بدأت اليوم الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية فى عدد من المحافظات.. وبالتوازى ظهرت دعوات للتحريض على شرعيتها، وأخرى بادرت للدعوة إلى تشكيل برلمان موازٍ! فى الأسبوع الماضى كان ثمة إصرار على اقتحام وزارة الداخلية، ويبدو أن هذا المنحى يأتى فى سياق "التحرش" بالانتخابات التشريعية أيضًا.. إذ يظل مقر الوزارة رمزًا ل"الأمن" وسقوطه في يد متظاهرين، يفضى بالضرورة إلى الغاء الانتخابات. أتوقع تنامى مثل هذا "التحرش" وتصعيده على النحو الذى قد يربك إدارة عمليات الاقتراع، أو يؤدى إلى فشلها فى النهاية.. ولعل الدفع بالبلد فى اتجاه الاضطرابات الأمنية، وتعدد الشرعيات : شرعية التحرير، وشرعية العباسية، وشرعية ما يسمى بالكتلة الصامتة، يأتى أيضًا فى إطار خلق أرضية أمنية متحركة وغير آمنة وتجعل من تجاوز عقبة الانتخابات، حلما بعيد المنال. من الثابت أنه لا وصاية أو مصادرة على حق الناس فى الاعتصام والتظاهر السلمى.. بل من مقتضيات انتصار الثورة أن يظل الشارع محتفظا بوهج الثورة وعافيتها.. فلا ينبغى أن تشعر السلطة "الانتقالية" بأن الشعب قد أنجز ثورته ثم "استقال".. غير أنه من "الغفلة" أن يوظف حماس الشارع وقلقه من الحكم العسكرى، في التحريض ضد الانتخابات، وأن يتحول هذا الغضب النبيل لتعزيز "رصيد" أصحاب المصالح الحقيقية، فى وضع البلد في أزمة سياسية كبيرة، تحرمها من "الإفاقة" ومحاسبة من انتفخت جيوبهم وحساباتهم البنكية من أموال الشعب. المجلس العسكرى يصر على إجراء الانتخابات في موعدها.. وهو ثمرة ضغوط الشارع والرأى العام.. ومن المدهش حقًا، أن يتآمر البعض على إجراءاتها، وفى ذات الوقت يطالب بنقل السلطة إلى المدنيين.. إذ كيف يتسق العمل على إعاقة الانتخابات، مع مثل هذا الطلب الذى يجمع عليه الناس؟! لا سبيل للحكومة المدنية المنتخبة.. إلا طريق واحد وحسب : وهو الانتخابات، فإذا أُغلق هذا الطريق بتعزيز الفوضى فى الشوارع.. وبالتحرش بالنتائج والبلطجة مع الديمقراطية وفرض الوصاية على سلطة الشعب وإرادته بتفصيل برلمان موازٍ أو مجلس رئاسة من خارج الأطر الشرعية.. فإنها تكون مؤامرة حقيقية على البلد وربما تكون مبررًا لأن يظل العسكر فى الحكم إلى أجل غير مسمى. المشهد السياسى المصرى اليوم أمام "مصداقيتين": مصداقية المجلس العسكرى، ومصداقية حماس الشوارع.. الأول رفض كل الضغوط من أجل تعليق الانتخابات.. وهى نقطة فى صالحه.. وعلى هذا "الحماس" الذى نراه اليوم فى الميادين أن يتحمل مسئوليته، ويرفض أى توجه لاستغفاله وتحويله إلى حواجز حديدية لمنع تمرير الاستحقاق الانتخابى. [email protected]