صفقة «الميسترال» و«الرافال» أمّنت دعم الدول الفرانكفونية روسيا تلقى بثقلها بعد تأييد القاهرة لتدخلها عسكريًا فى سوريا مؤيدون للسلطة يعتبرونها إنجازًا.. وإسلاميون: حصلنا على مقعد المتفرج
فازت مصر بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعامي (2016-2017)، وذلك بعد انتهاء عملية الاقتراع السري التي جرت الخميس الماضي، بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وهي المرة السادسة التي تنتخب فيها مصر لعضوية المجلس، بعد غياب 20عامًا عنه، إذ سبق انتخابها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي 5 مرات. وحصلت على عضوية المجلس في عهد الملك فاروق، في ثاني دورة له في عامي 1949-1950، وكانت جزءًا من المجلس الذي أصدر القرار رقم 83، والذي نص على مساعدة كوريا الجنوبية عسكريًا ضد هجوم كوريا الشمالية، والذي اتضح فيما بعد أنه مجرد مناورة من الولاياتالمتحدة لإعطاء الشرعية لشن هجوم على كوريا الشمالية، وامتنعت مصر عن التصويت في ذلك الوقت، الأمر الذي تسبب في استمرارية علاقة مصر الوطيدة بكوريا الشمالية. وفى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبعد إعلان الوحدة مع سوريا، حصلت الجمهورية العربية المتحدة، بإقليميها المصري والسوري، على عضوية مجلس الأمن في عامي 1961-1962، وجاءت أهم قراراتها في هذه الدورة إنها أيدت قرارات المجلس للحد من الحروب الأهلية ودعم استقلال دول إفريقيا آنذاك، فضلاً عن امتناعها من التصويت على كل ما يخص انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والدول المجاورة وذلك لرفضها الاعتراف بإسرائيل كدولة بشكل عام. وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عادت مصر للانضمام لمجلس الأمن عام 1984، ودعمت وقتها جهود المجلس لإنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وانسحاب القوات الإسرائيلية، من خلال تصويتها على تمديد عمل قوات حفظ السلام بالمنطقة. وحصلت مصر عليها أخيرًا وليس آخرًا، في عامي 1996-1997، حيث دعمت مصر في تلك الدورة، إنهاء احتلال العراق لدولة الكويت، كما أيدت جهود المجلس للضغط على المغرب لإعطاء سكان الصحراء الغربية حق تقرير المصير وإنهاء النزاع حول المنطقة، وهو الدعم الذي أثار الجدل وقتها، لأن مصر كانت ممثلة للدول العربية، ومن بينها دولة المغرب. وتحدثت وسائل الإعلام الداعمة للسلطة في تعليقها على فوز مصر بمقعد بمجلس الأمن عن الثقل الذي تتمتع به مصر دوليًا وعالميًا، على الرغم من الطابع البروتوكولي لهذا الأمر، إذ أن تدوير عضوية مجلس الأمن هو عرف داخل المنظمة الدولية منذ تأسيسها عام 1945، بشكل مكن دول مثل بتسوانا وأوغندا وكينيا والرأس الأخضر من عضوية المجلس بل ورئاسته، وهو أمر يؤكد أن التناوب بين الدول على مقاعد مجلس الأمن لا علاقة لها بوزن ولا ثقل ولا الثقة كما يدعي البعض. يأتي هذا في الوقت الذي ربطت فيه مصادر معارضة بين حصول مصر على مقعد بمجلس الأمن وما وصفته بأنه "ثمن غال قدرته بنحو10مليارات دولار، قيمة صفقات سلاح اشترتها من روسيا وفرنسا، إذ حصلت على طائرات "الرافال" الراكدة في الأسواق الفرنسية منذ عشرة أعوام، لدرجة أن القاهرة والدوحة فقط هما من اشتريا هذه الطائرة مجاملة لحكومة الرئيس فرانسوا أولاند الذي يواجه صعوبات اقتصادية لم يواجهها أي رئيس فرنسي سابق". وأشارت إلى دور التقارب المصري الروسي في الحصول على العضوية، لافتة إلى "اندفاع الرئيس عبدالفتاح السيسي تجاه روسيا، التي زرها مرتين خلال 6أشهر، حيث سعت مصر للحصول على صفقات عسكرية روسية ومهدت السبيل لعودة موسكو، كطرف مؤثر في المنطقة، بعد مباركة وزير الخارجية سامح شكري للتدخل العسكري الروسي في سوريا، وشن غارات ضد فصائل الثورة السورية لإنقاذ نظام بشار الأسد، وهو الأمر الذي أدخل علاقات مصر بحليفته الكبرى المملكة العربية السعودية في نفق مظلم وهو ما دفع موسكو لتأمين دعم الدول الدائرة في فلكها لدعم المسعى المصري". وعلى الرغم من حالة السرية المفروضة على عملية الاقتراع، إلا أن محللين رجحوا أن عملية التصويت تأثرت بالتحالفات التقليدية، وفقا لما ذكرته إذاعة صوت أمريكا. وقال ريتشارد جوان، من جامعة كولومبيا، إن التصويت مثير للجدل بسبب مواقف بعض الدول السياسية، فمثلاً التصويت على مصر في المجلس كان مثيرًا للاهتمام، لأنها تعد حليفًا تقليديًّا للولايات المتحدة، لكنها مؤخرًا صنعت روابط قوية مع روسيا، لذلك قد تكون أوكرانيا واحدة من الدول التي صوتت ضد مصر بسبب التقارب السياسي بين القاهرةوموسكو. كما رجح جوان امتناع بعض الدول غير المرتبطة مع القاهرة بعلاقات دبلوماسية عن تأييد دخول مصر لمجلس الأمن، بالإضافة إلى الدول التي تختلف معها سياسيًّا. ويقول محللون إن النظام قد يستغل الأمر في تعزيز شرعيته والتأكيد على وجود ثقل دولي له في ظل معركة الشرعية المحتدمة بينه وبين جماعة "الإخوان المسلمين" منذ الثالث من يوليو 2013، على الرغم من أن هذا الأمر لا يعد انتصارًا استراتيجيًا بل هو نجاح دبلوماسي معنوي وإعلامي قد يجري توظيفه لتبيض وجه السلطة القائمة. غير أن الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، اعتبر حصول مصر على المقعد الدائم في مجلس الأمن إنجازًا كبيرًا يحسب لمصر، لاسيما أنه يقربها من دوائر صنع القرار الدولي ويحولها لعنصر فاعل في ضبط الاستقرار في العالم، على حد زعمه. ويرى فهمي أن هذه العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن تعتبر إنجازًا دبلوماسيًا للدولة المصرية في ظل تأييد 179دولة لصالح مصر ورفض 11دولة لهذا الأمر وامتناع آخرين مبديًا تفاؤله بقدرة مصر على توظيف هذا الانتصار الدبلوماسي لخدمة قضايا المنطقة. ولفت إلى أن هذا الأمر يؤكد فشل حملات التحريض على مصري والتي شنتها جماعة الإخوان أبرز حلفائها مثل قطر وتركيا وغيرهما لم تحقق أهدافها بل على العكس عززت مكانة مصر وأكدت وجود ثقة دولية على قدرتها في تحقيق إنجاز فاعل على الصعيد الدولي. من جانبه، قلل مجدي سالم، نائب رئيس الحزب "الإسلامي"، الذراع السياسية ل "جماعة الجهاد"، من أهمية ما يعتبره البعض إنجازًا قائلاً: "مصر لم تخض معركة دبلوماسية للحصول على مقعد متفرج في مجلس الأمن مهما حاول المنافقون والجهلاء تصوير الأمر على أنه انتصار للدبلوماسية المصرية. وتابع في تصريحات له: "ليست هناك عملية انتخابية حقيقية بل التعيين يتم بالتزكية وفق قواعد الدور، وكثير من الدول يعتذر عن التعيين اعتراضًا على المواقف المتخاذلة للمجلس والمجتمع الدولي كما فعلت السعودية في الدورة السابقة، باختصار ليس انتصارًا لهم ولا هي هزيمة لنا".