ماذا ينقص أولادنا؟ أعطيناهم كل شئ وهيأنا لهم من أسباب الراحه والرفاهيه ما لم نحلم به والنتيجه بالتأكيد غير مرضيه هذا أقل ما يمكن أن يقال ماذا يحتاج الطفل؟ تربيه,تعليم راقى, توجيه مستمر, استجابه لمتطلباته الكثيره, مستوى معيشه جيد, رحلات, ترفيه, مصايف, كمبيوتر, موبايل, وفرنا لأبناءنا كل ذلك وأكثر. فيم قصرنا لنفاجأ بشخصيات غير مستقره وتطلعات دائمه للمزيد من المطالب الماديه ورغبه عارمه في اختصار المسافات والوصول إلى القمة في كل شئ دون بذل جهد أو مثابرة و استخفاف بما تحقق لهم وعدم إدراك للجهد الذي بذله الوالدين في سبيلهم الشكوى عامة في كل الأوساط و الطبقات بتنويعات مختلفة والمقارنة مستمرة بين هذا الحال وما كان يحدث في الأجيال السابقة حين كان الابن يرضى بالقليل ويواجه الحياة بروح الكفاح و التحدى ويقبل يد والديه وينجح بجهده وحده ويثبت ذاته في معترك الحياة. بداية المقارنة هنا في غير محلها فلكل جيل ظروفه و معطياته التى تؤثر على إدراكه و أدائه ,و نسبة النجاح والتميز في كل جيل تكاد تكون ثابتة و لكننا دائما ننظر إلى الماضىنظرة وردية بعد أن قام الزمن بتصفية شوائبه ,و الجيل الحالى يطلب ما توافر من ثمار الحياة العصرية و يدفع في سبيل ذلك الضريبة المكافئة فهو يعيش في تنافس و زحام ويجد نفسه دائما محاطا بالآخرين في هذا الزمن الذي أسماه د. جلال أمين عصر الجماهير الغفيره ومن الطبيعى أن تنتقل إليه ثقافة الزحام ,ومن التجارب الطريفه التى قام بها علماء النفس عدد قليل من فئران التجارب في متاهة بها أماكن مخصصه للطعام والنوم واللعب فاستجابت الفئران للنظام والانضباط تماما فلما قاموا بمضاعفة الأعداد في نفس الحيز وأصبح المكان مزدحما أخذت الفئران تتصارع وتتسابق وتتشاجر وهكذا حول الزحام السلوك المنضبط إلى سلوك عشوائى وأصبحت الفئران "المحترمه" فئران "بيئه" أما السؤال الجوهرى وهو ماذا ينقص أولادنا؟ فالحقيقه ينقصهم الكثير , ينقصهم الحب غير المشروط واحترام اختلافهم عنا وضبط إيقاعنا الذاتى معهم . وإذا كان من المسلم به أن كل الآباء والأمهات يحبون أولادهم فإن المهم هو كيفية بث هذا الحب ,الحب الذي يحتاجه الأبناء لا يعطى لهم في كبسولة ليتناولوه سريعا و كفى ولكنه ينتشر عبر الأثير ليستنشقوه ويحسوا حرارته تحوطهم أينما ذهبوا عبر رسالة تقول ,, إننا نتقبلك و نحبك كما أنت لأنك جزء منا و نحن نساندك و نؤيدك دائما ,, لأن الطفل يحتاج أن يشعر بالأمان و التكيف مع أسرته ليمكنه بعد ذلك أن يتكيف بنجاح مع الآخرين ويقوم بأدواره المختلفه والمتعدده في المجتمع ,كما أنه يحتاج أن يشعر أنه جزء من كيان قوى يسانده و يحميه وهو هنا أسرته . يجب أن تكون نظرتنا للأبناء أكثر إنسانيه فهم ليسوا أدوات حية نستخدمها لتحقيق أهدافنا و أحلامنا و لكنهم ذوات منفصلة عنا تماما و أرواح اختبرنا الله بوضعها أمانة بين أيدينا و علينا أن نصونها يكفى أن نوجه ونرشد ونحترم إرادة الأبناء و اتجاهاتهم المختلفة عنا , المهم أن تظل العلاقة بيننا دائما حميمة و صحية. أما عن الإيقاع فهو ضبط الخطوات سويا حتى نتلاءم معا فأحوال الأبناء تتغير من مرحلة إلى أخرى كما أن طباعهم هم أنفسهم تختلف عن بعضهم البعض و لذلك يجب أن تتناسب ردود أفعالنا معهم , فنتجه معا خطوة إلى اليمين ثم خطوة إلى الأمام ثم و إذا تراجعنا فلا بأس بخطوة إلى الخلف يعقبها خطوتين إلى الأمام ثم انطلاقة دائمة إلى الأمام ,فإذا انطلقوا في اتجاه المستقبل يكون من حقنا أن نتنفس الصعداء فقد أدينا واجبنا وسعدنا بتلك النجوم الزاهرة التى تضئ سماءنا