قال الأستاذ المحاضر في معهد الدراسات السياسية في ليون، هاويس سينيغر، إن "المجال الإسلامي الوطني يهيمن عليه بشكل رئيسي نوعان من التيارات، هما السلفيون الجدد والإخوان المسلمون الجدد". وأضاف أن هذين التيارين "أحدهما يبحث عن إسلام مرتبط بأسطورة الأصول، والثاني محافظ وقريب من الإخوان المسلمين"، مشيراً إلى أنهم "يغتنمون الفراغ" في المرجعية المؤسساتية.
ويقوم هؤلاء بالتعبئة من أجل نشر "الحلال"، أو ضد "التمييز" الذي يستهدف المسلمين، وينشطون بصورة خاصة على الإنترنت.
أبرز الشخصيات الإسلامية
ومن أبرز شخصيات هذه الكتلة العقائدية المدوّن فاتح كيموش الذي سجل موقعه "الكنز" 14 مليون زيارة في 2014، أو الشبان الناشطين في إطار جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا.
ويمكن لهؤلاء عند الحاجة دعم بعض "الدعاة عبر التلفزيون" الذين يتركز عملهم الأساسي على تقديم نصائح حياتية حول الحلال والحرام مثل إمام بريست (غرب) السلفي رشيد أبوحذيفة، أحد نجوم الإنترنت الذي يتابعه نحو 190 ألف شخص على الشبكات الاجتماعية.
ودان هذا الإمام الهجمات، لكنه يواجه مشاكل بسبب تسجيل فيديو يعود إلى 2014 ويظهر فيه وهو يشرح لأطفال أن الاستماع للموسيقى يمكن أن يدفع الله إلى تحويل المستمع "إما إلى خنزير أو إلى قرد".
ضيف الإذاعة والتلفزيون
وفي وسائل الإعلام العامة تهيمن شخصيات أقل تشدداً، مثل إمام بوردو طارق أوبرو المعروف بمواقفه المؤيدة لإسلام ليبرالي.
ويدعو عميد مسجد ليون عز الدين قاسي، الأقرب إلى تيار "الإخوان"، إلى تأهيل أئمة "معروفين ويتقنون اللغة الفرنسية وكذلك استخدام الشبكات الاجتماعية"، حتى لا يتركوا كل الساحة "لمفتي التلفزيون وفتاوى الإنترنت".
أما محمد باجرافيل، الإمام الشاب في ضاحية باريس إيفري سور سين، فهو أيضاً بين الذين تتم مشاورتهم سعياً لإعادة تأسيس الفكر الإسلامي، وهو مقتنع بأن "الوقت حان لدخول القرن الحادي والعشرين"، بحسب العنوان الفرعي لكتابه الصادر حديثاً "إسلام فرنسا العام الأول".
وتحول عبدالعلي مأمون إلى ضيف مفضل لمحطات الإذاعة والتلفزيون. وهو يدعو إلى انتخاب أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بالاقتراع العام وليس من قبل ناخبين كبار.
وقال مأمون المعروف بصراحته: "يجب التخلص من الخطاب الراديكالي، وكذلك من الخطاب القنصلي، وهما في نظري مثل الطاعون والكوليرا".
ويشدد آخرون على النهج العملي في إدارة القضايا الثقافية أو قضايا المساجد أو حتى الذبح الحلال، ومن هؤلاء محمد حنيش، الأمين العام لاتحاد جمعيات المسلمين في سين-سان-دوني، الاتحاد المستقل الناشط على عدة جبهات.
هيئة للحوار مع الإسلام
ولأنها تعي ضعف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أنشأت الدولة الفرنسية في يونيو الماضي "هيئة للحوار مع الإسلام" تجمع هذه الوجوه المستقلة الليبرالية وحتى المحافظة باستثناء السلفيين الجدد.
وبعد هجمات باريس التي تبناها تنظيم "داعش" دعا رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس "الإسلام" إلى "النهوض" من أجل "قطع الطريق على أي تساهل" حيال التيار الجهادي والإرهاب.