المصريون بالسعودية يسطرون ملحمة جديدة في الانتخابات البرلمانية    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    تعاون مصري إيطالي لتدريب العمالة المصرية وفتح أسواق عمل جديدة    يخدم 950 ألف نسمة.. وزير الإسكان يوجه بالإسراع في تنفيذ مجمع محطات مياه بالفيوم    صحيفة بريطانية: ترامب يرى أن زيلينسكي يخادع لتحقيق صفقة أفضل في التسوية    وزير الخارجية يلتقى نظيره النيجيرى على هامش اجتماعات مجموعة العشرين    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    حزب الوعى: فضيحة السويد تؤكد تحايل الإخوان باسم الدين لتحقيق مكاسب    شهيد في غارة إسرائيلية جديدة على جنوب لبنان    قرقاش يدعو لوقف حرب السودان فورا ومحاسبة طرفي النزاع    الزمالك ينعى نبيل خشبة أمين صندوق اتحاد كرة اليد    ماريسكا يعلن تشكيل تشيلسي أمام بيرنلي في البريميرليج    مدرب الزمالك يعلق على مواجهة زيسكو ويتحدث عن قوة مجموعة الأبيض بالكونفدرالية    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    تأجيل جلسة محاكمة اللاعب رمضان صبحي في قضية التزوير    أبرز 6 مواصفات للسيارة الحضارية بديل «التوك توك» في الجيزة    إنفوجراف | وزير التعليم: وضع مدرسة "سيدز الدولية" تحت الإشراف المالي والإداري    عرض فيلم 600 كيلو ل طارق عبد العزيز على يوتيوب تزامناً مع ذكرى رحيله    موعد عرض الحلقة الرابعة من برنامج دولة التلاوة على قنوات المتحدة    الحكم على مها الصغير في قضية سرقة اللوحات 27 ديسمبر    «بوابة أخبار اليوم» تكشف القائمة الكاملة لمسلسلات رمضان 2026    مايان السيد: "عانيت من الخوف سنين ومعنديش مانع أتابع مع طبيب نفسي"    الإفتاء يوضح حكم التأمين على الحياة    وزير الصحة يفتتح تطوير أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية بمستشفى المطرية التعليمي    عاشور: "إيراسموس" ركيزة أساسية لتطوير وتدويل التعليم العالي في مصر    محافظ أسيوط يشهد انطلاق حملة التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    بنات الباشا تجربة سينمائية جريئة غير مكتملة!    إصابة 28 عاملا وعاملة فى حادث انقلاب سيارة بمركز سمسطا ببني سويف    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    فريق قادرون باختلاف يتألق على مسرح وزارة الشباب والرياضة في أسيوط    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    وزارة الصناعة: تخصيص 100 قطعة أرض لمشروعات صناعية جديدة في 16 محافظة    موعد مباراة بايرن ميونخ ضد فرايبورج في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    ارتفاع محدود ب 10 جنيهات.. تحديث سعر الذهب اليوم فى مستهل التعاملات    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    وصفات من مكونات طبيعية لتنظيف القولون في المنزل    إصابة 28 عاملا بانقلاب سيارة ربع نقل بقرية الشنطور ببنى سويف.. «بالأسماء»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    منظمة الصحة العالمية: أكثر من 16.5 ألف مريض بغزة في انتظار الإجلاء الطبي    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصياد» يطرح 17 سؤالًا على «السيسى» في عامه الأول
نشر في المصريون يوم 14 - 06 - 2015

طرح الكاتب الصحفي أيمن الصياد, مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي 17 سؤالًا على الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال تعليقه على أداء الرئيس في العام الأول له فى حكم البلاد، مؤكدًا أن تقييمه للسيسى كان من خلال الدستور الذي أقره الشارع بأغلبية كبيرة.
وكان نص المقال الذي نشرته صحيفة "الشروق" وحمل عنوان "أسئلة «القَسَم».. والنصوص.. وعام جديد"، كان من المفترض لهذا المقال أن يُنشر الأحد الماضي، ثم وجدت أن مثل تلك أسئلة لن تجد مكانها «الهادئ» وسط أهازيج الاحتفالات وقوائم الإنجازات والملاحق الخاصة والمانشتات الملونة.. فكان أن آثرت الانتظار.
القسم.. وشهوده
عندما سألني عمرو عبدالحميد مقدم برنامج «حوار القاهرة» السؤال الذي بدا «مقررا» ليلتها عن تقييمي لعام مضى على حكم الرئيس، أعدت عليه ما قلته ألف مرة من أن آفتنا؛ نحن العرب أننا «نشخصن» القضايا والأمور. وأن القضية لم تكن أبدا في اسم من يسكن القصر، وإنما في «النظام» الذي يحكم القصر، وربما من في القصر.
وقلت له: أن أي تقييم يحتاج إلى معيار ومقياس، وإذا كان الرئيس قد قال مرتين أن «نظام مبارك كان يجب أن يسقط منذ خمس عشرة سنة»، يصبح أحد معياري التقييم (الذي وضعه هو بنفسه) يتمثل في الإجابة عن السؤال: هل أسقط الرئيس هذا النظام الذي حمله بنفسه مسؤولية «تخريب مصر» أم أنه ازداد ضراوة بعد عام (أو بالأحرى عامين) من انفراده بالحكم، أو بتقاليد الأمور؟
أطرح السؤال .. ولا أحب أن أحتكر الإجابة.
•••
العقد شريعة المتعاقدين، والعقد في حالتنا تلك هو «الدستور». ولا أحسب أن هناك «معيارًا» للتقييم أكثر من هذا العقد الذي أقره 98٪ من الناخبين، وأقسم الرئيس الذي انتخبوه على احترامه
قبل ما يقرب من العامين (نوفمبر2013)، وفي مؤتمر دولي عن «الدساتير كأداة ضامنة لتحول ديموقراطي سلمي» كان بجواري على المنصة د. أحمد البرعي أستاذ القانون والوزير في وزارة ما بعد الثالث من يوليو، وأحد الشهود (بحكم خبرته القانونية ودوره السياسي) على كيف ضلت خارطة الطريق طريقها فأخذت الذين خرجوا في الثلاثين من يونيو في نهاية المطاف إلى غير ما خرجوا من أجله. يومها كان طبيعيا أن يؤكد رجل القانون «والسياسة» على قيمة «الدستور» وما يعطيه احترامه من شرعية للنظام السياسي، مذكرا بأنه «كان لدينا في دستور 1971 مواد لو كنا قد طبقناها، ما كان حالنا هو هذا الحال». ويومها كان ضمن تعقيبي أن عدم تطبيق مثل تلك المواد، أو الالتفاف عليها بما يعرفه القانونيون "بالتعسف في استخدام السلطة»، أو تشويه الدستور ذاته «على مقاس من يحكم» كما جرى في القصة المعروفة للمادتين 76 و77 كانت كلها عوامل تراكمت وتزاحمت فضاق بها الأفق، وضاقت بها حياة الناس فدفعتهم في نهاية المطاف إلى الشوارع في ذلك اليوم المشهود من يناير 2011. صحيحٌ أن الذين خرجوا، بل وربما الذين تنادوا من الشباب لإخراجهم لم يكونوا قد قرأوا الدستور، أو حفظوا مواده أو وقفوا أمام محكمته العليا ليطعنوا في هذا القانون أو ذلك الإجراء. ولكنهم قطعًا كانوا قد شعروا «بأثر» انتهاكه غيابا للحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
ثم كان أن تذكرت ملاحظة د. البرعي والتعقيب عليها، عندما كرر الزميل سؤاله عن تقييم عام مضى.
•••
قبل عام، وبالتحديد مساء الثامن من يونيو 2014 وفي أجواء لامعة براقة جرت مراسم الاحتفال الباهر بتنصيب الرئيس.
قبلها بساعات كان الرئيس المنتخب المشير عبد الفتاح سعيد السيسي يقف أمام قضاة المحكمة الدستورية العليا ليحلف اليمين التي تنص على «احترام الدستور».
العقد شريعة المتعاقدين، قاعدة فقهية وقانونية نعرفها جميعًا ويعرفها قبلنا القضاة الأجلاء الذين حرصوا أن يرتدوا أروابهم ساعة أن أقسم الرئيس. والعقد في حالتنا تلك وكما تقول كتب السياسة والقانون هو «الدستور» ولا شيء غير الدستور. وعليه فلا أحسب أن هناك «معيارًا» للتقييم أكثر من هذا النص / العقد الذي أقره 98٪ من الناخبين، وأقسم الرئيس الذي انتخبوه على احترامه، وشهد على التعاقد لفيف من القضاة الأجلاء.
لا أحب أن أعيد كلاما كتبته هنا مبكرا (2 مارس 2014) تذكيرا بما جرى ويجري يوميا من انتهاكات لهذه المادة أو تلك، إذ يكفي في ظني «تبيانا وإيضاحًا» مقارنة ما يجري على الأرض بنصوص الباب الثالث الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة (المواد من 51 إلى 93) وكذلك الباب الرابع الخاص بسيادة القانون، كما قد يكفي العودة إلى المقال المهم للدكتور زياد بهاء الدين (وهو أيضا قانوني وكان أيضًا نائبًا لرئيس الوزراء في وزارة ما بعد الثالث يوليو قبل استقالته واضحة الدلالة) والذي يعتبر فيه نصا أن «محصلة التشريعات الصادرة فى الآونة الأخيرة تعنى واقعيا أن الدستور الجديد أصبح فى بعض جوانبه معطلا إلى حين إشعار آخر» الشروق 4 نوفمبر 2014، كما قد يكفي أيضًا ما ذكرنا به المهندس يحيى حسين عبد الهادي (ابن القوات المسلحة وحركة كفاية) من انتهاك للمادة 145 من الدستور والتي جاء فيها نصًا «يتعين على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمة مالية عند توليه المنصب، وعند تركه، وفى نهاية كل عام، وينشر الإقرار في الجريدة الرسمية». وهو الأمر الذي لم يحدث حسب ما يذكر م. عبد الهادي في مقالين بجريدة الأهرام (2 مايو 2015) ثم الوطن (8 يونيو 2015).
•••
هل هناك من قرأ جيدا ماذا فعل الاستبداد ثم التمييز والإقصاء بالعراق؟ وهل هناك من مازال يظن أن الدولة الأمنية القمعية، مهما بلغت سطوتها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار (سوريا الأسد نموذجًا) إسراء الطويل أعرف أن عدوى كراهية الإخوان انتشرت بين الناس كنار في الهشيم دخانها كثيف لدرجة أرمدت العيون فلم تعد تقوى على قراءة «النصوص» فما بالك بما بين السطور؛ مغزىً ودلالةً. وأعرف أن طبول «الحرب على الإرهاب»، كانت عالية بما يكفي لتصم آذانهم عن أي نصح أو تحذير، إلا أنني لا أعلم ما علاقة تلك الكراهية أو هذه الحرب بقائمة الانتهاكات الطويلة لبنود التعاقد بين السلطة والمواطنين «الدستور» من قبيل ما أشير إليه في أمر «إقرار الذمة المالية»، أو عدم إجراء الانتخابات البرلمانية في الموعد الذي حددته المادة 230، فتكون النتيجة الواقعية أن ينفرد "الرئيس" وحده بسلطة التشريع (كانت "خارطة الطريق" فضلا عن الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو 2013 ينصان بوضوح على إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية.. لو مازلتم تذكرون!)
ليس لي «كصاحب رأي لا أكثر» أن أحتكر الإجابة، إذ أحسب أن من يملكها واقعيا هما طرفا التعاقد، وشهوده من القضاة الأجلاء الذين حرصوا على ارتداء أروابهم المهيبة في ذلك اليوم الثامن من يونيو 2014. لكني أحسب أن لي، ككل صاحب رأي قلق على مستقبل هذا البلد واستقراره أن أطرح «أسئلة عام جديد» بدأنا واقعيًّا أيامه الأولى:
هل يعلم السيد الرئيس ابتداءً أن الأجهزة الأمنية عادت بما هو أسوأ من أيام مبارك؟
هل هناك من يذكر ماذا فعل «السافاك» بنظام الشاه؟ وماذا فعل Securitate بتشاوشيسكو؟ وهل هناك من قرأ جيدا دروس سقوط «جدار برلين»؟
هل يعني اعتذار الرئيس للمحامين بعد إضرابهم «الناجح» احتجاجا على واقعة الحذاء الشهيرة، أن هناك من أدرك أن الممارسات الأمنية «الوفية لثقافتها المتوارثة» يمكن أن تأخذه، بل وأن تأخذ النظام إلى حيث أخذت مبارك؟ ثم هل يعني نجاح «الإضراب» في الحصول على اعتذار من رأس الدولة، أن الإضراب، الذي حاول البعض تجريمه أو تكفيره رغم أنه حق دستوري (المادة 15) قد أثبت أن لم يعد غيره سبيلا ناجعا لاقتضاء الحقوق؟
هل هناك من يدرك خطورة تربية أجيال من المتطرفين داخل سجون / معتقلات ازدحمت إلى درجة اضطرت «الإدارة» إلى الشروع في بناء سجون جديدة؟ هل هناك من يذكر من أين أتى شكري مصطفى وصالح سرية؟
هل هناك من بين الراقصين حول النار من يدرك خطورة كثير مما يجري على مستقبل الأمن والأمان والاستقرار لهذا الوطن؟
هل هناك من قرأ في دروس التاريخ فضلا عن دروس دول الجوار أن «كل سلطة تنتج معارضة على شاكلتها»، وأن سلاحا «متجاوزا» ترفعه السلطة (أي سلطة) في وجه معارضين ظهورهم إلى الحائط يستحضر ألف سلاح «وقنبلة» لا يمكن واقعيا أن تعرف في أي زاوية ستختبئ؟
باختصار هل هناك من بين الراقصين حول النار (أو «الكعكة») من يدرك خطورة كثير مما يجري على مستقبل الأمن والأمان والاستقرار لهذا الوطن؟
هل هناك من يعرف أن عليه إطلاع الرئيس «بأمانة» على ما تقوله المنظمات الحقوقية الدولية وأعمدة الكتاب هنا وهناك عن حال الحريات وحقوق الإنسان في مصر؟ أم أن هناك من لا يريد إزعاج «الرئيس»؟ أم ربما أنه (أو أنهم) يصدقون فعلا أن الأمر كله لا يعدو أن يكون «مؤامرة كونية على المحروسة».

هل يصدق الرئيس بيانات دبلوماسييه التي تكرر كلاما محفوظا عن «حال العدالة وحقوق الإنسان» في مصر، وهل يعلم كم يتندر مراسلو الصحف العالمية على مثل تلك البيانات؟
هل هناك من يعتقد أن تجاهل التقارير الصحفية اليومية عن حالات الاختفاء القسري فضلا عن المادتين 54 و55 من الدستور هو الإجراء الحكيم؟ (عدد حالات الاختفاء أو الاحتجاز دون وجه حق حسب أرقام المجلس القومي «الرسمي» لحقوق الإنسان وصلت إلى 163 شخصا خلال شهرين)
يرفع البعض «الحفاظ على الدولة» شعارا، ولكن هل يمكن الحديث هكذا عن «دولة» تسكت عن الاختفاء القسري لبعض مواطنيها، وعن «التهجير القسري» لآخرين. أتحدث عن ما جرى لأقباط إحدى قرى محافظة بني سويف، وعن قائمة للمختفين بدأت بإسراء الطويل، ويبدو أنها لم تنته بعد.
هل هناك من يعتقد حقًّا أنه سينجح إلى الأبد في تسويق مقايضة «غضُوا الطرف عن ما نقترفه في حق مواطنينا، مقابل أننا سنتكفل عنكم بمواجهة الإسلاميين الأشرار». وإذا كان ذلك صحيحًا فيما يبدو على السطح، أليس هناك من يفتح القواميس والمعاجم ليعرف التوصيف الحقيقي لمثل تلك المقايضة.
هل هناك حول الرئيس من يعلم أن أوهام «القضاء» هكذا على هذا أو ذاك، التي باتت تجتاح المنطقة هي التي تفتح الباب واسعًا للأعنف والأكثر تطرفا. هل هناك من قرأ جيدا ماذا فعل الاستبداد ثم التمييز والإقصاء بالعراق؟ وهل هناك من مازال يظن أن الدولة الأمنية القمعية، مهما بلغت سطوتها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار (سوريا الأسد نموذجًا)
هل هناك من يسأل: أين ذهبت بِنَا الإستراتيجية المعتمدة «للحرب على الإرهاب»؛ إن في سيناء (تتحدث البيانات الرسمية عن تصفية 866 خلال سبعة أشهر). أو في الوادي (تقول الأرقام الرسمية للمجلس القومي لحقوق الإنسان أن عدد من لقوا حتفهم بعد 3 يوليو 2013 وصل إلى 2600 ضحية). ألا يقتضي الأمر إعادة النظر في مقاربات أخرى.
ثم بعد ذلك كله، أو ربما قبله: هل هناك من يعتقد أن «عالم اليوم» هو عالم الخمسينيات والستينيات؟ أو أن ما كان يصلح (بل وربما مطلوبًا) وقتها، ما زال صالحا في عالم تغير، وتغيرت قواعده الحاكمة.
•••
هل يعتقد السيد الرئيس أن مصر ممكن أن تصبح «أد الدنيا» حين تتحكم «الجهات الأمنية» في الجامعات، فتَحول «عمليا» دون سفر أساتذة الجامعات وباحثيها لاستكمال بحوثهم أو لحضور مؤتمرات علمية؟
قد نختلف حول قراءة ما تغير، وقواعده الحاكمة. ولكننا قطعًا لن نختلف في قراءة نصوص الدستور، وفي أن قواعده بحكم التعريف حاكمة. فدعونا نعود إلى أسئلته:

ماذا يعني إصدار الرئيس (منفردا) لكل هذا العدد من القوانين (القرارات بقوانين) والتي يبلغ عددها حسب الجريدة الرسمية ما يزيد عن الثلاثمائة (من يوليو 2013) وكيف سيتسنى واقعيا للبرلمان القادم أن يناقش كل هذا العدد خلال أسبوعين من انعقاده كما تقضي بذلك المادة 156
هل قرأ السيد الرئيس تصريحات «المصدر السيادي» التي تقول بعدم اختياره لوزير العدل الجديد «لأن الرئيس يختار الوزارات السيادية فقط»؟ وهل يعرف صاحب التصريح أننا نجيد القراءة، وأننا قرأنا المادة 146 من الدستور التي تضع وزارة العدل ضمن تلك الوزارات الأربع؟
هل يعتقد السيد الرئيس أن مصر ممكن أن تصبح «أد الدنيا» حين تمتد أصابع الأمن (وهي «مانعة» بطبيعتها) لتحكم الحصار حول مؤسسات العلم والتعليم (في انتهاك للمادة 21 من الدستور)، ليس فقط عصفًا بحريات أكاديمية لازمة لقيام تلك المؤسسات بدورها، بل لتتحكم حتى في سفر أساتذة الجامعات وباحثيها لاستكمال بحوثهم أو لحضور مؤتمرات علمية.
أتفهم أولويات الرئيس الاقتصادية، ولكني مقتنع بما قلته سابقا أن «المعادلة الأردوجانية» القائمة على مقايضة الحريات برغيف الخبز (وهي بالمناسبة تطوير لا أكثر لتوازنات النظم الشمولية القديمة) لم تعد تصلح في زمن الانفتاح المعلوماتي على العالم. وأن نجاح أردوجان «المحبوب» في الصعود بتركيا إلى المركز الثامن عشر في الترتيب العالمي لإجمالي الناتج المحلي (حسب أرقام صندوق النقد الدولي). لم تحل دون تراجع شعبية حزبه في الانتخابات الأخيرة. كما لم تفلح «أحلام» الزعيم القوي، ولا أنهار «أعلام الدولة» تغطي شوارع «الاستانة» في الحيلولة دون ذلك.
•••
وبعد..
فالأسئلة أكثر من أن تتسع لها هذه الصفحة. وأعرف أن «ثقافة حاكمة» وخبرات مهنية موروثة تحول دون طرحها في المكان المناسب. رغم أنها صارت ملمحا يوميا في كتابات كثيرين ممن ساندوا وآزروا قبل عام (أو عامين) .. ولهذا دلالته ومعناه.
ثم أن هذه «أسئلة» .. ولا أزعم أن بوسعي احتكار الإجابات.
كما أنني «أكرر»: لا أتحدث عن «أشخاص»، بل عن سياسات «ونظام» كما لا أفتش في النوايا، فليس هذا محل الحديث في الشأن العام.
هذه ليست أكثر من «أسئلة»، أو بالأحرى بعض الأسئلة، أما الإجابة النموذجية، لمن يريد أن ينجح ففي كتابين لن أمل الإشارة لكليهما:
دستور اعتمده الناس عقدا لعلاقتهم بالنظام والدولة.
وتجارب الذين سبقونا في التحول الديموقراطي، في فصل عنوانه «مقتضيات العدالة الانتقالية»
ثم لعلي قبل أن يستل «المتمترسون في ثنائيتهم المقيتة» سيوفهم الصدئة فيأخذون النقاش إلى غير ساحته؛ تهليلا أو إنكارا أكرر ما قلته ألف مرة: أنني (دون التردي في افتراء غير عقلاني، أو التصفيق لجوقة خطاب كراهية مكارثي) أتفهم كل انتقاد لما فعله الإخوان بل ولعلي كنت أول وأكثر المنتقدين. كما أنني أعلم ربما أكثر من غيري جريمتهم في حق المستقبل. وكيف أضاعوا «اللحظة العبقرية» في تاريخ هذا الشعب، وكيف قادونا وقادوا شبابهم بل والمنطقة كلها إلى ما صرنا إليه، ولكن هذا كله لا يبرر أبدًا أن يكون هناك بحُجَّتهم، أو بغيرها من يصادر على حق أجيال قادمة في أن يأخذ هذا البلد طريقه الذي يستحق إلى المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.