قرر حزب النور أن ينظم مؤتمرا جماهيريا كبيرا في مدينة الإسماعيلية، بميدان الممر الشهير، نهاية هذا الأسبوع. المفاجأة المدهشة هي تلقي مسؤول كبير بالحزب مكالمة من نقيب يدعى محمد رأفت، بجهاز "الأمن الوطني" الجديد.. كانت عبارة عن استجواب أمني عبر الهاتف بشأن المؤتمر!!. الضابط "رأفت" يتهمونه الإسماعيلوية بقتل الشهيد "السيد عميش" أثناء الثورة.. وكانت دهشتهم كبيرة حينما عاد الجهاز مجددا بذات الضباط السابقين ومن بينهم هذا الضابط المشهور بالقسوة والتعاطي الوحشي مع المعتقلين. المهم أن هذا الاتصال، أثار المخاوف، من عودة الجهاز بذات العقيدة الأمنية الفاشية التي أضاعت البلاد والعباد والرئيس السابق ذاته، وأدت به إلى السجن. نحن لسنا ضد المؤسسة "جهاز الأمن الوطني".. وفهو جهاز مهم، ولكننا ضد إعادة غسل الجهاز القديم سيئ السمعة، بتغيير اللافتة فقط، فيما يرتع داخل دهاليزه وأقبيته الضباط الذين تورطوا في عمليات التعذيب البشعة التي أثارت الفزع والرعب في ربوع مصر على مدى العشرين عاما الماضية. حتى الآن لا نعرف شيئا عن المهام الجديدة ل"الأمن الوطني" ولا الشرعية القانونية التي استقى منها نشأته كوريث "طبيعي" للجهاز المنحل.. لا يزال الجهاز الجديد جهازا غامضا مريبا ولا تبعث تصرفاته على الارتياح مطلقا. كان من المفترض أن لا يعود هذا الجهاز إلى العمل، إلا وفق شرعية جديدة، من خلال تشريع جديد، يسنه برلمان منتخب، ويضع فيه كافة الضمانات التي تحيل الجهاز إلى مؤسسة وطنية حقيقية خاضعة لرقابة المجتمع والبرلمان والمؤسسات القضائية. كان من "المريب" حقا أن تجري إعادة هذا الجهاز للعمل بهذه "السربعة".. وبدون أية ضمانات سوى وعود من قيادات الداخلية بأن يتغير حاله ويكون أكثر انضباطا وإنسانية.. وهي "وعود" لا قيمة لها.. إذ يظل القانون والرقابة المجتمعية والقضائية الصارمة والجادة هي الضمانة الوحيدة لاستقامة العمل داخل هذا الجهاز.. والحيلولة دون إعادة انتاج تراثه القمعي والوحشي مجددا . أنا على ثقة بأن "الأمن الوطني" لن يكون على ذات الخطى لسلفه ذات الصيت السيئ ..فمصر تغيرت.. ولا يزال الشارع محتفظا بوهج الثورة وقادر على أن يردع أي تجاوزات تتعلق بحقوق الإنسان.. ولكن ليس من الحكمة أن يظل الرهان على هذا "الوهج" .. في غيبة الضمانات الدستورية والقانونية.. ولذا فإنه من المفترض أن تكون على قائمة أولويات أول حكومة منتخبة، إعادة النظر في الآليات التي أعادت إليه "شرعية" الوجود بعد قرار الحل.. في الفترة الانتقالية، وأن تؤسس لمنظومة قانونية تحصن هذا الجهاز الأمني الخطير من الانحراف. [email protected]