نائب المرشد يحذر من «عشرية الجزائر».. «ويكيليكس إخوان»: العواجيز مخترقون فكريًا لا تزال الأزمة التي تشهدها جماعة "الإخوان المسلمين" منذ أكثر من ثلاثة شهور، مشتعلة بين طرفي النزاع "الحرس القديم" والإدارة المنتخبة "مكتب إدارة الأزمة". فبعد أن شبَّه القيادي بالتنظيم الدولي إبراهيم منير، شباب التنظيم المنقلبين على "الإدارة القديمة"، بمجموعة "شباب محمد" التي خرجت على الإمام "حسن البنا" بزعم أنه يهادن النظام، ولا يلجأ معه إلى المواجهة، شن شباب الجماعة هجومًا حادًا عليه معتبرين إياه سببًا في الأزمة التي تعصف بالثورة في مصر عامة وانهيار التنظيم خاصة. وهاجم محمد صابر، عضو اللجنة المركزية لشباب الإخوان المسلمين (التي جرى تشكيلها مؤخرًا بجانب مكتب إدارة الأزمة)، جناح نائب المرشد محمود عزت وعلى رأسه القيادي بالتنظيم الدولي إبراهيم منير، واتهمه بالفشل وباقي أعضاء "الإرشاد"، في إدارة ملف الإخوان قبل عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي (3 يوليو 2013) وحتى ما بعد فض رابعة (14 أغسطس 2013). وفي مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال منير، "إن خيار العنف مرفوض، وإن الجماعة لن تجر لمخطط تقسيم مصر، محذرًا "أبناء الجماعة" من الانزلاق إلى مخطط العنف". واستدل أمين التنظيم الدولي، بنتائج تجارب سابقة للحركات الإسلامية في الجزائر (العشرية الدموية في التسعينيات) ومصر التي رفع فيها السلاح في مواجهة السلطات، مشيرًا إلى أن "مراجعات تمت من جانبهم، ودراسات، وأبحاث قالت إن رفع السلاح كان خطأ". وحذر منير من "تكرار واقع سوريا، مستدعيًا قضية اللاجئين السوريين، التي تتفاقم في ظل استمرار الثورة السورية المسلحة لعامها الرابع"، قائلاً: "ما نراه من واقع اللاجئين السوريين لا نحب أن نرى مصر هكذا". وقال إن دعوته إلى الاستمرار في طريق السلمية "لا تعني الجلوس في المنازل، ولكن بالاستمرار في المظاهرات ضد النظام الحالي"، مشيرًا إلى أنه "لم يحدث أن استمرت مظاهرات هكذا في تاريخ أي انقلاب عسكري". فيما نفى محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة "وجود أزمة داخل التنظيم"، مشيرًا إلى أن ما يحدث داخل الجماعة "ليس المحنة الأولى، وليس هذا هو الخلاف الأول لجماعة يمتد عمرها لأكثر من 87 سنة". واعتبر سودان (المقيم في بريطانيا) في تصريحات عبر الهاتف إلى "المصريون"، أن "ظهور الخلافات على السطح يعد ظاهرة صحية"، قائلاً: "فالجماعة تضم ملايين الأعضاء من أعمار مختلفة وجنسيات مختلفة وثقافات مختلفة، وإن لم يطفو على السطح أي خلافات فهذا معناه أنه لا حياة لهذه الجماعة، وأنها جماعة مسلوبة الإرادة". وقال سودان إن "ما يهم قادة التنظيم والأعضاء الآن الخروج من هذه الأزمة بأسرع وقت ورأب الصدع بأقل خسائر ولا نشك أبدًا في نصر الله الذي نظنه قريبًا". في السياق، قالت مجموعة "صوت الإخوان" المطالبة بإقالة من تسمهم ب"عواجيز التنظيم" من مناصبهم، إن "هذه القيادات التاريخية نحفظ لها فضلها في الماضي، ولكن فرصهم انتهت وكثرت أخطاؤهم وآن رحيلهم، نقول لهم اختموا مسيرتكم بهدوء وعودوا جنودًا في الصف ودعوا دماء الشباب تجدد الأمل في الأمة". وأضافت المجموعة المعروفة إعلاميًا ب"ويكيليكس إخوان" موجهة حديثها لقيادات التنظيم القدامى، أن "مصير أمتنا مرتبط بالإخوان، قراراتكم كارثية ليست على الإخوان فقط ولكن على الأمة". وحذرت المجموعة من "طريقة تفكير هؤلاء (الحرس القديم للتنظيم) التي عفا عليها الزمن والتي ربما كانت تصلح قديمًا ولكن في عصرنا الراهن لا مجال لها". وأشارت إلى أنه "في إحدى ملفات الأرشيف الكامل التي حصلت عليه لمن أسمتهم ب"العواجيز" مراسلة غريبة تدل على مدى عجز هؤلاء الذين ما زالوا يؤمنون للنظام بعد كل ما فعلوا بعدما قتلوا وشردوا واعتقلوا". وتابعت: "يعتمدون عليهم في الخرافات التي يروجونها لهم عن طريق المخابرات ليتحكموا فيهم بطريق غير مباشر، ويساهموا في خلل القيادة وترويج الخرافات للصف، مما أكد لنا أنهم مخترقون فكريًا بشكل مرعب". من جانبه، هاجم محمد صابر عضو اللجنة المركزية لشباب الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، ساخرًا من توصيفه ب"نائب المرشد"، قائلا إن "ما يقوله إبراهيم منير يختلف كثيرًا عما تربى عليه الإخوان، خاصة حديثه عن شيطنة المخالفين والمطالبين بالمراجعة وتشكيك في ولائهم". وسخر صابر من قول "منير" بأن ما أسماه ب"الانقلاب" جاء على عكس المتوقع تمامًا، وتصريحه بأن تفاجأ من ظهور المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) لدعم عزل مرسي في ليلة 3 يوليو 2013. وتهكم صابر على حديث "منير" بقوله "إنه لا يمكن تصور دولة منعزلة عن بقية دول العالم لا دور لها ولا اقتصاد ولا نفط؛ لكن الدكتور محمد مرسي فرج الله كربه آثر استخدم سلاح التحدي في ذلك الوقت برفع شعار الاكتفاء من السلاح والدواء والغذاء"، مشيرًا إلى أن "منير" أكد ما قاله في حوار صحفي بأن "الإخوان مسارهم إصلاحي مش ثوري وأنهم أصحاب دعوة وليسوا أصحاب حكم". وأضاف صابر في بيان له، أن "معنى كلام منير ومن معه أنهم كانوا ضد الثورة على مبارك، وأن ثبات الشباب في الميادين كان رغمًا عنهم، ولذلك كان البلتاجي بعيدًا عن المشهد وبعيدًا عن الرئيس مرسي وتم استدعاؤه فقط بعد خراب مالطة وحدوث ما لم يكن متوقعًا من جانب الحرس القديم". ووجه صابر حديثه لمنير قائلاً: "إذا كان لا يجوز شرعًا ولا عقلاً استخدام القوة ضد النظام الحالي (ليس حمل السلاح وعسكرة الثورة) فبم تفسر بيان نداء الكنانة الذي وقع عليه 150 عالمًا من علماء الأمة كثير منهم من الإخوان وكلهم نحسبهم أفقه وأعلم منك، هل هؤلاء جميعًا على خطأ". وألقى الانقسام بظلاله على صفوف الجماعة، ما دفع تيارًا كبيرًا من الشباب لتأييد القيادة الجديدة باعتبارها تمثل إرادتهم في مواجهة السلطات عبر حراك ثوري لإسقاط النظام. ويدين للقيادة الجديدة بالولاء الجانب الأكبر من المكاتب الإدارية بما فيها "مكتب الخارج" (يرأسه أحمد عبدالرحمن)، و"اللجنة الشرعية" ولجنة "الشباب المركزية" اللاتي تأسست مؤخرًا، وذلك لأن تلك المكاتب اكتسبت شرعيتها من الانتخابات التي أشرف عليها المكتب الجديد في فبراير 2014 كما أنها توافق على رؤية القيادة الجديدة للمشهد وتعاملها معه وتحظى بتأييد الشباب، وتدرك ذلك القيادة التاريخية والتي بدأت في مد جسور التواصل مع المكاتب الإدارية لتقوم بعزل القيادة الجديدة عن جسد الجماعة. أما العلاقات الخارجية والتمويل فهي من نصيب القيادة التاريخية ورموزها مثل الدكتور محمود حسين والذي يمثل تنظيم إخوان مصر في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان. وتعود جذور أزمة الإخوان إلى اعتصام رابعة العدوية (استمر قرابة 45 يومًا وجرى فضَّه في 14 أغسطس 2013)، وفيه اجتمع مجلس الشورى العام للجماعة (الهيئة التشريعية العليا) واتخذ قرارًا بالمضي في التصعيد، وأوصى بإيجاد قيادات بديلة في حالة اعتقال قيادات الصف الأول. فيما طالت أيدي النظام قيادات الصف الأول والثاني والثالث في الجماعة، ولم يتبق سوى بعض أعضاء مكتب الإرشاد المطاردين في الداخل، وآخرين في الخارج كان قد خرجوا بتوصيات قبيل أحداث 30 يونيو، كان أبرزهم محمود حسين الأمين العام للجماعة وأمين صندوقها وجمعة أمين الذي توفي بالخارج بعد صراع مع المرض. وعقب الفض كُلف الأمين العام محمود حسين بإدارة شؤون الإخوان المطاردين بالخارج، ومع الاهتزاز الإداري بالجماعة سعت الصفوف المتبقية في مصر بالتنسيق مع القيادات في الخارج إلى إجراء انتخابات لتشكيل مكتب إرشاد جديد يدير الجماعة وأزمتها الحالية وهو ما جرى في فبراير 2014. وانتهى الوضع حينها بتشكيل مكتب جديد لم يضم الأمين العام السابق محمود حسين ولا مجموعة كبيرة من الوجوه القديمة في المكتب، وقد علمت القيادات في السجون بهذه الانتخابات وباركوها، وأكدوا أنهم خلف القيادة الجديدة، وقد شغل منصب الأمين العام الجديد محمد كمال خلفا لمحمود حسين.