جمال البنا يختلف مع أخيه مؤسس الإخوان.. ونجل شقيق الكتاتني يتبرأ من الجماعة التي تربى فيها عمه شوبير ينتقد أخيه الموالي للإخوان وعائلة عودة تنقسم بين الإخوان والوطني محللون: الخلافات السياسية يجب ألا تدمر العلاقات الإنسانية بين أفراد الأسرة الواحدة
تتميز العلاقات الأسرية في مصر دائمًا بالدفء بين أفراد العائلة الواحدة، وعلى مدار التاريخ الحديث نجد أن هناك عائلات كبرى في مصر لها تاريخ نضالي سواء من الناحية الفكرية أو الاجتماعية، وبالرغم من ذلك من الممكن أن تحدث عزلة بين أفراد العائلة الواحدة بسبب الانتماءات أو الأفكار السياسية، وظهر ذلك واضحًا منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، فكانت السياسة والأحداث السياسية سببًا رئيسيًا في خلق حالة جدل ونقاشات قد تصل إلى العزلة بين الأشقاء، وهذا اتضح أكثر بعد تظاهرات 30 يونيو فانقسم الأشقاء بين مؤيد للتظاهرات فيما عارض آخرون التظاهرات ووقفوا بجوار الرئيس المعزول محمد مرسي. فالخلافات السياسية والفكرية لم تكن فقط تظهر مع ثورة 25 يناير، بل إنها ممتدة عبر التاريخ وترصد "المصريون" نماذج حقيقية للعزلة بين الأشقاء بسبب مواقفهم السياسية، وكانت أبرز هذه العائلات التي جمعها الدم وفرقتها السياسة هى الخلاف الفكري والأيديولوجي ل(عائلة البنا) فجمال البنا شقيق حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حمل أفكارًا متناقضة عن فكر أخيه مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. وهناك أيضًا (عائلة عودة) فعبد القادر عودة القيادي الإخواني الراحل يسير على نهجه الإخواني نجله خالد عودة، بينما يختلف معهما ابن عمهما جهاد عودة القيادي بالحزب الوطني المنحل الذي فضل الانضمام إلى الحزب الوطني في السابق متخذًا اتجاهًا آخر غير عمه ونجل عمه. ومن عائلة عودة إلى(عائلة الكتاتني) فالبرغم من انتماء الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب في عهد حكم الإخوان إلى جماعة الإخوان المسلمين واعتباره أحد أقطاب الجماعة، نجد نجل شقيقه إسلام الكتاتني يتخذ موقفًا عدائيًا ضد جماعة الإخوان ويعلن انشقاقه عنها ويتبرأ منها ويعلن تأييده للنظام الحاكم في مصر الآن. ومن السياسة إلى الرياضة لم يختلف الوضع كثيرًا ولعل من أبرز الحالات هو الخلاف بين الشقيقين بين (عائلة شوبير) وبالتحديد بين أحمد ومحمد شوبير، فأحمد شوبير نجم منتخب مصر السابق أعلن ولاءه لنظام الرئيس السيسي بينما لا يزال شقيقه محمد يناصر جماعة الإخوان المسلمين ومنتقدًا للنظام الحاكم في مصر. مؤسس الإخوان وجمال البنا.. جمعتهما الأسرة وفرقتهما السياسة من أبرز الأمثلة على الخلافات الفكرية بين الأشقاء هى الخلافات في عائلة البنا، فحسن البنا هو مؤسس حركة الإخوان المسلمين سنة 1928 في مصر والمرشد الأول لها ورئيس تحرير أول جريدة أصدرتها الجماعة سنة 1933، نشأ في أسرة متعلمة مهتمة بالإسلام كمنهج حياة حيث كان والده عالمًا ومحققًا في علم الحديث. وأسس البنا في عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة سياسية إسلامية تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الحياة اليومية وإعادة الحكم الإسلامي مستندًا إلى آرائه وأطروحاته لفهم الإسلام المعاصر، له نتاج أدبي ومؤلفات منها رسائل الإمام الشهيد حسن البنا وتعتبر مرجعًا أساسيًّا للتعرُّف على فكر ومنهج جماعة الإخوان بصفة عامة وقد اغتيل حسن البنا في 12 فبراير 1949. والشقيق الأصغر لحسن البنا هو جمال البنا، وهو يختلف مع فكر أخيه حسن البنا وكل الأساسيات التي نادت بها الجماعة، ولجمال البنا العديد من الآراء الفقهية التي يعتبرها بعض العلماء مخالفة لما يرونه "إجماع في الكتاب والسنة". العلاقة الأسرية بين آل البنا وعن طبيعة العلاقة بين الشقيقين حسن وجمال البنا فكانت متميزة وحميمة، وكانت فيها جدلية نشأت من اختلاف الطبائع، وانتهت علاقة جمال بشقيقه عندما اعتقل جمال في 8 ديسمبر 1948وظل بالمعتقل حتى سنة 1950 فلم يحضر الأيام المأساوية الأخيرة لشقيقه ولا كيف استشهد ولا كيف خرجت جنازته فقد كان مسجونًا في الطور عندما وقعت هذا الأحداث. ولجمال البنا آراء مختلفة عن فكر أخيه حسن البنا والتي عكست إلى حد كبير التناقض الفكري بينه وبين شقيقه الأكبر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ومن أبرز هذه الآراء أن جمال البنا يرى في أن المرأة لها حق الإمامة من الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن كما يرى أن الحجاب ليس فرضًا على المرأة وأن القرآن الكريم خص به نساء الرسول محمد، وأن التدخين أثناء الصيام لا يبطل الصوم خصوصًا لغير القادرين عن الإقلاع عنه. كما يذكر جمال البنا أنه لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته منفردًا، وذلك كونه تزوج منها بصفة رضائية وبالتالي يتوجب الطلاق رضا الطرفين واتفاقهما لكي يتم الانفصال ويقول بجواز تبادل القبلات بين الجنسين. شوبير.. الكابتن "سيساوى" والشقيق "إخواني" يعتبر الكابتن أحمد شوبير نجم منتخب مصر السابق من أهم المؤيدين للنظام الحالي وداعم قوي للمؤسسة العسكرية بل كان صديقًا مقرب من نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك. فقد ولد شوبير بمحافظة الغربية وكان حارس مرمى النادي الأهلي المصري ومنتخب مصر لكرة القدم السابق وعضو مجلس الشعب عن مدينة طنطا ونائب سابق لرئيس الاتحاد المصري لكرة القدم ومعلق رياضي لمباريات كرة القدم ومقدم برامج رياضية في التليفزيون وبعد أن اعتزل أحمد شوبير كرة القدم، اتجه للتعليق على مباريات كرة القدم ويعد حاليًا من أبرز المعلقين الرياضيين على كرة القدم والبرامج الرياضية. وأنتخب عضوًا لمجلس الشعب المصري عن مدينة طنطا وهو عضو في الحزب الوطني الديمقراطي، ويعرف عن شوبير كرهه الكبير لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس الأسبق محمد مرسي وقد كانت له لقاءات تليفزيونية كثيرة لمناداة المواطنين بالخروج على مرسي والإخوان المسلمين. وللكابتن أحمد شوبير شقيق يختلف تمام الاختلاف عنه وهو محمد شوبير المعروف عنه انتماؤه الفكرى لجماعة الإخوان المسلمين وأصبح عضوًا فاعلاً في حركة غربة بالخارج وهى حركة مؤيدة للجماعة وقد ظهر محمد شوبير في عدة مرات في الخارج يقود مظاهرات كبيرة ضد النظام الحالي والمطالبة بعودة الشرعية والرئيس محمد مرسي. وقد شن شوبير هجومًا كبيرًا على شقيقه واصفًا إياه ب"الإخواني" غير الوطني ومن أبرز المواقف التي سجلت اختلافًا بينه وبين شقيقه "أحمد شوبير" حول أحداث مجزرة استاد الدفاع الجوي، التي وقعت في مطلع العام الحالي وخلفت 22 قتيلًا، فخرج "أحمد شوبير" يبرر تلك الحادثة بقوله إن الدولة يجب أن تسير على جثث الشباب كي تصعد إلى الأمام. الأمر الذي دفع "محمد شوبير" لشن هجوم عنيف على شقيقه في مداخلة هاتفية له قال فيها: "عايز أفكر أحمد لما كنا صغيرين وفي طنطا كنا بنفرح أووي لما نادي كبير زي الأهلي والزمالك يجي يلعب على أرضنا، ومكنش معانا تذاكر وبنتشعلق على السور". وتابع: "أوقات الأمن كان بيمسكنا ويطلعنا بره لكن مش بيقتلنا، ومش معنى إنهم مش معاهم تذاكر يموتوا الكلام دة مبيحصلش غير في مصر بس، عيب يا أحمد الكلمة مسئولية وإيه المشكلة لما يخشوا من غير تذاكر". الكتاتني رئيس الحرية والعدالة.. وابن الأخ منشق موال ل"السيسي" وتعتبر عائلة الكتاتنى أيضًا من أهم العائلات التي حدثت بها اختلافات فكرية، فالدكتور سعد الكتاتنى كان رئيس مجلس الشعب المصري في عهد جماعة الإخوان الذي تم حله بقرار من المحكمة الدستورية، وهو وكيل المؤسسين وأمين عام سابق لحزب الحرية والعدالة وعضو سابق بمكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين 2012. بعد قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، تم انتخاب الكتاتني رئيسًا لحزب الحرية والعدالة في 19 أكتوبر 2012، وفي أعقاب تظاهرات 30 يونيو تمت دعوته لحضور الخطاب الذي ألقاه الفريق أول حين ذاك الرئيس الحالي لمصر عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو 2013، إلا أنه رفض ذلك فتم إلقاء القبض عليه في ذلك اليوم ويحاكم الكتاتني حاليًا بعدة تهم أساسية منها قضية الهروب الكبير والتخابر. فيما اختلف مع الكتاتني نجل شقيقه الأصغر إسلام الكتاتني الذي أعلن انشقاقه عن الجماعة من خلال مشاركته فى مليونية "الإنذار الأخير" والتي كانت في ديسمبر 2012، ووجه إسلام الكتاتنى رسالة وقتها إلى الرئيس الأسبق محمد مرسي، قال فيها: "أنت لست مؤهلاً لقيادة بلد عريق مثل مصر، أنت لا تمثل الثورة المصرية، نحن مستمرون، حتى نحقق أهداف الثورة". عائلة عودة.. منقسمة بين الإخوان والحزب الوطنى ومن عائلة الكتاتني إلى عائلة عودة، فعبد القادر عودة هو قاض وفقيه دستوري في عام 1951م استقال من منصبه الكبير في القضاء، وانقطع للعمل في الدعوة، في عهد اللواء محمد نجيب عُيّن عضوًا في لجنة وضع الدستور المصري، وكان له فيها مواقف لامعة في الدفاع عن الحريات، ومحاولة إقامة الدستور على أسس واضحة من أصول الإسلام، وتعاليم القرآن في عام 1953م انتدبته الحكومة الليبية لوضع الدستور الليبي. تم إعدامه 7 ديسمبر 1954بعد اتهام جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في حادثة المنشية عام 1954م، وبسببها تم إلقاء القبض على عدد كبير من الإخوان المسلمين، ومعارضي حكم جمال عبد الناصر ومحاكمتهم أمام محاكمة عسكرية وهو والد الدكتور خالد عودة الأستاذ في كلية العلوم بجامعة أسيوط والذي تمت محاكمته بتهمة الانتماء إلى جماعة للإخوان المسلمين ضمن أربعين من الشخصيات العامة وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال أمام محاكمة عسكرية استثنائية وقد تم إلقاء القبض عليه في 14 يناير 2007، واستمرت المحاكمة مدة 15 شهرًا عقدت خلالها المحكمة سبعين جلسة حيث انتهت في جلستها الحادية والسبعين إلى براءته مما نسب إليه بتاريخ 15 إبريل 2008م ويعتبر خالد عودة من أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين حيث شغل في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي منصب عضو مجلس الشوري عن جماعة الإخوان المسلمين ودافع باستماتة عن أسلوب إدارة الإخوان لحكم مصر في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي.
أما شقيق عبد القادر عودة الأصغر هو الدكتور عبد الملك عودة أحد الوجوه البارزة والمشرقة في العائلة وشارك الدكتور عبد الملك عودة في تشييع جثمان الإمام حسن البنا، فاعتقل ونفى إلى جبل الطور، وعبد الملك عودة هو والد الدكتور جهاد عودة وكان سياسيًا بارزًا في لجنة السياسات في الحزب الوطني، ويعتبر جهاد عودة هو من أعمدة رجال الحزب الوطني ومعروف عنه مشاركته ودعوته إلى مظاهرات 30 يونية التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين. حامد: حسن البنا وشقيقه أبرز الأمثلة في الخلاف الفكري المتحضر المحللون من جانبهم أكدوا أن الخلافات السياسية لا يجب أن تمزق شمل الأسرة المصرية مهما كانت فيقول محمد حامد النائب السابق عن حزب الوسط، إن السياسة ممكن أن تفرق بين الأشقاء في العائلة الواحدة لكن هذا التفريق يكون فقط من النواحي الفكرية وليس في النواحي الأسرية فتظل العلاقات الأسرية متماسكة بالرغم من الخلاف الفكري والأيديولوجي بين المتباعدين فكريًا. وأضاف حامد أن هناك أمثلة كثيرة على الاختلافات الفكرية في العائلة الواحدة من أهمها حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وشقيقه جمال البنا فالبرغم من اختلافهما الفكري إلا أننا نجد أن جمال البنا كان دائم الإشادة بشقيقه الأكبر وكان هو مثال ونموذج للقدوة فكانت هنا التربية الإسلامية الدينية هي العامل بين الاثنين فكانت النزعة الدينية الإسلامية أقوى من الصراعات الفكرية والأيديولوجية. وتابع النائب السابق عن حزب الوسط أنه يوجد في عائلته الخاصة أكثر من فكر وأكثر من أيديولوجية فكرية وبالرغم من ذلك إلى أن العائلة متماسكة ودائمًا في لقاءات ومودة.
هاشم: الخلافات الفكرية يجب ألا تدمر العلاقات الإنسانية أما الدكتور صلاح هاشم أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم فيقول إنه وبعد ثورة 25 يناير وقد حدث داخل الأسرة المصرية انشقاقات كبيرة بين أفرادها بسبب السياسة فتجد منهم مؤيد ومعارض ودائمًا ما تحدث خلافات تصل إلى الخلافات والخصام بين أفراد الأسرة الواحدة.
وأشار هاشم إلى أنه لابد أن يكون هناك حدود للنقاشات السياسية بحيث تقتصر الخلافات في الفكر وليس في العلاقات الإنسانية حتى لا تفقد الأسر المصرية أهم ما يميزها وهى التواجد والتماسك بين أفراها.
ويضيف أستاذ علم الاجتماع، أن حالات الاختلاف الفكري في المجتمع المصري كثيرة، ولكن نظرًا لأن المعيشة هي العامل الأول في فكر المواطن فنجد أن الخلافات الفكرية تنتهي سريعًا بخلاف الخلافات المعيشية.