على الرغم مما تعانيه منطقتنا العربية من دمار وتخريب وتناحر وتفكك يدمع العين ويدمي الفؤاد..وعلى الرغم مما يعانيه الإنسان في هذه المنطقة من حرمان وكبت واستبداد وتخلف وتضييق على الحريات و عسر في الحياة وبؤس في العيش ..على الرغم من ذلك كله إلا أنه لا يمكننا أن نغمض أعيننا على ما يحدث في الضفة الأخرى للعالم من سباق سريع نحو المستقبل في مجالات العلم والتقنة والأمن والتطوير الحضاري والإنساني. الغرب في سباق عالي السرعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والاكتشافات والطاقات الجديدة و وسائل الإنتاج..سباق يخوضه علماء الكمبيوتر والاتصالات والفضاء ..وسباق تخوضه مخابر البحث الطبية والبيولوجيا والكيمياء للتخلص من الأمراض الفتاكة والمستعصية وتحقيق السبق والتفوق العلمي ..إنه عصر العلم والاكتشاف و الإبهار والبحث المتصاعد الذي تخلفنا عنه مئات السنين ..عصر الأذكياء النبهاء الأقوياء لا عصر الكسالى الضعفاء المتواكلين . اليوم لا لوم على المواطن المتعلم المتفوق الطموح الساعي نحو الهجرة لإثبات ذاته وتقديم علمه وذكاءه في خدمة الناس واللحاق بمراكز البحث العالمية.. .هذه طبيعة إنسانية وفطرة بشرية ..الإنسان دائما يدنو من المكان الذي يبدع فيه ويحقق ذاته و طموحه وآمآله ويحضى بالاعتراف المستحق والمكانة المطلوبة. لا ريب نحن في عصر سباق العلوم والبحث والتنقيب والاكتشافات الكبرى الذي لاحصرية فيه ..من يقدم الفكرة الجديدة النافعة والمبدعة تفتح له أبواب الأرض وتشرع له نوافذ المجد و العرفان من دون عصبية لدين أو عنصرية لجنس ..إنهم يبحثون عن الإنسان الإيجابي الناجح المتميز المبدع المبتكر ولا يهمهم دينه ولا عقيدته ولا لونه ..ما يهمهم هو ذكاءه وعلمه واجتهاده ومثابرته والإضافة التي يضيفها لهذه الحياة . إنها دول عظيمة تستحق الريادة لأنها تبحث عن العظماء والنجباء وتوفر لم فرص النجاح والنبوغ ،وتعترف بهم وتستفيد من فكرهم وإبداعهم واختراعهم ..ليس تفضلا ومِنّة منها وإنما اعترافا بنجوميتهم وتميزهم..لأنه كلما نجحوا وأبدعوا استفادت منهم ومن خبراتهم وعطاءهم. وفي النهاية هؤلاء البحثة الرواد يستحقون ما يوفر لهم نظير تعبهم و جهدهم وكدهم وارتقاءهم ، ويبقى الخاسر الوحيد بلدانهم التي صرفت عليهم و علمتهم ولم تستفد منهم لأنها ببساطة لم تحقق لهم ظروف البقاء والطموح والإبداع والاكتشاف وربما سعت إلى تنفيرهم وتحطيمهم باحتقارهم وتهميشهم . * كاتب من الجزائر ..