"حالة مصر" بادئ ذى بدء فاننا سوف نستبعد من تاريخ النوائب التى مرت بمصر الفتره الزمنيه منذ بدء ثورة ينايرعام 2011 وحتى الان بسبب انها احتوت فترات انتقاليه كثيره ،ومضطربه كما شهدت حكومات عديده متعاقبه اتسمت بعضها بالتسرع فى تشكيلها مما كان له اكبر الاثر فى ظهور عدد من اعضائها اقل كفاءه وفى احيان اخرى اقل كياسه مهما كان الدافع النبيل من الحكام الذين تولوا امر البلاد فى تلك الفترات، وعلى ذلك فاننا سوف ننظر فى مقالنا الى فترات ماقبل ذلك املا فى ان نصل الى محاولة تشخيص الامراض وحصر الذنوب والخطايا هادفين الى محاولة وصف العلاج الذى به نبرأ من تلك الامراض ونتوب عن تلك الذنوب.
السبب والنتيجه
بشكل عام فان الانسان يعتمد عند فهمه لما يدور حوله او ما يقع تحت بصره بما يسمى فكرة ارتباط النتيجه باسبابها بمعنى ان عقد رباط بين الحوادث واسبابها من سلامة المنطق وحسن الفطنه، بمقصود ان ما يحدث اليوم من نتائج، ترجع اسبابها او بواعثها،الى ما تم فى الايام الخوالى ، غير ان العقل الباطن للانسان البسيط قد يرفض –فى معظم الاحوال - ان يسند الى نفسه ذنوبه ومثالبه مفضلا ان يلصقها بغيره لكى ينام مستريح البال مبرءا شخصه من آثامه وذنوبه ،اى يتخيل او يدعى ان هناك من يتآمر عليه ليخطف منه نعيمه وهناءه. ولاشك ان المؤامرات والمؤتمرون فى الخارج او حتى فى الداخل موجودين فى كل مكان وفى كل زمان وأن ، ولكن من جهه اخرى فان قوة تاثيرهم ونفوذهم لا ينبغى ان يفوقنا اويتغلب على ارادتنا وتصميمنا داخل اوطاننا ،بل فان ارادتنا وتصميمنا على ادراك النجاح لابد ان ينتصر عليهم وان يجتازهم ويدفعهم ورائه متجاوزا اياهم.ولقد عددنا فى مقالنا الاول من تلك السلسله الكثير من الدول التى استطاعت ان تشق طريقها للتقدم برغم تعرضها لحروب ومحن اشد من حالتنا بمراحل ومراحل، كاليابان التى تم ضربها بالقنابل الذريه واحتلال ارضها وفرض حكم اجنبى عليها ولكن ذلك لم يثنيها عن تجاوز تلك الاهوال والتغلب عليها والانطلاق الى النمو والازدهار
مصر فى مطلع القرن ال 19
لاجدال ان حاله مصر فى مطلع القرن ال 19 شهدت عصر من ازهى عصورها فى بدايات تولى محمد على ولايه امور البلاد واستمر ذلك حتى اواسط سنوات هذا القرن حيث شهدت نهضه علميه ونمو اقتصادى وتفوق عسكرى حتى ان تجربتها الناجحه كانت نبراسا اهتدت به دولا كانت متخلفه فى ذلك الزمان وكانت فى بدايه مشوارها للتقدم الذى بلغ مداه واصبحت الان ثانى او ثالث اقوى اقتصاد فى العالم وهى اليابان. وكانت جامعة القاهره فى الثلاثينيات مناره للتعليم على مستوى العالم وكانت دول اوربا تبعث اليها للدراسه فيها ابناءها فى بعثات تعليميه لدراسه الطب والهندسه وسائر العلوم للحصول على اعلى الدرجات العلميه منها شهاده على الجداره العلميه لتلك الجامعه و لنقل الحضاره المصريه الى تلك الشعوب الاوربيه .ولكن بدءا من اوخر حكم اسره محمد على بدا الوهن والتراخى ايام ولاية الملك فاروق حيث انتشر الفساد والرشوه والمحسوبيه وعدم المساواه بين المواطنين فى الحقوق والواجبات وظهر مجتمع الآثره والثروه الذى اسماه جمال عبد الناصر اسما يصف حجمه بالنسبه لحجم الشعب المصرى وهو طبقة ال ½ % رمزا الى ان الثروه والنفوذ قد تركز فى هذه الطبقه اما باقى المجتمع المصرى وحجمه 99.5% فكان خارج دائرة الثروه والحكم ،اى اصبح من المهمشين والمحرومين حتى من ابسط حقوق الحياه الانسانيه الكريمه. وقد استمر التدهور ماعدا فترات وجيزه من حكم جمال عبد الناصر التى اتسمت فترة حكمه كلها بالديكتاتوريه المطلقه وكانت الناس لا تامن على حياتها وامانها فى حياته هو ونظامه برغم بعض اجراء بعض الاصلاحات التى لا ترقى الى الكفاءه والحرفيه ، وربما كانت هناك قوى خارجيه وايضا داخليه تسعى لتقويض حكمه فقامت بمحاربته عسكريا وقبلها اقتصاديا وسياسيا لكن فى الاغلب الاعم فقد كانت فتره قاسيه قاسى فيها الشعب الامرين وجاع وتعرى دون جريره منه ولا ذنب سوى وجوده فى فتره من احلك فترات الحياه السياسيه فى مصر.
المشاكل والازمات –فى الزراعه
يصعب على اى كاتب ان يحصر كافة المشاكل ويقترح لها حلول ولكن بقدر الإمكان سوف نعدد ما يمكننا بيانه ،واول ازماتنا الاقتصاديه فى الزراعه. فعلى الرغم من ان الدوله تكون لها هيكل ادارى ضخم للغايه مكون هيئات ومصالح وما ينبثق منها من منظمات مثل بنوك التسليف والجمعيات التعاونيه الزراعيه لاستيراد البذور والسماد والمبيدات وتسويق المحاصيل. بالاضافه لِكَمّ رهيب من القائمين على امرها يتقاضى اجور ديناصوريه من موازنة الدوله برغم كل ذلك الذى ينفق عليها نظرا لاهميتها للامن القومى للبلاد لانها المسؤله عن اعاشة المواطنين على ارض الوطن إلا ان ما يشوبها من نوائب يفوق الوصف فالرقعه الزراعيه تنكمش بمعدلات مرعبه نتيجة التبوير والتجريف والتصحر..نعم التبوير لمساحات شاسعه من الاراضى يقوم الفلاحين ببيعها كاراضى اسكان حيث يتم البناء عليها لاغراض السكن...نعم التجريف للطمى الاسود وبيعه لقمائن الطوب لتصنيع الطوب الاحمر لاغراض البناء المخالف على الارض الزراعيه......كما تتعرض الاراضى الزراعيه لاخطار التصحر نتيجة اهمال نظم الرى للاراضى لسرعة الاجهاز عليها وبيعها كارض بناء ليحقق البائعين من الفلاحين ثروات طائله على حساب الارض التى بلى على ترابها اجسادالاباء والاجداد وهم يزرعونها ويحصدونها على مر آلآف السنين .وقد نشرت اجهزة الاحصاء تناقص الارض السوداء بما يزيد عن الثلث ويقترب من النصف من المساحه الكليه التى كانت تبلغ تقريبا ستة ملايين فدان.اضف الى ذلك خطايا الفلاحين فى الاستخدام المفرط للاسمده والمبيدات والهرمونات مما اصبح يصيب المواطنين بكثير من الامراض الخطيره كالفشل الكبدى والكلوى والسرطانات بانواعها.
المشاكل والازمات –فى الصناعة
كان للفساد المقنن من الدوله فى بيع شركات القطاع العام والحكومى للاجانب وللقطاع الخاص الدور الرئيسى فى وأد الصناعه الوطنيه والاعتماد على الاستيراد من الخارج مما اصبح يشكل مخاطر مريعه على امن البلاد القومى تتمثل فى تحكم البورصات العالميه فى الاسعار وتتمثل فى تحكم الدول الاجنبيه فى التوريد الينا حسب شروطها وتتمثل فى اننا نصبح ايضا مستوردين لموجات ارتفاع الاسعار المفتعله الناتجه من تفاعل قوى العرض والطلب من الاجانب، وكذلك مستوردين لموجات التضخم العالميه والازمات الماليه الناجمه عن الدورات الاقتصاديه لاقتصادات الدول الاجنبيه الراسماليه و قد يصفنا البعض بالتهويل ويقول الا تنظر لصناعه السجاد والسيراميك التى تصدر الفائض للخارج ونقول لهم انه بعدما تم الاجهاز على الصناعات الوطنيه الهامه مثل صناعة المراجل البخاريه والحديد والصلب وغيرها فقد راى رجال الاعمال ان يستوردوا من الخارج مصانع للصناعات الملوثه للبيئه التى استغنت عنها الدول الاوربيه نظرا لخطوره تصنيعها على اراضيها وفضلوا استيراد المنتجات فقط .
المشاكل والازمات –فى العمل
على الرغم ان هناك وزاره للعمل من المفترض انها تنمى الوظائف وتحسن ظروف التشغيل وترعى العمال،، وينفق علي اجور ومعاشات موظفيها ومبانيها وانشاءاتها من موازنة الدوله اموالا طائله الا ان ارقام البطاله فى تزايد وقد رصدت الاجهزه الرسميه نسبة تعطل عن العمل تبلغ13,7% ولكن الواقع يثبت ان البطاله لا تقل عن 60% من القوه العامله كما ان العاملين بالقطاع الخاص يعملوا فى ظل ظروف عمل سيئه ولا يتمتعوا باى تامينات صحيه او اجتماعيه او معاشات حقيقيه فكل تلك الضمانات المعمول بها فى كافة دول العام لا تشمل عاملين القطاع الخاص الا بقدر ديكورى ورمزى حيت يؤمن اصحاب الاعمال على عمالهم بمبالغ ضئيله لا تغطى معاش لائق او رعايه صحيه مناسبه.. ولقد عم الفساد مجال التوظيف الحكومى لدرجة ان وزير حالى يقرر حقيقه مرعبه فى اهم الصحف اليوميه قائلا : "ان موظفى الحكومه يبلغوا سته ونصف مليون موظف كلهم قرايب"ونسمع كثيرا على ان المسؤل فى بعض مواقع العمل الذى لا يجد قريب له ليعينه فى ظيفه شغرت لاى سبب فانه يبيعها بعشرات الالاف من الجنيهات اى يقبض رشوه لكى يقبل بتعيين موظف جديد قادر على الدفع !!!! وياللعجب على شاب يدفع رشوه لكى يتم قبول تعيينه!و كيف حال ذلك الموظف وماذا سيفعل الذى تم تعيينه بالرشوه بالجمهورالمتردد عليه طالبا الخدمه الحكوميه؟
المشاكل والازمات –فى رجال الاعمال الجدد
لا يخفى على اى مصرى متى نشات طبقة رجال الاعمال فى مصر وكيف ترعرعت! فمن المعروف انها كانت غير موجوده على الاطلاق فى عهد جمال عبد الناصر ولكن بداية نشاتها ببداية عصر الانفتاح ايام المرحوم انور السادات اما رعايتها وترعرعها كان فى عصر الرئيس مبارك.وكانت مصادرها اموال الدوله وثروتها التعدينيه ورقعتها الارضيه ،فهناك من اثرى من مناقصات التوريد الحكوميه بارقام مخيفه وهناك من اثرى من تجاره الاراضى التى كانت تخصصها له الدوله بتراب الفلوس ويبيعها للاجانب بالمليارات وهناك من اثرى من شراء شركات القطاع العام التى كانت تبيعها الدوله بتراب الفلوس وهناك من اثرى من تراخيص الدوله له بان ينوب عنها فى تقديم بعض خدمات للمواطنين باسعار مبالغ فيها ومنهم من اثرى من عمليات المتاجره الغير شريفه فى البورصه المصريه ومنهم من اشترك فى بيع ثروات الدوله التعدينيه وغيرهم وغيرهم كثير.لكن فيما ان المواطنين قد اصابهم اضرار مخيفه من تبديد ثروات الوطن التى هى فى حقيقة امرها ثرواتهم الا ان الجانب الاخر من تلك الاضرار يتمثل فى طريقه توظيف رجال الاعمال لثرواتهم المتولده من تلك المصادر الحرام...فقد استغلوا شطرا منها فى مجال الاعلان(ولا اقول الاعلام)بشراء بعض الصحف اليوميه والمجلات والقنوات التليفزيونيه الخاصه ليبثوا من خلالها سمومهم ..وليس ببعيد تعليقات كثره كثيره من المواطنيين باستيائهم من تلك البرامج التى كانت تبث ايام شهر رمضان المثيره للغرائز والتى تظهر المواطن المصرى على انه نصاب او سارق اونصاب او قاتل مما يمثل فضيحه امام العرب والاجانب.
وفى ذلك القدر كفايه - الختام
لدى ،ولدى غيرى الكثير، فهناك نوائب فى كثير من القطاعات الاقتصاديه والخدميه لا يقدر كل المتآمرون فى الداخل والخارج لو اجتمعوا لها ان ينجحوا فى المؤامره علينا بقدر ما نحن نفعل بانفسنا ،وقد رايت الاكتفاء لنجد الوقت للنظر الى الامام ونسال انفسنا كيف الطريق واين السبيل؟بلا شك ان الاجابه على صعوبتها وتعقدها وتفرعها من الممكن اختصارها –نظريا - لتكون من نوعيه الاجابات الجامعه المانعه قليلة الكلمات كثيره, ولو انه يجب الاعتراف مقدما بانه لاتوجد حلول سحريه يمكنها ان تعالج مشاكل عاشت معنا اكثر من نصف قرن ما بين رمشة عين وانتباهتها ،لكن هناك مبادئ عامه وظروف انسانيه فى حاله تحققها تتم انارة الطريق الى الحل من امثلتها الاخلاص فى العمل واتباع القيم الساميه حتى يتحقق الانتماء للوطن ...وقد قالها يوما الرئيس السادات من انه يسعى لان يكون لكل مواطن فى مصر قطعه ارض يبنيها مسكن له واخرى يملكها ويكون له عمل مناسب براتب مناسب ،فالمواطن –فى هذه الحاله - سيحب وطنه الذى اعطاه سبل المعيشه الكريمه .. فلن نجد بعد ذلك من يسعى لهجره خارج البلاد او يضر وطنه بالاعمال الارهابيه او معاونة العدو فى اعمال تخريبيه او جاسوسيه. بالطبع تحتاج منا هذه الكلمات القليله لمجهودات كثيره لكن فيها حلول اكيده.