يتحدث أهل السياسة كثيرًا هذه الأيام عن ضرورة الوفاق الوطنى بين جميع الأحزاب والتيارات السياسية فى الآونة القادمة، وأعتقد أن الوفاق الرياضى سبق الوفاق السياسى، فقد جاء تصالح مجلس الإدارة المنتخب مع بعض المرشحين فى الانتخابات الماضية ليعيد الأمل لنادى الزمالك فى الحفاظ على لاعبيه من الرحيل، وحل مشاكلهم المالية وعودة الاستقرار للنادى العريق. وهذا الوفاق الذى حدث يحسب لجميع الأطراف أيًا كانت الدوافع المحركة لهم، لأن المؤكد أن خروج الزمالك من المحاكم أمر مهم جدًا نحو عودة الاستقرار الإدارى، وانصهار الكل فى بوتقة واحدة بما يعود بالفائدة على هذا النادى. وقد أعجبنى تنازل مرتضى منصور ورفاقه عن حقهم فى استمرار دعواهم القضائية، واختصار المدة الزمنية بإعادة المجلس المنتخب، والترفع عما هو شخصى من أجل ما هو عام، وأعجبنى ممدوح عباس ومجلس إداراته فى الاستجابة لهذه المبادرة رغم ثقة محاميهم بالحصول على حكم قضائى لصالحهم وينفى أى تهمة عنهم وعن جميع أعضاء المجلس. كما ينال المستشار جلال إبراهيم إشادة كبيرة لإعلانه أن الأزمة المالية التى يمر بها الزمالك لن يستطيع أحد حلها إلا عباس، وربما يثق كرجل قضاء فى انتصار القضاء له ومجلس إداراته، كما انبهرت كثيرًا باستمرار الشاب هانى العتال فى خدمة الزمالك بعدم توقف إنشاء الجيمانزيوم الذى وعد به الأعضاء خلال حملته الانتخابية. كما أسعدنى قيام قدامى الزمالك ونجومه الأفذاذ على مر العصور بلعب دور مهم فى تشجيع هذا الوفاق بين الجميع، مما أدى إلى نجاح مبادرة الصلح من أجل مصلحة نادى عريق. واعتقد أن هذا الدرس الذى قدمه مسئولو الزمالك وأعضاؤه ونجومه يجب أن يحتذى به فى ملعب السياسة خاصة عند أولئك الذين يرغبون فى فرض الوصاية على الشعب ويبحثون عما يسىء إلى تفوق للتيار الإسلامى فى المرحلة الأولى بإرادة الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة وبإشراف قضائى كامل. والدرس الذى يجب أن يعمل به أهل "ساس وأخواتها" هو أن الجميع يجب أن يعملوا من أجل هذا الوطن، فلن يحكم فصيل واحد هذا البلد، ولكن يجب أن يتم احترام رأى الأغلبية التى اختارها الشعب، ولا يجب تخويف الشعب من الإسلاميين لأن هذه "الفزاعة" لم تعد تجدى مع الناس، بل يجب عليهم طرح مشروع وطنى يتوافق مع ثقافة وقيم وأخلاقيات الشعب المصرى، وليس مشروعًا ينتمى للقيم والأخلاقيات الغربية. ولذا فإننى أرى ضرورة أن يكون هناك وفاق سياسى فى حكم مصر، وأن يتم احترام رأى الشعب فى أنزه انتخابات تشهدها مصر، ولا يجب إطلاقًا أن تنفرد قلة أيًا كان عددها بحكم هذا البلد أو فرض الوصاية عليه سواء بالخروج للشارع أو بالضغط الإعلامى. وانصهار " الكل فى واحد" هو الحل لنجاح الشعب المصرى فى سنة أولى ديمقراطية وعلى الساسة المتواجدين على الساحة أن يكون على مستوى المسئولية وإلا خسروا ثقة وأصوات الشعب فى أقرب انتخابات تالية.. احذروا هذا الشعب الذى يعلم العالم من سبعة آلاف سنة. وعلى من يلعبون السياسة أن يتعلموا من درس عودة الوفاق للزمالك.