الحوار الذي أجرته الزميلة الوطن مع المستشار ناجي شحاتة رئيس محكمة الجنايات ، والذي أوكل إليه "أمانة" الحكم في عدد كبير من قضايا متصلة بثورة يناير وجماعة الإخوان ، وسلمت له رقاب ومصائر مئات البشر ، أحدث ضجة كبيرة هو يستحقها ، لأن ما ورد فيه من تصريحات كان من العيار الثقيل والخطير للغاية ، والزميلة التي أجرته نجحت في أن "تستدرج" القاضي الشهير بقاضي الإعدامات ، لأن يبوح ما في قلبه ، وينفس عن مكنون صدره ، ويعترف بقناعاته الفكرية وميوله السياسية الحادة وموقفه من شخصيات إعلامية وسياسية عديدة ، إضافة إلى عقيدته تجاه ثورة يناير ورموزها والقوى السياسية التي شاركت فيها . المستشار ناجي شحاتة الذي أوكلوا إليه محاكمة رموز ونشطاء ثورة يناير يعتقد اعتقادا جازما بأن ثورة 25 يناير جريمة ، وأنها حسب نص الحوار "بنت ستين كلب" ، وأطلق عليها اسم "25 خساير" ، وهو موقف شديد العدوانية والكراهية والتحيز ضد الثورة ، وبالتالي يكون السؤال الضروري والبديهي : كيف يوكل إلى هذا القاضي الحكم على مصير نشطاء ثورة يناير وقواها السياسية ، وكيف استباح البعض أن يسلم "رقاب" مئات المصريين إلى قاضي يجاهر بالعداء لهم مسبقا ولديه عقيدة مسبقة ترسخت في وجدانه تراهم خونة ومتآمرين ، ناجي شحاتة وصف حركة "6 أبريل "التي يحاكم بعض نشطائها ويمثلون أمامه ليحكم فيهم "بالعدل" ، وصف تنظيمهم بأنه "6 إبليس" ، كما أظهر كراهية وعدوانية شديدة ضد نائب رئيس الجمهورية السابق وأحد رموز ثورة يناير ، الدكتور محمد البرادعي ، لدرجة أنه يصنف الناس حسب قربهم أو بعدهم منه ، فمن اقترب منه فهو شيطان رجيم ، وقال بوضوح وصراحة أنه يكره بعض الإعلاميين ، وسماهم بالإسم ، لأنه يعتبرهم حسب وصفه برادعاوية ، كما فعل مع الإعلامية منى الشاذلي والإعلامي شريف عامر . "القاضي" ناجي شحاتة ، اتهم المحبوسين السياسيين بالكامل الذين يحاكمهم بأنهم نصابون وكذابون ومضللون ، رغم أنهم ما زالوا يحاكمون أمامه ، وقال أنهم يدعون أنهم تعرضوا للتعذيب ، وهو لديه عقيدة راسخة تنفي وقوع التعذيب نهائيا ، ويؤكد أنها أكاذيب لتشويه الداخلية حسب رأيه ، رغم أن الداخلية نفسها اعترفت بوقوع التعذيب ووصفته بالحالات الفردية ، كما أن القضاء نفسه أدان بعض ضباط الداخلية بالتعذيب وحكم بسجن عدد منهم ، ولكن ناجي شحاتة يرى أن تلك ادعاءات وأكاذيب وأن الحديث عن التعذيب مؤامرة مقصود منها تخريب الدولة وتشويهها ، ولك أن تتصور موقف وحقوق أي مسجون يقف أمامه مهما تكلم عن التعذيب الذي تعرض له ، بل كيف يشعر سجين بمعنى العدالة وهو يقف أمام قاضي يكرهه ويحتقره ويدينه مسبقا ويراه متآمرا وخائنا من قبل أن يحاكمه . صحيفة الوطن التي أجرت الحوار ، قالت أنها لم تنشر عبارات أخرى قالها ناجي شحاتة فيها إهانة لمحكمة النقض التي ألغت الكثير من أحكامه أو جميعها تقريبا لأنه أساء إلى بعض قضاتها ، وهي ترى أن نشرها سيحدث فتنة قضائية ، ودع عنك موقفه العلني من جماعة الإخوان ونشطائها ، وبغض النظر عن الموقف السياسي منها ، إلا أنهم كمواطنين يتعاملون مع دولة وقانون وقضاء وعدالة ، لا بد من توافر شروطها ، أما أن يقفوا أمام قاض يصفهم بكل نقيصة ويبدي كراهية عميقة لهم وموقفا شديد العداء ، ثم نسمح له بأن يحاكمهم ويقضي بقتل المئات منهم إعداما ، فهذا يستدعي مراجعة ضرورية ، أخلاقية قبل أن تكون قضائية . هذا الحوار الخطير يطرح أسئلة ضرورية ، عن موقف المجلس الأعلى للقضاء من هذا القاضي ، وعن أهمية أن تبادر الجهة المسئولة بطلب نسخة من الحوار المسجل ، والذي أذاعت الصحيفة قدرا كبيرا منه للرد على محاولات ناجي شحاته نفيه ، كما أن السؤال الأهم في تقديري هو : هل كانت شخصية ناجي شحاتة مجهولة عند من أوكلوا إليه "أمانة" رقابة آلاف المواطنين من نشطاء ثورة يناير والتيار الإسلامي ليقضي فيهم بحكمه ويمضي في رقابهم سيف "عدالته" ، وهل كانت قناعاته تلك غامضة أو غير معروفة عندما عهدوا إليه بتلك الملفات والقضايا ، وهل كانت توجهاته السياسية حبيسة صدره ؟ ، أعتقد أن الإجابة عن هذه الأسئلة ربما تفتح لنا أسئلة أكبر عن وقائع ما جرى في الدولة المصرية في أعقاب 3 يوليو 2013 .