مكي: إهانة للوطن.. نور: لست وسيطًا.. غباشي: سيقبلون فى النهاية.. والسفارات تطارد معارضي الخارج فتح ترحيل الناشط السياسى محمد سلطان إلى أمريكا بصفته مواطنًا أمريكيًا تنازل عن الجنسية المصرية، الباب أمام الإخوان المعتقلين، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق محمد مرسي، فى اللجوء إلى الجنسيات الأجنبية والتنازل عن المصرية للهروب من باب خلفى من حبل المشنقة والمؤبد. وبعد عام واحد من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، أصبح التنازل عن الجنسية سبيلاً وحيدًا للخروج من السجن، حيث اضطر اثنان من حاملى الجنسيات الأخرى للتنازل عن الجنسية المصرية مقابل إطلاق سراحهما. ففى فبراير الماضي، تنازل محمد فهمي، الصحفى بقناة الجزيرة الإنجليزية، الذى صدر بحقه حكم بالسجن سبع سنوات، عن جنسيته المصرية، لكى يتم إطلاق سراحه على أساس جنسيته الكندية، كما تم ترحيل زميله الأسترالى بيتر غريستى إلى بلاده رغم صدور حكم مماثل بحقه. وفى تكرار للواقعة نفسها، تنازل محمد سلطان، الناشط المصرى الأمريكي، عن جنسيته المصرية مقابل إطلاق سراحه، بعد عامين من الاعتقال، و490 يومًا من الإضراب عن الطعام. قانون تسليم المتهمين الأجانب وأصدر السيسى قرارًا بقانون فى نوفمبر الماضى يمكنه من تسليم المتهمين أو المحكوم عليهم بالسجن من حاملى الجنسيات الأخرى إلى دولهم، لمحاكمتهم وفق قوانين هذه الدول أو لقضاء العقوبة فيها. ونص القانون على: "يجوز لرئيس الجمهورية وفقًا للقانون رقم 140 لسنة 2014، الموافقة على تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم، لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، وبناء على عرض يُقدمه النائب العام وبعد موافقة مجلس الوزراء". مرسى متمسك بشرعيته المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، أكد أنه من المستبعد تنازل الرئيس الأسبق محمد مرسى وقيادات الإخوان عن جنسياتهم مقابل إخلاء سبيلهم، فى القضايا التى يواجهون فيها أحكامًا بالإعدام أو المؤبد. وأضاف مكي، فى تصريحات ل"المصريون"، أن مرسى اختار التصدى بشخصه لهذا الموقف، ولا يمكن أن يقبل بجنسية دولة أخرى فى ظل تمسكه بموقفه الثابت من شرعيته وعدم اعترافه بأحداث 3 يوليو. واعتبر مكي، قانون التنازل عن الجنسية طعنة فى ظهر الكرامة والثقة بالقضاء المصري، ويعد إقرارًا بأن الأجانب أولى بالرعاية من المصريين. وأشار مكي، إلى أنه فى سنة 1875 أنشئت المحاكم المختلطة التى لم تعترف بنزاهة المحاكم المصرية، وفى سنة 1937 وافقت الدول العظمى على الاحتكام بالقضاء المصرى الوطني، باعتباره ضمانة قانونية، بمحض اختيارهم. ومضى مكى قائلا: "الآن السيسى أعاد تلك الامتيازات للأجانب مرة أخرى بتسليمه بأن القضاء المصرى غير قادر على الفصل فى القضايا المرتبطة بالأجانب"، مشيرًا إلى الضغوط الدولية التى تعرض لها النظام مقابل الإفراج عن النشطاء المجنسين والذين تنازلوا عن جنسياتهم مؤخرًا. نور: لا أسعى للجوء السياسي أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، وصف التنازل عن الجنسية بأنه ليس مخرجًا من الأزمة الراهنة، بل الحل رد الاعتبار للحقوق والعدالة بما يدعم قيمة الجنسية المصرية، التى يمثل التنازل عنها إهانة بشكل عام. وأضاف، نور فى تصريحات ل"المصريون"، أن العدالة الانتقالية والتخلص من أسباب التوتر والدخول فى مصالحة وطنية شاملة لا تستثنى أحدًا وتستوعب الجميع، ما يجب توفيره الآن. وأشار "نور" إلى أن من أسباب دفع السلطة للإفراج عن المعتقلين مقابل التنازل عن جنسياتهم، العلاقات والتوازنات التى يسعى النظام للقيام بها، مؤكدًا أنه لا شأن لهذه العلاقات بالأشخاص الذين ارتبطت أسماؤهم بهذا التنازل. وأوضح نور، أنه لو أراد من تنازل عن جنسيته ما وافق النظام أبدًا إلا إذا كان فى إطار صفقات ذات طبيعة سياسية أو مواءمات القوى التى تسعى لمساندته. ونفى "نور" ما أثير حول تفاوضه مع الإخوان المعتقلين لإقناعهم بالحصول على الجنسية التركية للخروج من السجن، قائلا: إن هذا الكلام عار من الصحة، مؤكدًا أنه ليس لديه أى مشروع للحصول على جنسية أخرى أو الحصول على لجوء سياسي. ولفت نور، إلى أنه خلال الأيام القادمة تنظر محكمة القضاء الإدارى أول جلسة فى الدعوى المقامة منه ضد وزير الخارجية سامح شكري، فى قضية تجديد جواز سفره. وتابع نور، أن السفارة المصرية سلمته 17 توكيلاً فى قضايا سب وقذف بحقه ضد إعلاميين مصريين، من بينهم مجدى الجلاد، وخالد صلاح، وتوفيق عكاشة، وأحمد موسى، وآخرين، مشيرًا إلى أن مواعيد رفع القضايا سقط قانونيًا بسبب تأخير السفارة فى توثيقها قبل نهاية الفترة القانونية المحددة ب3 أشهر من تهمة السب والقذف. أداة من أداوت الإخوان مختار غباشي، رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن التنازل عن الجنسية بات أداة من الأدوات التى يمتلكها الإخوان للهروب من حبل المشنقة، مشيرًا إلى أنه ثبت نجاح الخروج من أزمة السجن عبر التنازل عن الجنسية كما حدث مع محمد سلطان ومحمد فهمي. وأضاف "غباشي"، فى تصريحات ل"المصريون"، أنه قد يضطر مرسى وقيادات الإخوان عند الضرورة، بالقبول بالتنازل عن جنسياتهم، إذ وجد هذا الطرح بمنحهم جنسيات أخرى، لأن القاعدة القانونية واحدة ولا تفرق بين متهم وآخر، لافتا إلى توقعه بقبول الإخوان فى نهاية الأمر بهذا الطرح. وأشار "غباشي" إلى أن هناك أقاويل حول حديث دار بين الولاياتالمتحدة والقيادة المصرية، حول ضرورة الإفراج عن المواطن الأمريكى محمد سلطان، مستبعدًا الحديث عن ضغوط خارجية تعرضت لها مصر مقابل إخلاء سبيله. 40 ألف معتقل على استعداد للتنازل عن الجنسية الناشط الحقوقى هيثم أبوخليل، مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، قال إن هناك ما يزيد عن أربعين ألف معتقل على استعداد للتنازل عن جنسياتهم مقابل حريتهم، فى سبيل الوقوف فى وجه المخطط المجرم لإكراه المصريين فى بلدهم. وأضاف "أبوخليل" فى تصريحات ل"المصريون"، أن النبى محمد -صلى الله عليه وسلم- أباح للمسلم النطق بالكفر لإنقاذ حياته، وعلى هذا الأساس وحين تحترم الحريات والمواطنة وصناديق الانتخابات فى مصر ستعود الطيور المهاجرة، ولن يبقى أحد خارج مصر مطاردًا. وأشار أبوخليل، إلى أن هناك تعليمات للسفارات والقنصليات المصرية بعدم تجديد جواز سفر المعارضين فى الخارج، وإعطائهم وثيقة سفر ينتهى من خلالها المطاف بتسليم المعارض للأمن المصري، ومثال ذلك ما حدث مع أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة. وتابع أبوخليل، أن المعارضين فى الخارج مطاردون من البلاغات الكيدية التى يتقدم بها رجال النظام الحالى ضدهم، وعلى رأسهم سمير صبري، المحامي، مشيرًا إلى أنه فى الوقت الذى يطارد فيه الأحرار فى الخارج، يذهب أحمد موسى المدان فى إحدى القضايا مع السيسى إلى ألمانيا، دون احترام لقانون أو هيبة قضاء يتحدثون عنها، حسب كلامه. وأكمل أبوخليل، أن السيسى اتخذ قرارًا بإخلاء سبيل الأجانب، حتى لا يتصادم مع الغرب، وبالفعل تم تطبيق ذلك مع أصحاب الجنسيات القوية، مثل محمد فهمي، المجنس كنديًا، ومحمد سلطان، صاحب الجنسية الأمريكية. الجنسية لا تغنى عن حياة الإنسان الناشطة الحقوقية سلمى أشرف، مسئولة الملف المصرى بمنظمة هيومن رايتس مونيتور، قالت إن الفرار من القتل أو الإعدام فى مقابل التنازل عن الجنسية منطقى جدًا، مؤكدة أنه لا تغنى أى جنسية فى العالم مهما بلغت مزاياها عن حياة الإنسان. وأضافت سلمى أشرف ل"المصريون"، أن الانتماء للوطن وللمكان وللأهل وليس لوثيقة بها بضعة أوراق، يزداد كلما شعر الفرد بحماية واحترام وضمان لكل حقوقه على الأرض. وأشارت إلى أن المهاجرين يمنحون جنسيات أخرى لأن لهم حقوقًا من الدولة وعليهم واجبات تجاهها التزموا بها، أما فى مصر فلقد سلبت السلطات الحالية المواطنين أغلب حقوقهم. وتابعت، أن المصريين لم يعد لهم إلا أن يعيشوا فى أصعب الظروف وأسوأها وأفقرها فى صمت أو أن يموتوا داخل السجون بالإهمال الطبى أو القتل المباشر أو التعذيب أو الإعدام بأوامر من محاكم ظالمة لم تراع أدنى معايير المحاكمة العادلة، بل انتهكت القانون التى وضعته بنفسها، وانتهكت القوانين الدولية أيضًا، بحسب قولها. واعتبرت أن تنازل محمد سلطان عن جنسيته لا يعيبه، مضيفة: "فحياته وحريته أهم من ذلك بكثير، وهناك من المعتقلين الذين ذاقوا أصناف العذاب وحرموا من حريتهم وأهلهم مستعدون للتضحية بحياتهم مقابل الحفاظ على جنسية لا تحترم إنسانية مواطنيها وتزهق أرواحهم بلا ثمن".