دعا المفكر اليساري حسن حنفي، إلى ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، حتى يتم حسم الجدل حول ما إذا كانت 30 يونيو وما تبعها ثورة أم انقلاب، وحتى يتوقف الدم من الطرفين المتصارعين، وقال إن ثورة يناير 2011 قد توحد الكل معها وفيها، وهو أحد أسباب نجاحها. ثم حدث لها ما حدث، تموجات بين عسكريين وإسلاميين حتى بدأ البعض يضج من الإسلاميين، فقامت حركة 30 يونيو من الشعب ثم 3 يوليو من الجيش. وأضاف :«نشب الخلاف، ما حدث ثورة أم انقلاب؟ ولا توجد إجابة نظرية عن هذا السؤال إنما توجد إجابة عملية، بداية العنف والمظاهرات ثم الاغتيالات والتفجيرات، ثم الاعتقالات. وسالت الدماء من الطرفين. وظل الأمر كذلك على مدى سنتين دون حل ودون رؤية نهاية الطريق المظلم. وازدادت الشقة بين الحكومة والمعارضة، بين العسكريين والإسلاميين، حتى وصل الأمر إلى تفجير الطائرات والتجمعات فى عواصم الدول الكبرى، والتوعد بالانتقام، وثأر كل طرف من الطرف الآخر. ومازال الخلاف قائما بعد أن تحول إلى صراع دموى لا نهاية له. وتدخل الدول الكبرى فيه، وانهيار اقتصاد البلاد التى يدور هذا الصراع فيها، ومصادره وأولها السياحة. وطُرحت عدة مبادرات للمصالحة والحوار دون جدوى. واتهم الداعون أيضا بالخيانة والعمالة أو الولاء المتخفى للتيار الإسلامى».
وتابع «حنفي» في مقال له بصحيفة «المصري اليوم» :« ثم جاءت مبادرة أخيرة بعقد انتخابات مبكرة يحتكم إليها الفريقان المتصارعان لمعرفة ماذا يريد الشعب. وقد كانت المبادرة مطروحة قبل 30 يونيو ولكن تأخر النظام الإسلامى الحاكم فى قبولها بعد أن تبناها نائب رئيس الجمهورية المؤقت. وقبل مغادرته البلاد إحساساً منه بأن الدماء ستسيل عن قريب، وهو ما لا يقبله عقله الليبرالى. هذه الانتخابات المبكرة يمكن أن تحسم الخلاف بين الثورة والانقلاب. فإذا كان النظام الحاكم لم يحسن الحكم وبدأ الناس ينفضون من حوله ويندمون على انتخابه حتى لا يتم نجاح ممثل الحكم السابق فإن تغييره يتم بالوسائل الديمقراطية أى الانتخابات المبكرة وليس بالانقلاب عليه. الغاية نبيلة، طاعة الشعب فى رغبته التى تحولت من الإسلاميين إلى الليبراليين، ولكن الوسيلة لم تكن كذلك. وكان يمكن أن تكون الوسيلة أعظم نبلاً لو كانت هى الانتخابات المبكرة التى لا يخاف منها إلا من يعلم أن الشعب ليس معه. وهو اقتراح قادر على إيقاف سفك الدماء، وتوحيد الجبهة الداخلية. وتحسين صورة الجبهة الخارجية. فلا يتغير شىء فى الخارج إن لم يتغير فى الداخل أولا. ورفض الاقتراح يعنى تأييد ما حدث فى 30 يونيو بأنه انقلاب». وأشار المفكر اليساري المعروف إلى أن حرية الرأى ليست جريمة. ومادام الشعب منقسما فإن الانتخابات المبكرة هى التى تقرر أى تيار له الأغلبية وقادر على التحالف مع الأقلية فى برنامج اجتماعى سياسى مشترك. التعبير عن حرية الرأى بصراحة أفضل من السعى إلى المناصب البرلمانية أو الرئاسية أو الشهرة الإعلامية. أنثى واحدة أشجع من مائة رجل. وشدد «حنفي» على أن الاتهام بالخيانة الوطنية التى تقارب الخيانة العظمى، يأتي من الوصوليين الذين يظنون أنهم بمعارضة اقتراح الانتخابات المبكرة إنما يدافعون عن النظام وعن الرئيس، وكأنه باق إلى الأبد، وكأننا لم نتعلم من الرئيس السابق الذى بقى رئيسا بالغش والتزوير ثلاثة عقود من الزمان حتى جرفته الثورة الشعبية فى يناير 2011. ومن يكسب رضا النظام يخسر احترام الشعب، ومن يحاول الاقتراب من الرئيس يبتعد عن الشعب. والأنثى التى تحاول أن تكون رجلا تظلا أنثى، ويظل مكان الرجل شاغرا. وفى النظام من باع الغاز إلى إسرائيل بأسعار أقل من السوق بعد دفع العمولات لرجال السياسة باعتباره رجل أعمال. وفى النظام من يشترى الغاز من إسرائيل ويكسر سلاح المقاطعة. وفى النظام من يدعو باقى الأنظمة العربية لتوسيع قاعدة السلام مع إسرائيل قبل أن تنسحب من الأراضى المحتلة والاعتراف بحقوق شعب فلسطين. وما هى نقطة الوصول، قصر الرئاسة أم قلوب الشعب؟ واختتم مقاله قائلًا«: الدعوة إلى انتخابات مبكرة ليست جريمة ولا خيانة عظمى أو صغرى، بل هى رأى حر فى لحظة يعز فيها التعبير عن حرية الرأى. وهى ليست بدعة. فكثيرا ما لجأت إليها الدول حتى تحمى نفسها من الانشقاقات التى قد تنتهى إلى حرب أهلية بين القوى المتصارعة، كما يحدث فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق. حفظ الله مصر هذا المصير. ليت يبدأ حوار علنى الآن حول «إنقاذ مصر» وطرح جميع الآراء. والحوار العلنى أفضل من الحوار الصامت وحديث النفس أو الحديث السرى بين المهمومين بقضايا الوطن. يكفى قطع شبكة العنكبوت حتى يقع ما بداخله».