يومًا بعد يوم يثبت الشعب المصرى أنه أكثر وعيًا وإدراكًا من النخب المثقفة التى باتت شبه معزولة فى مدينة الإنتاج الإعلامى أو استوديوهات ماسبيرو تظن أن احتكار الفضاء الإعلامى كفيل بصناعة الوعى وصياغة الوجدان . وكما كانت الثورة المصرية لحظة فارقة تعرى فيها كثير من المثقفين كذلك صنعت الانتخابات التى جاءت كالصاعقة فوق الرءوس رغم أن المتابع المنصف والمحلل المحايد كان يدرك هذه النتيجة ولكن النخب صدرت أحلامها إلى المواطن فى قالب تحليلى محكم وتكاتف الجميع على سلبه حقه فى الاختيار كما يشاء وأغرقوه فى مجادلات بيزنطية لا تمس حياته من قريب أو بعيد نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات كشفت عن وعى كبير من الناخب المصرى الذى تعرض لإهانات كبيرة على يد " النخب " تعدت حدود الأدب واللياقة ودخلت فى دائرة المحظور والممنوع فالبعض اعتبر اختياراته " غلطة " وآخر نظر إلى خروجه الكثيف على أنه خوف من الغرامة أما اختياراته فقد صدرت بلا وعى و إدراك .. !! هكذا لم يسلم الشعب المصرى من الحماقات والسخافات والتى لا تختلف كثيرًا عن السباب الذى كان يكال له فى عهد مبارك من عينة أنه غير جاهز للديمقراطية ، وهذا يؤكد لنا أن كثيرَا من هؤلاء النخبويين ما هم إلا أبناء مخلصين للنظام السابق مثلوا مخلب القط الفكرى الذى نهش به جسد الشعب ومعارضيه الحقيقيين . الشعب المصرى كان ناضجًا أمام الصندوق بعكس المثقفين والنخبويين الذين سقطوا بجدارة فى أول استحقاق ديمقراطى حقيقى تشهده مصر منذ حوالى ستة عقود واللافت للنظر أن الذين تولوا كبر إفساد المشهد الديمقراطى كان معظمهم ينتمى للتيار الناصرى واليسارى بصفة عامة وهذه الجزئية تحتاج لمزيد من التحليل والرصد لكشف الدور الحقيقى الذى لعبه اليسار المنصرى فى إجهاض العملية الديمقراطية وترسيخ النزعة الإقصائية والرفض المطلق لكل مخالف لهم فى الرأى والتوجه فما من مفصل من مفاصل البلد الحيوية تقع تحت أيديهم إلا وتتحول إلى منبر آحادى لا يسع غيرهم ولا يطيق أحد سواهم ووزارة الثقافة المصرية خير دليل وشاهد . كان من الطبيعى أن تذهب معظم أصوات الناخبين للتيار الإسلامى فهذا انعكاس حقيقى لتوزيع القوة على أرض الواقع ولكن الشعب لم يعط صوته بلا وعى وإدراك بل كان قادرًا على الفرز والانتقاء فقوائم وترشيحات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية كانت قريبة من الشارع متفاعلة معها تعيش همومه وتحس آلامه ولم تهبط عليه من كوكب آخر . وفى دوائر كثيرة ترك الناخب التيار الإسلامى واختار غيره عندما شعر أنه يعبر عنه وعن طموحاته المشروعة القادمة . فالاختيار كان يتم بوعى وفرز ولم يكن على أساس كيلو الزيت والسكر . كما أن المواطن المصرى اختار أن يطبق بنفسه ما عجز عنه القانون فأصدر حكمه التاريخى بعزل فلول الحزب الوطنى عزلاً شعبياً خلافا لما صدعت به النخب الرءوس من أن مجلس الشعب القادم سيكون قسمة بين الإخوان والفلول . شكرا لهذا الشعب العظيم ورجاء من القلب لكل النخب أريحونا يرحمكم الله . [email protected]