الحلول الناجزة تعتمد على توصيف الواقع الحالى دون العيش فى مراحل سابقة والاصرار على ترويج تصورات خالية للابقاء على الجماهير فى مستحقات ومتطلبات تلك المراحل واغفال المستجدات وتغير موازين القوى . هناك أسئلة ضرورية لمن يدفعون نحو التصعيد : هل لازالت هناك ثورة ، وما هى مكوناتها وما مستقبلها ؟ وما هى آلياتها وهل هى بيضاء سلمية ، أم مسلحة ؟ ما امكانية سقوط مغانم توجه تسليح الثورة فى يد داعش والتنظيمات التكفيرية المسلحة ، فضلاً عن تأثيراتها على مؤسسات الدولة المصرية ؟ ما هو الهدف الفعلى فى هذه المرحلة بعد عامين من 30 يونية ، هل هو استعادة السلطة ، أم انقاذ القيادات ، أم الوصول لتسوية شاملة تقدم خلالها الاخوان تنازلات فى مقابل العودة المشروطة ؟ وبتحديد الهدف تحدد الآلية والمنهج واستراتيجية المرحلة ، فاذا كان الأمر لا يعدو كونه محاولة لتحسين شروط التفاوض ، فكل تبكير فى التحرك أفضل من التأخير الذى يفقد الجماعة المزيد من أوراقها خاصة مع التطورات الاقليمية وبالذات ما يتعلق بالشأن التركى ، وفى كل الحالات فمبادرة من طرف واحد مصحوبة بتفاهمات اقليمية وعربية ( سعودية – تركية ) كفيلة بالاسراع نحو التسوية ، التى صارت ضرورة واقعية قبل الانجرار لمزيد من العنف وتصعيد الصدام على خلفية رسائل وشحن قيادات السجون وقيادات الخارج . توظيف مصطلح الثورة لم يعد يلقى رواجاً خاصة مع تطورات الأوضاع فى مراكز انطلاقات " الثورة " ، وانهيار الأوضاع نحو سيناريوهات التقسيم وغياب الدول ومحوها عن الخريطة وحلول المليشيات المذهبية محلها " حديث مدير المخابرات الأمريكية عن اختفاء سوريا والعراق " فضلاً عن الأوضاع فى ليبيا وضربات داعش فى تونس وانكماش دور حركة النهضة . وفى داخل مصر لم تعد هناك مظاهر ثورة فى الشارع بعد أن تلوثت بكوابيس الدم والاغتيالات والتفجير . وما هو قائم على الأرض اغتيالات سياسية وتفجيرات . وهل الاستكمال تحت عنوان " سلميتنا أقوى من الرصاص " أم " ما دون الرصاص سلمية " وتفجير مرافق الدولة وآليات الجيش والشرطة وحرقها درجة من درجات السلمية كما ورد على لسان أشرف عبد الغفار " قيادى تم تصعيده مؤخراً فى الخارج " ؟ بمعنى أن البحث جار عن هوية تلك الثورة التى يدعون لاستكمالها وآلياتها ؟ فهل هى شعبية جامعة وما أمارات ذلك ؟ أم خاصة بلجان وكتائب سرية ؟ وما هى الجهات التى ستساند فيها فى مواجهة استمساك الدولة المصرية بحق الدفاع عن كيانها ومؤسساتها ؟ فهل ستتم الاستعانة فى هذه الحالة بجماهير ومسيرات سلمية ، أم بعناصر وخلايا مسلحة ؟ ما نلاحظه هو استنساخ لنفس النهج الذى سبب الخسائر والفشل طوال عامين ، أن هناك رغبة مرحلية لتحريك الشارع بمزيد من المظاهرات ، ثم بمزيد من العنف لاحقاً ؛ حيث يعانى المشهد الاخوانى اليوم من الركود وتحوله الى مجرد عمل روتينى يومى بدون جديد حيث يحرض من فى الخارج ويبتكرون كل يوم أساليب جديدة فى الدعاية السلبية ضد الدولة دون استجابة حقيقية فى الداخل بعد أن أدرك كثيرون داخل مصر عبثية المشهد عندما يصبح منتهى أمل القيادى من هؤلاء هو الهروب للخارج بأى ثمن ، ويحرض ويدعو " للثورة " ويحرض من بالداخل على العنف والاغتيالات ، فهل هذا هو مفهوم " الثورة " ومعناها لدى هؤلاء القيادات ؟ وتوصيف هذه الحالة ليس أكثر من صناعة لوبى خارجى ، أو نزوح يشبه نزوح الستينات الى الخارج لبناء قوة الجماعة من الخارج فى حين تتحطم قواعدها وقوتها فى الداخل . الحلول الناجزة الواقعية وانقاذ القيادات والدكتور مرسى كان بيد جماعة الاخوان وليس بيد أحد آخر ، واذا تتبعنا مراحل قضية الدكتور مرسى لاكتشفنا أنه كان ورقة جيدة بل أهم ورقة لانقاذ الجماعة والحركة الاسلامية ومن ثم اعادتها للمشهد السياسى والاجتماعى بشكل سريع ؛ فى حال فقط تم التعامل مع الأزمة بعقلانية واعتبار لموازين القوى على الأرض والمستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية وعدم الرهان على الوقت . لكن ما حدث غير ذلك وهو توظيف قضية مرسى وما يطلق عليه شرعيته فى الصراع الصفرى مع الدولة والاصرار على العودة للمشهد بشروط الجماعة فقط وبكامل قوتها وسيطرتها على السلطة بمعنى العودة الى ما قبل 30 يونيو دون أى تغيير يذكر ، وهذا مخالف ويناقض سنن السياسة . الدكتور المنصف المرزوقى وقيادات حمس الجزائرية والنهضة التونسية .. الخ ينشطون فى الوساطات لحل أزمة الاخوان فى مصر وانقاذ القيادات ، لدرجة مناشدتهم بابا الفاتيكان وبانى كى مون للتوسط ! عدم استجابة الدولة بسبب أحداث الشهور الماضية من تغذية للعنف وتحريض عليه وتأجيج للكراهية ضد مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش وتفجيرات واغتيالات سياسية ، أخطرها اغتيال النائب العام ، وتهديد لأمن واستقرار البلد كان تحت عنوان شرعية مرسى ، وهو الذى لم يتحمل مسئوليتة التاريخية منفرداً عن الجماعة ومستقلاً عن حساباتها الخاصة ومصالحها ، انما وظف هو أيضاً الجماعة فى الاتجاه السلبى من أجل عودته للحكم ، والخبرة التاريخية مع الدولة المصرية أنه مادام هناك عنف على الأرض وتحريض عليه وتبرير له وتهيئة لمناخه ، فهناك فى المقابل قبضة حديدية واستبعاد للتسويات والمصالحة والعفو الرئاسى . هذه الأبعاد لابد من أن يدركها الدكتور المنصف المرزوقى ، فهو مطالب أولاً بتوجيه نقده المخلص ونصائحه وتوجيهاته لجماعة الاخوان فى مصر التى هى فى الأساس سبب أزمة مرسى الحالية وفى يدها انقاذه ، قبل مناشدته لبابا الفاتيكان وغيره ، فانقاذ مرسى بيد الاخوان وليس بيد بان كى مون أو بابا الفاتيكان ، وموقف الرئاسة والقيادة السياسية لن ينطلق من وساطات انما من مواقف جماعة الاخوان على الأرض .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.