الآن حصحص الحق وظهرت براءة علي السلمي من الوثيقة المشؤومة ، كبراءة "الذئب" من دم ابن يعقوب ، وعرف القاصي والداني أن الوثيقة هي وثيقة اللواء"الملا" وليست وثيقة السلمي ، وما السلمي إلا مجرد واجهة للعسكري يتلقى الطعنات والشتائم واللعنات ، بينما صاحب "الملعوب" الحقيقي يتفرج على المشهد ويراقب ، ثم ألقى بالسلمي ، بعد انتهاء الدور ، في المكان المعروف لليمون المستهلك . تصريحات اللواء الملا ، عضو المجلس العسكري أول أمس يقول فيها أن لجنة صياغة الدستور لن تكون من حق البرلمان ، كما أراد الشعب المصري واختار في استفتاء أسطور شهير ، وإنما ستكون حكومة العسكري المؤقتة شريكة في الاختيار ، وكان اللواء عتمان قبله قد قال أن البرلمان المقبل لن يكون من حقه اختيار الحكومة وتشكيلها ولا محاسبة الحكومة ثم شكلوا مجلسا استشاريا بغالبية ساحقة من الليبراليين واليساريين ، فإذا جمعت الثلاثة علمت أن العسكري يفكر في كون البرلمان والانتخابات الحالية مجرد "مسرحية" لإلهاء الناس وإظهار "العسكري" بوصفه يحقق ما تعهد به من التزامات أمام الشعب ، بينما هو في الحقيقة يرتب البلاد لوضعية أخرى بعيدا عن الشعب وإرادته واختياره . اللواء الملا كان يتحدث بوصفه بديلا عن الأمة كلها ، يتكلم كرجل عسكري يصدر أوامر ويقرر قرارات ويبطل الدستور بكلمة من "سيادته" ، نفس طريقة الديكتاتوريات السابقة ، التي تتعامل مع الوطن بوصفه عزبة بلا صاحب وعلى طريقة الفراعين القديمة "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" . الملا قال أمس للصحافة الأجنبية أن هذه البرلمان المقبل لا يعبر عن الشعب المصري بكل اتجاهاته ، وهي "افتكاسة" تحتاج إلى "قفا عريض" لكي يستوعبها ، لأن ما نفهمه ويفهمه المصريون ويشاهده العالم كله ، أن هذه الانتخابات يشارك فيها أكثر من أربعين مليون مصري ، وخاضها كل التيارات الفكرية والسياسية من اليسار واليمين والإسلاميين والليبراليين والأقباط والمسلمين والشمال والجنوب ، وكل الملل والنحل والاتجاهات ، فمن أين أتى اللواء الملا بأن هذه الانتخابات لا تعبر عن الشعب المصري ، وأن البرلمان الذي يتمخض عنها لا يمثل الشعب المصري ، هل يمثل شعب إسرائيل مثلا يا سيادة اللواء ، أم أن النتائج المبكرة للجولة الأولى أصابتك بالفزع فأردت أن تصادر إرادة الشعب واختياره من المنبع وتعلن أنك لا تعترف باختيار الشعب لنوابه . الجناح المتشدد في المجلس العسكري حرص على أن يكون المجلس الاستشاري الذي شكله أقرب إلى "برلمان علماني" مواز ليواجه به برمان الشعب المنتخب والذي يحقق الإسلاميون فيه غالبية واضحة ، لدرجة أنهم استبعدوا شيخ الأزهر ورموزه وكافة الرموز الإسلامية بل وعاقبوا المستشار البشري نفسه ، الرجل الذي اختاروه من قبل لإنجاز التعديلات التشريعية التي احتضنها ملايين المصريين وصوتوا لها ، البشري يستبعد بينما ساويرس المتهمة شركاته بالتخابر يختار ، كما حرص "العسكري" على أن يختار نقيب المحامين لأنه ناصري ويساري بينما تجاهل نقيب الصحفيين لأن ميوله إسلامية . كلما تقدمت مصر خطوة في طريق الديمقراطية بدأت قيادات في المجلس العسكري تلقى الحجارة عمدا في طريقه لتوتير الأمور وإثارة الاضطراب ، الفارق أنهم سابقا وجدوا "سلمي" يتسترون خلفه ، والآن لم يجدوا بديله للتستر خلفه ، فظهروا بهذا الشكل الخطير في مواجهة الشعب . [email protected]