انقضت المرحلة الأولى من الانتخابات بحلوها ومُرها؛ بخيرها وشرِّها، ووجب الآن على الإسلاميين أن يقفوا وقفة يسيرة ليلتقطوا الأنفاس ويقيموا أداءهم ويزنوه بميزان السياسة الشرعية فى ضوء ضوابط الحلال والحرام قبل أن يكون فى ضوء الحسابات السياسية. هناك أكثر من ظاهرة تستأهل التوقُّف والتحليل، أخطرها على الإطلاق ظاهرة التراشق اللفظى وتبادل الاتهامات بين الشباب من الصف الثانى والثالث من الإخوان والسلفيين. نعم التجاوزات واقعةٌ من الطرفين، وهى فى كل الحالات لا تقاس بعُشر معشار ما صدر عن تياراتٍ أخرى، ولكنَّنا محكومون بأخلاق وآداب إسلامية يُفترضُ أننا قدوة الناس فيها. ولا يشفع لنا أمام الله – عز وجل – أننا كنا نعمل لصالح الدين، فالخطأ هو الخطأ. بعض إخواننا من الجانبين يرصدون أخطاء إخوانهم وينشرونها على أنها أخطاء للحزب أو الجماعة أو المنهج كله، ومن الظلم البين أن تعمِّم فى حكمك على فصيل لأنَّك رأيت من بعض أفراده خطأً أو أخطاءً... فكلٌّ فيه الصالح والطالح، لذلك وضع سلفنا الصالح رضوان الله عليهم قاعدة:« المنهج حاكمٌ على الأفراد، والأفراد لا يحكمون على المنهج». وكما أنَّ كلًّا يؤخذ من قوله ويُردُّ؛ فكذلك كلٌّ يؤخذ من فعله ويُردُّ. إنَّ التجاوزات موجودة من الجميع إسلاميين، وليبراليين، وعلمانيين، ومستقلين..إلخ. والملاحظ أنَّ حجم هذه التجاوزات يتوقف على مدى إحساس الفصيل باقتناع الناخبين به؛ وهو سائر مع الحكمة القائلة: (( صوتك المرتفع دليل على ضعف موقفك)) وما كان بعض العلمانيين والليبراليين أعلى صوتًا وزعيقًا فى الفترة الماضية وهذه الفترة إلا لأنهم يشعرون بضعف موقفهم. وقل نفس الكلام على طوائف العمل الإسلامى ففى الدوائر التى يُحسُّ فصيل منها بضعفه تجده قد يلجأ إلى بعض التجاوزات قصدًا أو اتفاقًا؛ مع عدم إغفال عناصر أخرى مهمة منها: الوعى السياسى والتدين؛ فالواعى سياسيًّا يكون حصيفًا حتى وهو يتجاوز لا يُظهر هذا التجاوز، كما أن الأكثر تديُّنًا المحكوم بالأخلاق الإسلامية تعفُّ نفسه عن الوقوع فى بعض الأمور التى لا تُرضى ربنا حتى لو كان فيها مكسبًا للإسلاميين لأنَّ القاعدة التى تحكمه هى: الغايات النبيلة لا تنال إلا بالوسائل الشريفة. ويشهد الله – عزَّ وجلَّ- أنّى شاهدتُ من إخوانى الإسلاميين سواءً إخوانيون أو سلفيون أو وسطيون أو غير ذلك ما تقرُّ به العين من تقوى وورع وتعفُّفٍ عن هذه الصغائر وهذا هو الغالب الأعمُّ فى كل مكان، فالكبار لا تصدر منهم إلا الأفعال الكبيرة العظيمة الرائعة.. أما الصغار سِنًّا وعلمًا وخبرةً أيًّا كان اتجاههم فقد تصدر منهم بعض النقائص عن حماس أو غَيرة، ولكنها لا تُعبِّر بحال من الأحوال عن التوجه العام للإسلاميين. وللحديث بقية إن شاء الله.. [email protected]