بالضبط هو ما يطيل عمر الأزمات ويعقدها !.
- وتظل حلايب في انتظار رجل كبير، يحولها من حلايب إلى حبايب، ويقطع دابر فتنة لن ينقطع دابرها إلا برجل كبير.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.