تشهد جماعة الإخوان المسلمين منذ أغسطس الماضي صراعًا بين فريقين يدعى كل منهما حقه في إدارة الجماعة، يضم الفريق الأول أعضاء مكتب الإرشاد الذين كانوا يديرون الجماعة قبل عزل مرسى، ويتزعمه محمود عزت النائب الأول السابق لمرشد الإخوان ومحمود حسين الأمين العام السابق للجماعة (المقيم في تركيا)، ومحمود غزلان المتحدث السابق باسم الجماعة، وعبد الرحمن البر الملقب بمفتى الجماعة، ومحمد طه وهدان مسئول لجنة التربية فى الجماعة، الذي تم اعتقاله الأسبوع الماضي. ويأتي على رأس الفريق الثاني، أعضاء مكتب الإرشاد الذين تم انتخابهم فى فبراير 2014، ويتزعمه محمد كمال مسئول الإخوان في جنوب الصعيد (الذي يتردد أنه القائم بأعمال مرشد الجماعة)، ومحمد سعد عليوة مسئول الإخوان بالجيزة، وحسين إبراهيم الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، وعلى بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة. وعقب فترة اعتبرها البعض بمثابة "هدنة" بين طرفي الصراع أدار خلالها مكتب إخوان الخارج الأمور، جاء إعلان الإخوان الخاص ظهور محمد حسين الأمين العام للجماعة، على قناة الجزيرة غدا السبت ليؤجج الغضب المدفون، ويجدد الصراع بين طرفي الجماعة. وكشفت مصادر صحفية لم تفصح عن هويتها أن الحوار سيركز على الخلافات الداخلية لينفي وجودها ويؤكد أن المكتب القديم هو من يدير الأمور، والرؤية المستقبلية للجماعة وتهدئة الوضع لسعي وراء المصلحة وزعم أن الجماعة ليست لها علاقة بالعنف، والحديث عن الاصطفاف الوطني وإعلانهم بعدم التمسك بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم، والرؤية المستقبلية للجماعة، والحديث عن القيادات المسجونة والاختفاء القسري للجماعة. من جهته، قال الدكتور محمد سودان، القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، إن "الدكتور محمود حسين موجود منذ فترة طويلة بتركيا لكنه يفضّل ألا يخرج للإعلام". وأوضح سودان ل"المصريون" أن هناك رسائل مهمة يريد توصيلها لأحرار الداخل ولمن لديه بعض الاستفسارات في الخارج وهي خطوة لرأب الصدع بين القوى المختلفة. وعن خروجه في هذا التوقيت قال "سودان": "إن توقيت خروجه قبل 25 يناير جاء لتصفية أجواء الصف بالداخل والخارج، حيث إن مصر تدخل الآن موجة ثورية قوية بعد زيادة معاناة العديد من أطياف الشعب بعد الحكم العسكري في مصر وتفشي الفشل في العديد من مناحي الحياة خاصة الاقتصادية والاجتماعية وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وتفشي الفساد والطغيان خاصة في الشرطة". وأشار إلى أن الحوار سيكون من الأخ الأكبر إلى إخوانه وأبنائه، قائلاً إن "الرد المباشر على أسئلة الشباب هو الأنجح حلاً بدلا من الرسائل والبيانات". فيما اعتبر شباب الإخوان ظهور حسين في هذا الوقت محرجًا للغاية، نظرًا لظهوره قبيل أسابيع من الذكرى الخامسة لثورة يناير، والتي دعت الجماعة ومعارضي النظام إلى المشاركة فيها، مؤكدين أن ظهوره يرجع إلى محاولة فرض عواجيز السيطرة مرة أخرى عليها بعد سحب البساط من تحت أقدامها، وإثباتا لأنفسهم بأنهم من يتحكمون في الجماعة. فيما استنكر عمرو فراج، مؤسس شبكة رصد التابعة لجماعة الإخوان، ظهور القيادي الإخواني بعد هذه الفترة قائلاً: "مستنينك يا كبير بقى علشان نشوف الإبداع والتمكن.. يا رب يا رب ما يبقاش بس مسجل ومتمنتج، وربنا يرزقك كل خير وبركة ومكان فسيح بعيد عن العيال السمجة بتاعت الإصلاح والمحاسبة.. مكان تعرف تركن فيه ال"بي إم دبليو" على رواقة". بينما سخر عبد الله نور الدين، أحد شباب جماعة الإخوان من الظهور الأول لمحمود حسين، معلقا على إعلان قناة الجيزة على ظهوره قائلا: "لقاء الشبح!". كما علق أنس حسن، أحد مؤسسى شبكة رصد التابعة للجماعة على هذا الظهور قائلا: "يبقى النظام أذكى اللاعبين وهو الوحيد الذى تمكن من دراسة خصومه ومعرفة سقفهم والتصرف على أساس ذلك، بينما يعانى خصومه من غرور وسذاجة، واجتماع الغرور مع السذاجة هو مُركب التدمير الذاتى الأنجح عالميًا". كما اعتبر أحمد بان، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن ظهور محمود حسين الأمين العام للإخوان من جديد، يأتى فى إطار الصراع القائم بين المجموعة القديمة، والمجموعة الجديدة لجماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن حسين سيسعى لإظهار أن عواجيز الجماعة ما زالوا مسيطرين على جميع الملفات داخل الجماعة". وأضاف بان في تصريح صحفي أن محمود حسين اعتمد على منبر إعلامي وهو قناة الجزيرة القطرية باعتبارها قناة مؤثرة على الإخوان كي يظهر أن الجميع ما زال معترفا بالقيادة القديمة للجماعة، مشيرًا إلى أن حديث حسين سيؤثر كثيرًا على الجماعة وأزمتها. جدير بالذكر، الأمين العام محمود حسين كلف عقب فض اعتصام ميدان رابعة، بإدارة شئون الإخوان بالخارج، ومع الاهتزاز الإدارى بالجماعة سعت الصفوف المتبقية في مصر بالتنسيق مع القيادات في الخارج إلى إجراء انتخابات لتشكيل مكتب إرشاد جديد يدير الجماعة وأزمتها الحالية، وهو ما جرى في فبراير 2014، وانتهى الوضع حينها بتشكيل مكتب جديد لم يضم مجموعة كبيرة من الوجوه القديم.