لأن الإنسان عدو ما يجهل، ولأن خوف أمي عليَّ من دخول المطبخ والتعامل مع نار "البوتاجاز" كان شديدا نظرا لكف بصري منذ ولادتي، كان الطبخ منذ شهرين مضيا أمرا مستبعدا أو بالأحرى مستحيلا من وجهة نظر أسرتي، لكن الله تعالى أراد لي أن أقتحم عالم الطبخ وأبدع فيه ككثير من النساء، وذلك بعد أن تزوجت منذ أسابيع وصرت أشعر بضرورة إعداد الطعام بمفردي لما في ذلك من سعادة لي ولزوجي حين يأكل من عمل يدي – خاصة وأن كف البصر ليس مبررا لأن أظل معتمدة على الآخرين حتى آكل وزوجي، فمن فاقدات البصر من تزوجن وأصبحن بارعات في الطبخ، ولا أبالغ إذا قلت إنهن تفوقن على الكثير من المبصرات بفضل الله.. في الأيام الأولى من زواجي، كانت أسرتي تعد لي الوجبات تسهيلا عليَّ بحب ورضا، لكنني فكرت في حالي كيف ستكون إذا ما ماتت أمي، وتزوجت أخواتي وصرت بلا معين في هذا الشأن؟.. هل سيتحملني زوجي ويصبر على عدم قدرتي على الطبخ، أم سيملني وسيشعرني بأنني صرت عبئا عليه؟.. فوجدت أن تعلمي الطبخ أمر حتمي حتى لا يظل مصيري مرتبطا بمن حولي، فلا أحد يدوم لأحد، والظروف والأحوال متغيرة دوما.. لذا كان عليَّ أن أتعلم كيفية الطبخ وأقرأ كثيرا، وأسأل المحيطين بي عن أمور عدة متعلقة بالمطبخ والطبخ لأستفيد من خبراتهم وتجاربهم الثرية التي تعينني وتيسر لي إتمام هذا الأمر بنجاح..
وبالفعل، بدأت بإعداد أكلات ومشروبات خفيفة بمفردي ودون وقوف أحد بجواري، لعلمي التام بأن أحدا منهم لن يمكنني من ذلك بسبب خوفهم عليَّ، وحرصت على أن تذوق أسرتي ما أعده كل مرة، الأمر الذي أسعدهم كثيرا، وطمأنهم عليَّ، وتلاشى خوف أمي، ولامت نفسها لأنها لم تعلمني الطبخ منذ سنوات، ولم تؤهلني كي لا أعاني إذا ما تزوجت..
وبفضل الله، تقدمت في فن الطبخ وصرت أتعامل مع الفرن بسهولة، وأعددت بعض الأكلات المشوية، وها أنا مستمرة بعون الله في التعلم..
ما أود التأكيد عليه، هو أن الزوجة فاقدة البصر - إذا أتيحت لها الوسائل التي تعينها على الطبخ بسهولة مثل: بوتاجاز جيد، آمن، به خاصية الإشعال الذاتي، وماكينات وأدوات للتقشير والتقطيع والفرم، وقفازات لمسك الصواني والحلل الساخنة وغير ذلك من الأشياء التي تسهل إنجاز هذا الأمر؛ لأبلت بلاءً حسنا في المطبخ، وأبهرت زوجها ومن حولها، فلا شيء مستحيل مع الاستعانة بالله، والتوكل عليه، والإرادة، والعزيمة القوية لتحدي أية صعوبات. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.