قرى كثيرة ومتعددة تساقطت من حسابات المسؤولين والحكومة، فلم تجد من يهتم بها ويوفر لأهلها أولويات الحياة التى يستحقها أى إنسان لكى يستطيع إكمال حياته على نحو أقل ما يقال عنه إنه آدمي، ولكن للأسف أن معظم سكان تلك القرى يعيشون حياة تنقصها حياة ينتظرون أن يحنو عليهم أحد المسؤولين بمدرس أو مستشفى أو حتى إصلاح للصرف الصحى وهى متطلبات تبدو بسيطة للكثيرين ولكنها مصدر للحياة وحلم يحيا عليه سكان تلك القرى. قرية التابوت التابعة لمركز ملوي، بمحافظة المنيا من أوائل تلك القرى التى تنتظر أن تنظر إليها الدولة بعين من الرحمة والشفقة فهى قرية متربعة على عرش الفقر داخل محافظات مصر والأكثر إهمالاً من قبل المسؤولين، ويعانى أهلها من تردى الخدمات فى التعليم والصحة وعدم توفير مركز شباب لأبناء القرية، بالإضافة إلى وجود ترعة ملوثة تعد مصدرًا للعديد من الأمراض التى تسبب فى حالات وفاة بين السكان، لأنها مقر للقمامة والحشرات الضارة فضلاً عن أنها تعتبر مقبرة للأطفال الذين يموتون غرقًا فيها. ويبلغ عدد سكان القرية 10 آلاف نسمة تقريبًا ومازالت تابعة لقرية قلبا، القرية المجاورة وتبعد عنها بحوالى 3 كيلومترات والتى تلتهم كل الدعم لحسابها، يطلقون عليها "عزبة التابوت" لأنها أخذت نصيب الأسد من الفقر والنقص برغم محاولة أهلها تحويلها إلى قرية للاستفادة من الدعم الذى يوزع على القرى، ولكن لم يستجب أحد من المسؤولين على حسب قول الأهالى، بسبب غياب المسؤولين وعدم مراعاة مصالح المواطنين. وخلال زيارة "المصريون" للقرية حاورت محمد عادل، محام، أحد أهالى القرية، فقال "أنتوا لسه فاكرين بنموت بالحيا ومحدش سائل فينا، نحن فى قرية من القرى المعدومة نعانى من مشاكل عديدة، أبرزها مشكلة مياه الشرب غير الصالحة للاستخدام الآدمى فهى عبارة عن مياه صفراء معكرة بالأتربة ولا يستطيع إنسان الشرب منها أو استخدامها لأى غرض آخر، فنحن من الأفضل أن نشرب من الترعة لأنها أنظف منها، فضلاً عن انقطاعها المستمر بسبب تعمد أهالى قرية قلبا إغلاق المحبس المغذى لمياه القرية لكى تزداد المياه عندهم حتى تصل إلى الدور الرابع وإحنا مش لاقيين نشرب، فيلجأ الأهالى إلى تخزين المياه من الليل لتكفيهم طوال اليوم فنحن فى قرية المياه فيها بموعد من 12 مساءً حتى 6 صباحًا". وأضاف أنه تم تقديم العديد من الشكاوى لمحافظ المنيا وشبكة المياه والمجلس المحلى بقرية نواى ولكن لا حياة لمن تنادى، صموا أعينهم وأغلقوا أذنهم، وفى النهاية تكون النتيجة قرية معدومة وأهالى بؤساء. وتابع: "نحن مهمشون فى كل شيء فلا يوجد وحدة صحية لعلاج الأهالى الذين يلجأون إلى القرى المجاورة وكأنهم متسولون ليس لديهم حقوق كباقى المواطنين. فالمرأة تمشى بطفلها على أقدامها تحت الشمس المحرقة لكى تعطيه جرعة التطعيم حوالى 3 كيلو وهم عرضة للحوادث والمعاكسات والمضايقات من أهالى قرية قلبا، الذين يقولون لهم دائما: "روحوا اتعالجوا فى بلدكم يا متسولين"، مستطردا: نحن أصبحنا عرضة للسخرية والمهانة من الآخرين". وطالب بفصل التابوت عن قرية قلبا حتى يستطيع الأهالى العيش كمواطنين لهم كرامة بالإضافة إلى منع المشاكل والاشتباكات التى تحدث دائمًا بين القريتين، وردم الترعة الملوثة التى تشق القرية نصفين وتقع المنازل عن يمينها وشمالها فهى مقبرة للأطفال الصغار، مؤكدًا أنه مات غرقا ضحية تلك الترعة 3 أطفال العام الماضي، فضلاً عن أنها وقر للزبالة والحشرات الضارة، ووضع بها مواسير كما يحدث فى القرى المجاورة وإنشاء وحدة صحية، مشيرًا إلى أن تلك الطلبات ليست ضربَا من المستحيل ولكنها طلبات لا يستطيع أحد الاستغناء عنها. وأثناء الزيارة صرخ فى وجهنا محمد إبراهيم "خريج كلية أصول الدين": "قريتنا لا يوجد بها تعليم، يوجد بها مدرسة واحدة فقط ابتدائية تعانى من تكدس الطلاب بداخلها، حيث وصل عدد الطلاب فى الفصل الواحد 60 طالبًا تعمل بنظام الفترتين صباحى ومسائى من أجل استيعاب طلاب القرية". وأضاف: "هذا اقتراح سعى له الأهالى من أجل حل جانب من أزمة التعليم داخل القرية فى التعليم الابتدائي، أما عن التعليم الأعدادى والثانوى فيلجأ الطلاب للتسول على القرى المجاورة، فبعض القرى ترفض القبول بسبب كثرة أعداد الطلاب عندهم والبعض الآخر يقبل بشروطه الخاصة وبعدد معين". تابع: "يعانى أولياء الأمور من هذه المشكلة سنويا عند ميعاد التقديم حتى وصل الأمر إلى أن البعض منهم لا يجد مكانًا بأى مدرسة يلتحق بها فيجبر على ترك التعليم أو الانتظار للعام المقبل". وأضاف أن الطلاب وخاصة البنات عرضة للمضايقات والمعاكسات من جانب الشباب بالقرى الأخرى، مثلما حدث بقرية قلبا من مشكلة بين القريتين بسبب أن أبناء قرية قلبا ينتظرون البنات التى تذهب إلى المدرسة فى طريقهن ويبدأون فى المعاكسات والتغزل بهن، والتطاول عليهن بالأيدى، الأمر الذى أحدث ضجة كبيرة ووقعت مشاجرة بين شباب القريتين وصلت إلى حد تبادل إطلاق النار. وتابع قائلا: "بسبب هذا الأمر عزم أهالى القرية للسعى إلى إنشاء مدرسة إعدادية من أجل منع المشاكل بين الجانبين، فعمل أهالى القرية على التقديم الطلبات للمحافظة فكانت الحجة توفير الأرض من أجل بناء المدرسة، فقمنا بتوفير المكان المخصص بعد عناء شديد وتم إبلاغ المحافظ بهذا الأمر، وبعد إلحاح شديد تمت الموافقة على الإنشاء، بدأت الشركة المسئولة عن العمل بتنفيذ البناء فبعد مرور ما يقرب من عام كان الناتج هو إنشاء الكوبرى الذى يتم العبور عليه للأرض المخصصة للمدرسة، فوجئنا أن الشركة لما عزالها وماشية إيه اللى حصل مفيش ميزانية وهنستنى السنة المالية، وإحنا لسه مستنين ربنا يفرجها علينا ومش عارفين نعمل إيه تعبنا من كتر الشكاوى والطلبات ومفيش أى جديد حسبى الله ونعم الوكيل". وأثناء الجولة قال سيد عبد الرحيم: "أنا مزارع معرفش اعمل حاجة غير أزرع فى الأرض هى دى لقمة عيشى نعانى من نقص فى مياه الرى، الأرض كل سنة فى موسم الصيف مش بنلاقى مياه عشان نزرع، الحصة المقررة لنا تأتى ناقصة فى مقابل استفادة القرى الأخرى بنصيبنا من المياه طالبنا كتير واشتكينا ومحدش حاسس بينا". وأضاف: "يعنى نبطل نزرع موش كفيا مستحملين غلاء الأسعار فى الأسمدة والبذور، الفلاح بيزرع الأرض وفى آخر السنة بيطلع عليه ديون". وقال عبدالمنعم أحمد طالب بالثانوية العامة: "قرية صحراء جرداء لا زرع بها ولا ماء نتيجة إهمال المسؤولين وتهميش من قبل المحافظين"، وأضاف: "تخيل أنك تقف على قرية معدومة ليس فيها تعليم ولا وحدة صحية ولا مركز شباب، أنا حاسس أن إحنا قرية المغضوب عليهم من وسط القرى، حتى فرن العيش المدعم من قبل الحكومة ليس عليه رقابة العيش مايتكلش محروق ومعجن، ومفتش التموين عامل نفسه مش شايف كل يوم يجى بالعجلة بتاعته ومعاه قفص ياخد فيه العيش المخبوز بطريقة جيدة وياخد 20 جنيه قدام الناس عينى عينك وكأن محدش شايف حاجة، بس أنا مستغربتش من كدا لأن بصراحة هى دى مصر بلد الرشوة والفساد".
-"فضفض" بقصصك الإنسانية وقصص من يهمونك .. ارسل مشاكلك مع المسئولين والوزارات المختلفة ..للتواصل والنشر في صفحة " ديوان المظالم .. مع الأستاذة: صفاء البيلي موبايل: 01124449961 فاكس رقم25783447 إيميل: Bab.almesryoon@ gmail.com