تعليقًا على أعمال الشغب والبلطجة وإحراق الممتلكات العامة والخاصة والتعدى على المواطنين وعلى القوات المسلحة و أجهزة الدولة الذى جرى فى الآونة الأخيرة فى منطقة ميدان التحرير ، فى إطار خطة إجرامية لإحراق مصر وتدميرها جيشًا وحكومة وشعبًا أذكر هنا قول العلماء أن الخلل بأشكاله كافة، إذا ظهر فى المجتمع المسلم فإن على هذا المجتمع أن يتصدى لدفع ذلك الخلل ومقاومته والأخذ على يده وإلا فإن العقاب - فى الدنيا والآخرة - سوف يصيب الجميع ،من جهة أن هذا المجتمع بمثابة جسم واحد، لا انفصال بين أفراده ولا انفصام. وقد تضافرت جملة من الأحاديث التى تؤكد هذا المعنى ،من ذلك قول زينب بنت جحش رضى الله عنها: يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: ( نعم، إذا كثر الخبث( ، متفق عليه. و عن جزاء هؤلاء المجرمين فقد قال الله تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأْرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأْرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْى فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة:33) فالمقصود بقوله تعالى ب (الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأْرْضِ فَسَاداً..) هم المحاربون، من الحرابة وتسمى قطع الطريق عند أكثر الفقهاء، وهى: البروز لأخذ مال أو للقتل أو الإرعاب على سبيل المجاهرة مكابرة اعتماداً على القوة مع البعد عن الغوث، زاد المالكية محاربة الاعتداء على العرض مغالبة. وعلى ذلك فإننى أتوجه بالنصح والنداء إلى أبناء مصر المخلصين الأمناء الشرفاء ، بعدم النزول إلى الشوارع و الميادين للمشاركة فى هذه الفتنة ، وإتاحة الفرصة للدولة لمواجهة هؤلاء المجرمين البلطجية الذين يريدون إحراق مصر، بما يستحقونه بقوة وحسم وحزم ،ومن ورائهم المدبرين والمحرضين والممولين والمخططين بما فى ذلك القنوات التليفزيونية التى تقدمهم فى ثوب الثوار الشرفاء، ،عملاً بقوله تعالى : ) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (الأنفال25( وقد لخص ابن الأعرابى معانى الفتنة بقوله : " الفتنة :الاختبار ، والفتنة : المحنة ، والفتنة : المال ، والفتنة : الأولاد ، والفتنة :الكفر، والفتنة :اختلاف الناس بالآراء، والفتنة : الإحراق بالنار" . ( لسان العرب لابن منظور ) . فإذا كانت قوانين الأرض تقرر أنه لا عقوبة من غير جريمة، فإن القرآن الكريم - لاعتبارات معينة - يقرر أن الذنوب إذا ظهرت فى المجتمع فإن ذلك يستدعى عقوبة المجتمع بأكمله، وهو ما قررته هذه الآية الكريمة التى حذرت بكل وضوح أفراد المجتمع المسلم، بأن الظلم بكل أشكاله وأنواعه إذا ظهر بينهم فإن العقوبة تشملهم جميعاً، ويكون مقصود الآية التحذير من فتنة تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح. وعلى ضوء ما ذُكر ، يتبين خطورة السكوت عن المنكر والتغاضى عنه، فإن ذلك مؤذن بعموم العقاب، وهو ما يؤكد على المسئولية الجماعية للمجتمع، وأنه ليس بوسع أحد أن يتنصل ويتهرب من هذه المسئولية، بل الجميع مطالبون بالحفاظ على سفينة الحياة، وإيصالها إلى بَرِّ الأمان. ومن ثم فإننا نناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة وسلطات التحقيق بسرعة الانتهاء من التحقيقات الجارية فى أى انتهاكات للقانون فى هذا الشأن وإعلان النتائج وكشف الحقائق وتقديم المتهمين للمحاكمة العلنية العاجلة. حفظ الله مصر العربية الإسلامية وأهلها وقواتها المسلحة من كل سوء.