قال مركز اطلس للدراسات الإستراتيجية الإسرائيلية أن الجريمة التي ارتكبها مستوطنون يهود في قرية دوما الى الجنوب من مدينة نابلس بحق الرضيع علي سعد دوابشة ذي الثمانية عشر شهرًا، حرقًا في منزله بإلقاء المولوتوف عليه وهو نائم في سريره، وإصابة باقي أفراد أسرته، والداه وشقيقه بجروح خطيرة؛ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وإدانة رئيس وزراء دولة الاحتلال للجريمة ووصفه إياها بالإرهابية يجب ألا تنطلي على أحد وألا تنسينا ان نتنياهو وحكومته وجيشه هو الإجرامي الأكبر في العالم، وأن هذه الإدانة لا تعدو عن كونها مجرد فعل استعراضي دعائي لاحتواء الصدمة والاشمئزاز وموجة الغضب والشجب من دول وشعوب العالم. لابد من زرع الحقيقة ووضع النقاط على الحروف، فإذا كان المستوطنون هم من نفذ فإن الفاعل الحقيقي هو نتنياهو وحكومته التي توفر الاسناد والدعم المالي والتسليح والحماية، هذه العصابات الاستيطانية الصهيونية الإرهابية العاملة في أوساط المستوطنين تحظى بدعم مباشر من حكومة نتنياهو، وتجرى تحت سمع وبصر قوات الجيش والأجهزة الأمنية التي توفر الحماية الكاملة لها، وزراء كبار في هذه الحكومة لا يتوقفون عن التحريض العلني ضد السكان الفلسطينيين، وتوفير الدعم المادي والاسناد السياسي والغطاء القانوني والحاضنة الاجتماعية والمرجعية الأيدلوجية لما تقوم به هذه الجماعات الاستيطانية من أعمال وجرائم، وعلى رأسهم رئيس "البيت اليهودي" ووزير التعليم نفتالي بينيت، ووزيرة ما يسمى "العدل" ايليت شاكيد التي تصفت الأطفال الفلسطينيين ب "الأفاعي"، وتدعو الى قتلهم، ووزير الأمن الداخلي ايلي دهان، الذي يطالب دومًا بعودة المستوطنين الى البؤر الاستيطانية التي تم إخلاؤها في شمال الضفة، اعتبر ان من حق اليهود الاستيطان في كل مكان من أرض فلسطين، نتنياهو نفسه صادق منذ أيام على بناء 3000 وحدة استيطانية في مستوطنة "بيت ايل" لاستجلاب رضاء المستوطنين الذين احتجوا على إخلاء بيتين أقاموهما على أرض فلسطينية. الجريمة على بشاعتها تأتي في سلسلة الجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي بحقنا كفلسطينيين وعرب على هذه الأرض، والأمر في محصلته النهائية لا يعدو عن كونه تناوب أدوار بين قوات الاحتلال والمستوطنين لإلهائنا وترويضنا كي نقبل بالأمر الواقع وبالاستيطان. في غضون الشهر الماضي؛ ارتكب الجيش الاسرائيلي جرائم قتل ذهب ضحيتها خمسة شهداء بدم بارد، من بينهم فلاح أبو ماريا، الوالد ل 11 عشر طفلًا، الذي قذف الجنود بإناء صغير بعد ان أصابوا أحد أبنائه، فرد الجنود بقتله ميدانيًا، وما تعجز قوات الجيش والأمن عن تنفيذه تنفذه عصابات المستوطنين، ومعلوم ان جماعات المستوطنين تشكل المستودع الانتخابي لقوى اليمين السياسية في الحكم، لدرجة ان نتنياهو مدين في بقائه في الحكم للحركة الاستيطانية، وقبيل الانتخابات الاخيرة قام هو ووزير أمنه موشيه يعلون بعقد صفقات هائلة مع زعماء المستوطنين لدعم الاستيطان في الضفة مقابل دعم المستوطنين في الانتخابات. منظمة "بتسيلم" المنظمة الإسرائيلية الفاعلة في فضح الانتهاكات الإسرائيلية، اعتبرت أن جريمة دوما كانت متوقعة بسبب تحاشي فرض القانون على المستوطنين، واعتبرت أن جريمة قتل الطفل علي وإصابة والدته ريهام وشقيقه أحمد بجراح بالغة كانت مسألة وقت، لأن إسرائيل لا تكترث باعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين يوميًا، وتمنح الحصانة لمنفذي جرائم الكراهية وتشجعهم على مواصلتها. وحسب معطيات "بتسيلم" فإنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة (منذ آب/ أغسطس 2012) نفذ المستوطنون عددًا من الجرائم، من بينها إحراق تسعة منازل في الضفة الغربيةالمحتلة دون أن تتم محاكمة أي من المجرمين، وأشارت "بتسيلم" الى أن الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية لم تفك لغز أي من هذه الاعتداءات، وهذا ليس قضاءً وقدرًا؛ بل نتيجة سياسات تنعكس بكافة مستويات أنظمة تطبيق القانون، خاصة السياسيين، بدءًا من رئيس الحكومة لأن استنكاراتهم فارغة طالما يؤيد عدم تطبيق القانون على من يمس بالفلسطينيين، ولا يعالج التحريض السبب خلف الاعتداءات هذه"، وحذرت من اعتداء جديد على الفلسطينيين يلوح بالأفق. إن على السلطة الفلسطينية تحديدًا، والتي تتلخص مهمتها في الدفاع عن شعبها وتحقيق أهدافه، ألا تنظر الى الجريمة باعتبارها حدثًا عابرًا أو استثنائيًا وسرعان ما تعود الأمور الى مجراها الطبيعي كأن شيئًا لم يكن، إن عليها ان تحمل نتنياهو وحكومته كامل المسؤولية عن هذه الجريمة وكل الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا، وإن على الفصائل والقوى الفلسطينية ان تتوقف عن الزمجرة الخطابية الفارغة على منصات الإعلام والتلفزة والتوظيف المشين لدمنا كفلسطينيين في خصوماتها السياسية، وأن تتوحد لبلورة استراتيجية وطنية لوقف اعتداءات المستوطنين وتقديم اقتراحات ومبادرات عملية لتوفير الحماية للفلسطينيين في مناطق التماس، فبيانات الشجب والاستنكار ودعوة المجتمع الدولي للتدخل لن تفيد شيئًا والتجربة خير شاهد، إن علينا كقوى سياسية وسلطة وطنية ومنظمات مجتمع مدني ان نحسن التقاط اللحظة وموجة الغضب العالمية التي أثارتها جريمة محرقة الطفل علي دوابشة وعائلته لتسجيل نقاط لصالح القضية الفلسطينية، بما فيها التوجه لمحكمة الجنايات الدولية والاستثمار في تعزيز حملة المقاطعة.