تعالت الأصوات الفلسطينية المطالبة برد قوي وسريع على الجريمة الصهيونية الشنعاء بحق طفل، ذنبه الوحيد إنه ولد على أرض فلسطينية يغتصبها الكيان بانتهاكاته اليومية، ويعيث فيها فسادًا وخرابًا يشهد عليه جميع العالم ويغض عنه النظر باقي الوطن العربي. حادثة تكررت صورها في الأيام القليلة الماضية، لكن لم تتكرر في بشاعتها وقسوتها، حيث لم يتبق من بيت الرضيع الفلسطيني علي دوابشة، بعد تعرض منزله لهجوم، نفذه مستوطنون متطرفون يهود، سوى بضعة صور، وعبوة حليب لم يكمل شربها. كل ما في المنزل الواقع في بلدة دوما من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية، تحول إلى رماد، صبغت الجدران باللون الأسود، وتناثرت بقايا صور للطفل علي (عام ونصف)، وشقيقه محمد (4 سنوات)، ووالده سعد (33عاما)، ووالدته رهام 29عاما. وردًا على الجريمة انتفضت الضفة الغربيةوالقدس، وتعيد الحادثة إلى الأذهان جريمة حرق الصبي محمد أبو خضير حيا في القدسالمحتلة قبل حوالى عام، والتي على إثرها اشتبكت المقاومة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني في حرب غزة الأخيرة. واشتبك الغاضبون مع جنود الاحتلال في رام اللهوالقدس والخليل ومدن وقرى ومناطق أخرى، ما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 25 فلسطينيا جراح أحدهم وصفت بالخطيرة، بينما أعلن الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أن فلسطينيا قتل برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخر قرب بلدة بيت لاهيا في شمال غرب قطاع غزة. وسادت الشارع الفلسطيني حالة من السخط الشديد، وامتدت هذه الحالة لتطال ما سمي بالتقصير الرسمي والفصائلي والاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار والإدانة، وهي البيانات التي يراها الشارع تشجع المتطرفين اليهود على التغول في أفعالهم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل. ووقعت جريمة حرق الرضيع التي أدانتها الأممالمتحدة ودول عربية وأوروبية والولايات المتحدة، في بلدة دوما القريبة من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وهاجم المستوطنون منزلين وصبّوا مواد حارقة حولهما قبل أن يشعلوا فيهما النيران، وخطوا قبل فرارهم من المكان شعارات عنصرية باللغة العبرية مثل «يحيا الانتقام» و انتقام المسيح. من جانبها، حملت الرئاسة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الجريمة التي وصفتها بالبشعة، وقال نبيل أبو ردينة الناطق باسمها «إن هذه الجريمة ما كانت لتحدث لولا إصرار الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار بالاستيطان وحماية المستوطنين، كما أن صمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم وإفلات الإرهابيين القتلة من العقاب أدى إلى جريمة حرق الرضيع دوابشة، كما حدث مع الطفل محمد أبو خضير. وأكد أن هذه الجريمة التي يندى لها الجبين ستكون في مقدمة الملفات التي ستقدم إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة كل من شارك فيها، وقال:لم يعد مقبولا الإدانة اللفظية لهذه الجرائم من قبل المجتمع الدولي وإن المطلوب خطوات عملية تؤدي إلى محاسبة المجرمين وإنهاء الاحتلال»، وأعلن أبو ردينة أن القيادة ستعقد اجتماعا عاجلا لدراسة الأوضاع الخطيرة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية نتيجة اعتداءات المستوطنين واقتحامات المسجد الأقصى، والاستفزازات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني. وعلى صعيد متصل؛ توقعت الصحافة الإسرائيلية تصعيدًا فلسطينيا في المرحلة المقبلة ردًا على حرق طفل عائلة الدوابشة، فنشر موقع واللا الصهيونية إن إسرائيل تستعد لمواجهة عدة سيناريوهات خطيرة، وقالت مصادر أمنية إسرائيلية للموقع، إن إمكانية تنفيذ هجوم انتقامي ربما تكون "مسألة وقت" فقط، وأن الحدث يتوقع أن يجلب ردود فعل وزيادة في كثافة الهجمات والعمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي. ويرى المحلل العسكري أمير بوحبوط أن كلا من السلطة الفلسطينية وحماس تريدان تغيير الوضع القائم في الضفة الغربية، حيث تسعى الأولى للضغط على إسرائيل من خلال العمل الدبلوماسي وزيادة عدد الشكاوي في المحكمة الدولية لنزع الشرعية عن إسرائيل، فيما تحاول حماس جاهدةً إنشاء مجموعات عسكرية وزعزعة الاستقرار في الضفة ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية. استنكرت فصائل فلسطينية بشدة جريمة المستوطنين بحق رضيع فلسطيني وعائلته في قرية دوما جنوب،حيث قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن استشهاد الرضيع علي سعد دوابشة جريمة بشعة تستدعي ردا استثنائيا من شعبنا ومقاومتنا، مشددة على أن المقاومة ستعرف طريقها السريع لتلقين الاحتلال ومستوطنيه درسًا قاسيًا على هذه الجريمة، وأكد الناطق باسم حماس في الضفة الغربية حسام بدران أن حرق الرضيع هو وحشية إسرائيلية لا تغتفر، وأن أبناء الشعب الفلسطيني سيردون عليها بطريقتهم الخاصة. من جهتها قالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إن جريمة المستوطنين في دوما قضاء نابلس والتي استشهد خلالها رضيع وأصيب ثلاثة من أفراد عائلته وغيرها من جرائم المستوطنين تمت بدعم وحماية من قوات الجيش الإسرائيلي التي دفعت بها حكومة الاحتلال لحماية إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية. وأضافت الحركة على لسان مصدر مسؤول بالضفة الغربية في بيان صحفي أن "الجريمة تاتي ضمن مسلسل التصعيد الممنهج من قبل الاحتلال الذي أعلنت حكومته المجرمة عن الشروع ببناء مزيد المواقع الاستيطانية ما يعني أننا أمام توسيع للعدوان على ممتلكات المواطنين واستهداف الأماكن المقدسة".