سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مرسى يجدد خلافات "حلايب" بين مصر والسودان.. "المدينة" شهدت انتخاباتٍ مصريةً عام 2011.. الخرطوم تتمسك بها بعد اكتشافات بترولية.. اللواء خلف: بوابات الحدود تعمل تحت إدارة السلطات المختصة
فى 5 إبريل عام 2013، وفى أول زيارة للرئيس محمد مرسى للخرطوم، وجه الرئيس خطابًا للشعب السودانى، أكد فيه عودة الحق لأصحابه وكررها أكثر من مرة، والغريب أن ذلك جاء مع نشر حزب الحرية والعدالة على صفحته الرسمية خريطة لمصر لا تشمل حلايب وشلاتين، مما يعد شبه اعتراف بسودانية حلايب وشلاتين. وكانت المفاجأة الغريبة التى أكدها موسى محمد أحمد، مساعد الرئيس السودانى، عندما قال إن الرئيس محمد مرسى قد أعطى وعدًا صريحًا بإعادة مثلث حلايب وشلاتين إلى السودان وأن هناك ترسيم حدود بين البلدين. وقد أعقب ذلك التصريح، قيام عدد من الفضائيات والمواقع بنشر خريطة لمصر وليس بها مثلث حلايب وشلاتين، حتى الخريطة الخاصة بجوجل تم استقطاع المثلث منها، والخريطة المقتطع منها مثلث حلايب وشلاتين منتشرة على شبكة الإنترنت بشكل ملحوظ. وبالعودة لجغرافية وتاريخ المنطقة، نجد أن "مثلث حلايب" منطقة تقع على الطرف الإفريقى للبحر الأحمر ومساحتها 20.580 كيلو متر مربع، وتوجد بها ثلاث بلدات كبرى هى حلايب وأبو رماد وشلاتين، أكبرها هى شلاتين، وتضم فى الجنوب الشرقى جبل علبة، والمنطقة تتبع مصر إداريًا.
و"مثلث حلايب" محل نزاع حدودى بين مصر والسودان، ويطلق عليها أحيانا المنطقة الإدراية لحكومة السودان، وأغلبية السكان من عرق واحدة من البجا، وينتمون لقبائل "البشاريين والحمدأواب والشنيتراب والعبابدة"، ويشاركهم قليل من الأمرار والرشايدة. أما مركز شلاتين فيتميز بالثروة السمكية، وكذلك بخصوبة أراضيه التى تعتمد فى ريها على كل من المياه الجوفية ومياه الأمطار. وتوجد بمدينة شلاتين 5 قرى: قرية أبو رماد، 125 كيلو متر جنوب مدينة شلاتين، وقرية حلايب، 165 كيلو متر جنوب مدينة شلاتين، وقرية رأس الحداربة، 22 كيلو متر جنوب قرية حلايب، قرية مرسى حميرة، 40 كيلو متر شمال شلاتين، قرية أبرق 90 كيلو متر غرب قرية مرسى حميرة (وبها خزان رومانى ومساكن محفورة فى الجبل مثل البتراء فى الأردن)، وبها آثار قلعة مصرية قديمة ومستوطنة بطلمية. أما عن تاريخ الخلاف الحدودى حول هذه المنطقة بين مصر والسودان، فقد بدأ عندما قام محمد على والى مصر بفتح السودان فى عام 1820، وواصل نفوذه جنوبًا، ومن بعده ابنه إسماعيل إلى الصومال، وإلى الحدود الجنوبية الحالية للسودان، واستمرت مصر فى بسط نفوذها على السودان. وبالرغم من تقليص القوى العظمى لنفوذ محمد على وتوسعاته بمقتضى اتفاقية لندن عام 1840، فإن الدولة العثمانية منحته وفقاً لفرمان 13 فبراير 1841 حق ممارسة السيادة المصرية الفعلية على السودان، وتأكدت هذه السيادة فى فرمان السيادة الصليبية الصادر لابنه إسماعيل. واستمرت السيادة المصرية كاملة على السودان حتى عام 1885، وذلك عندما أجبرتها بريطانيا، بعد احتلالها لمصر فى عام 1882، على إخلاء السودان بعد نشوب الثورة المهدية فى عام 1883. ورغبة من بريطانيا فى الاستئثار بحكم السودان، وفصله عن مصر، لجأت بريطانيا إلى عقد اتفاق ثنائى مع مصر فى 19 يناير 1899، بمقتضاه تم الاتفاق على رسم الحد الفاصل بين مصر والسودان، وهو الخط الذى يتفق مع خط عرض 22 درجة شمال خط الاستواء، وقد نصت المادة الأولى من هذا الاتفاق صراحة على أن يطلق لفظ السودان على جميع الأراضى الكائنة جنوب الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض. ولأن خط عرض 22 درجة شمالاً يمتد كباقى الحدود الهندسية، لم يراع ظروف السكان المنتشرين فى المنطقة من القبائل الرعوية، لذا أصدر وزير الداخلية المصرى آنذاك قرارا إداريا فى 4 نوفمبر من عام 1902 يقضى بإجراء تعديل إدارى على القطاع الشرقى من خط الحدود الفاصل بين مصر والسودان، وذلك بوضع مثلث حلايب وشلاتين الواقعة شمال خط عرض 22 درجة شمالا، تحت الإدارة السودانية فقط، وذلك لوجود بعض أفراد قبائل البشارية السودانية بها، ومنعاً لأى لبس. وأشار القرار الإدارى الذى أصدره وزير الداخلية، الذى يتبع سلطات الاحتلال، وقتها فى مادته الثانية إلى أن المنطقة التى شملها التعديل تقع بأراضى الحكومة المصرية، كما أشار فى مادته الثامنة إلى أن تعيين عمد ووكلاء القبائل ومشايخ القرى من البشارية يتبع قرار نظارة الداخلية المصرية الصادر فى 3 مايو 1895، والمتبع فى باقى المديريات المصرية فى شأن العربان. أما المنطقة التى أجرى عليها التعديل الإدارى والتى تعرف بمثلث حلايب، فقد بدأت تطبع فى الخرائط المصرية، والسودانية والأجنبية بحيث يظهر فيها الحدان وهما: الحدود السياسية خط عرض 22 درجة شمالا، والتى تم تعيينها وفق الاتفاق الثنائى فى يناير 1899، والحد الإدارى الذى صدر بقرار إدارى من وزير الداخلية المصرى. ولكن مع بداية عام 1914، بدأت الخرائط التى تصدرها السودان، الواقعة تحت النفوذ البريطانى آنذاك، تغفل إظهار خط عرض 22 درجة شمالاً، وتكتفى برسم الحد الإدارى بحيث يصبح الحد الوحيد الذى يفصل بين مصر والسودان فى هذه المنطقة، ووصل الحد إلى أن وزارة الخارجية البريطانية أبلغت شركة الأطالس الأمريكية "راندماكنل" عام 1928 باعتماد الحد الإدارى فقط، كحد فاصل بين مصر والسودان فى المنطقة. وبالفعل أصدرت الشركة المذكورة أطلسها على هذا النحو، وتبعتها الأطالس العالمية الأخرى التى تنقل عنها، وبالتالى فإن معظم دول العالم تنشر الخريطة الخطأ فى وسائل إعلامها المختلفة، وفى وسائل التعليم أيضا دون تدقيق فى مدى صحة هذه الخرائط من عدمها. فى 18 فبراير عام 1958 قام الرئيس المصرى جمال عبد الناصر بإرسال قوات إلى المنطقة وقام بسحبها بعد فترة قصيرة إثر اعتراض الخرطوم، وقامت مصر بإعلان محمية جبل علبة محمية سياحية مصرية. ظلت المنطقة تابعة للسودان منذ عام 1902، ولكن ظهر النزاع إلى السطح مرة أخرى فى عام 1992 عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول فى المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية، فقامت الشركة بالانسحاب حتى يتم الفصل فى مسألة السيادة على المنطقة، وسحب البلدان قواتهما من المنطقة فى التسعينيات وتمارس مصر سيادتها على المنطقة وتديرها وتستثمر فيها منذ ذلك الوقت. وفى الفترة الحديثة ومنذ عام 2000 قامت السودان بسحب قواتها من حلايب وقامت القوات المصرية بفرض سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين، وفى عام 2004 أعلنت الحكومة السودانية أنها لم تتخل عن إدارة المنطقة المتنازع عليها ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين، وأكدت على تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية إلى سكرتير الأممالمتحدة. وقد أدت الاكتشافات البترولية فى المنطقة لظهور النزاع مرة أخرى، وقامت السلطات المصرية بإغلاق مركز التجارة السودانية المصرية فى شلاتين، وأقيم مؤتمر البجا فى ولاية البحر الأحمر فى السودان بتوقيع مذكرة لاسترجاع إدارة المنطقة للسودان، حيث أوردوا أن قبائل البجا التى هى أصول وسكان هذه المنطقة يعتبرون مواطنين سودانيين. فى حين شهد العام 2010، اعتماد حلايب كدائرة انتخابية سودانية تابعة لولاية البحر الأحمر وأقرت المفوضية القومية للانتخابات السودانية حق التصويت فى الانتخابات السودانية لأهالى حلايب باعتبارهم مواطنين سودانيين، إلا أن سكان المنطقة من البشاريين انتقدوا تقاعس الحكومة المركزية فى إتمام العملية. وقام الرئيس السودانى بالتأكيد على سودانية حلايب، كما زار مساعد الرئيس السودانى موسى محمد أحمد المنطقة تأكيدًا على سيادة السودان للمنطقة، ورد وزير الخارجية المصرى السابق أحمد أبو الغيط على تصريحات الرئيس السودانى بقوله إن الحدود الجنوبية لمصر معروفة وهى دائرة عرض 22. بل وقامت القوات المصرية فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك فى عام 2010 باعتقال الطاهر محمد هساى رئيس مجلس حلايب، المنتمى لقبيلة البشاريين لمناهضته للوجود المصرى فى حلايب، وتوفى فى مستشفى فى القاهرة بعد اعتقال لمدة عامين بدون محاكمة، قبل أن يؤكد وفد من قبيلة البشاريين بالإعلان عن وجود أعداد أخرى من المعتقلين، مثل محمد عيسى سعيد المعتقل منذ 6 سنوات، وعلى عيسى أبوعيسى ومحمد سليم المعتقلين منذ 5 سنوات، وهاشم عثمان ومحمد حسين عبد الحكم و كرار محمد طاهر ومحمد طاهر محمد صالح منذ سنتين. ثم أقيمت الانتخابات البرلمانية المصرية عام 2011 فى نوفمبر وشملت مثلث حلايب ونقلت صناديق الانتخاب إلى الغردقة بطائرة مروحية عسكرية مصرية لفرز الأصوات هناك، حتى أن الخبير الإستراتيجى اللواء محمود خلف علق على الخريطة، على صفحته على الفيس بوك، الخطأ التى يتم نشرها فقال "إن حدود مصر الجنوبية ليست المنشورة على قناة الجزيرة والفضائيات الجاهلة". وأضاف خلف: "تمر الحدود القانونية الثابتة والرسمية.. فى خط مستقيم على خط عرض 22.. ومثلث حلايب هو خط إدارى قرره وزير الداخلية الإنجليزى لمصر لصالح حركة قبائل البشارية والعبابدة، وحدد مثلث آخر داخل السودان (جبل علبة)، ومصر رفضت ضمه لأراضيها، كلام قديم للغاية ولم تأخذ به مصر بعد خروج الاحتلال البريطانى، والتمسك بخط حدودها الحالى.. وتتواجد به قوات حرس الحدود حالياً.. وبوابات الحدود تعمل تحت إدارة السلطات المختصة المصرية". أما مهدى عاكف المرشد السابق للإخوان المسلمين، فقد كان تعليقه على مشكلة حلايب بين مصر والسودان، بأن "الإخوان لا يعتبرون أن هناك حدودا بين الأقطار الإسلامية والعربية التى فرضها الاستعمار وقت أن كان العرب والمسلمون فيه فى غفلة". وأضاف عاكف" أنه سواء كانت حلايب فى الجانب المصرى أو الجانب السودانى فالمستقبل مستقبل الأمة الواحدة التى يجمعها الدين واللغة".