أرجع الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية العالمية للطب النفسى، سر الإقبال الضعيف على جولة الإعادة من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب، إلى طبيعة الشخصية المصرية التى تشبه "قرص الفوار" يثور وسرعان ما يهدأ، بحسب تعبيره. وأشار عكاشة فى مقابلة مع برنامج "آخر النهار" على قناة "النهار" إلى أن نزول عدد كبير من المواطنين فى الجولة الأولى يرجع لإحساسهم بنزاهة الانتخابات، وأن صوت كل شخص "هيفرق" والاتفاق على هدف عام هو الديمقراطية والاستقرار، فضلًا عن الخوف من الغرامة. وتابع "بعد إعلان النتائج وسيطرة التيار الإسلامى على الكثير من الأصوات، وانحسار المنافسة بين الاتجاه الإخوانى والاتجاه السلفى، شعر الناخبون بالإحباط، وتخوف الأقباط من البرلمان القادم وتراجعوا عن المشاركة فى جولة الإعادة". ولفت عكاشة إلى أن الشعب المصرى يرفض التعصب الطائفى الذى استخدم بقوة فى الانتخابات التى تحولت إلى منافسة طائفية، كما أن شباب الثورة الذين قاموا بتحرير البلاد لم يحصلوا إلا على 7 أو 8% فأحجموا وأنصارهم عن المشاركة فى جولة الإعادة. وشدد على أن الإعلام أصاب الشعب أيضًا باليأس والاكتئاب عن طريق ظهور عدد من الأشخاص قاموا بترهيبه وإخافته من الدين، مشيرًا إلى أن الشعور أو عدم الشعور بالندم على التصويت للاتجاه الإسلامى أمر متروك للشعب، وأكد فشل أى نظام سلطوى فى بناء دولة. وأكد الدكتور عكاشة، أن حالة الاكتئاب التى أصابت المصريين بعد الثورة كانت نتيجة طبيعية نظرًا لعدم وضوح الرؤية للمستقبل، فضلًا عن الانقسامات والاختلافات التى ألقت بظلالها على المجتمع الذى شعرت الأغلبية الصامتة فيها بأنها لم تعد قادرة على تحديد مصيرها وأن جميع الخيوط أصبحت فى يد ثوار التحرير. وربما هذا ما دفع تلك الأغلبية للنزول إلى العباسية للتعبير عن رأيها هى الأخرى، و مع ذلك فقد استمرت حالة الاكتئاب عند المصريين، بل وأصبحت فى تزايد مستمر، نتيجة أننا لم نعد نستطيع أن نخرج أو ننفصل عن الأحداث التى تدور حولنا. وأشار إلى أن برامج "التوك شو" تعد من أهم أسباب تزايد نسبة الاكتئاب فى مصر لأنها تدور كلها فى نفس الحدث بنفس الضيوف مما خلق حالة من الملل، فضلًا عن أن الإعلام كله والذى يعد الآن من أهم وسائل الترفيه عند الناس الآن يدور فى دائرة مغلقة وهى أحداث التحرير وما يترتب عليها. مضيفًا إلى ما سبق حالة الانفلات الأمنى بالشارع المصرى والتى لا تسمح للناس بالخروج من البيت لدرجة أن نسبة كبيرة جدًا من الناس فى مصر فرضت على نفسها حظر تجول خاصًا، ابتداء من الساعة السادسة أو السابعة خوفًا من النزول إلى الشارع أو التعرض للبلطجية، وكل هذا كفيل بأن يخلق حالة من الاكتئاب وأن الخروج منها ليس سهلًا.