"فوز بطعم الهزيمة".. هكذا لخص محللون ومراقبون للمشهد السياسي التركي نتيجة الانتخابات التي جرت وأسفرت عن حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على 43% فقط من مقاعد البرلمان، ما يمثل عجزًا للمرة الأولى منذ 13 عامًا، عن تحقيق الأغلبية المطلقة تساعده في تشكيل الحكومة أو تغيير الدستور. "الإخوان المسلمين" ليسوا بعيدين عن مراقبة المشهد لما تمثله تركيا من أكبر داعم لهم منذ وصولهم لسدة الحكم وحتى الآن عقب مرورهم بأكبر أزمة في تاريخهم الحديث عقب 30 يونيو 2013، ففتحت لهم أبوابها وساندتهم سياسيًا وإعلاميًا واقتصاديًا وخارجيًا في الوقت الذي صفدت فيه باقي الدول أبوابها في وجوههم. لكن كما يقولن "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" فقد تنعكس نتيجة الانتخابات على جميع المنتمين لفصائل التيار الإسلامي بتركيا، وقد يضطر الحزب وفق قاعدة "السياسة" أو "فن الممكن" لتغيير موقفه تجاه الإخوان ومراجعة دعمه للإخوان وحلفائهم، بإرادته أو بإرادة الحكومات الأخرى. تسببت هذه النتائج في موجة من الشماتة تجاه "الإخوان" ظهر ذلك عبر وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للنظام.. في المقابل بدى الإسلاميون غير متأثرين بذلك نافيين أي تغيير قد يطرأ في السياسة التركية وتعاملاتها مع الإخوان أو الملف الخارجي برمته. سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، قال إن تراجع حزب أردوغان الحاكم، يبشر بقرب استبعاده من المشهد التركي، واصفا نتائج الانتخابات البرلمانية بأنها صفعة جديدة على وجه جماعة الإخوان المسلمين، التي أصبحت في العراء وتعاني من مأزق حقيقي بعد أن ضعفت قوة أردوغان حليفها الأخير. بينما رد الدكتور أشرف عبد الغفار، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، على ذلك قائلا "المشهد السياسي في تركيا غامض ولا أحد يعرف مآلات الأمور وإلي أين ستذهب "هل إلى تحالف أم إلى انتخابات مبكرة"؟. وردًا على احتمالية تأثير الانتخابات البرلمانية التركية على السياسة الخارجية وجماعة الإخوان، قال "عبد الغفار":أظن أن الحزب مصمم علي أن يدير أمور البلاد لذلك لا أظن أن تأييده للثورات والشعوب العربية سيتأثر أو الموقف من الإخوان. من جانبه أكد أكرم كساب، عضو جماعة الإخوان المسلمين، أنصار الشرعية لن يتضرروا بهذا الأمر كثيرا، والأمر لا يتعدى أحلام ل"فلول النظام"، ومن الصعب بل من المستحيل أن يشكل غير أردوغان الحكومة، لأن بين المعارضة تنافر كبير- حسب قوله. وأضاف كساب ل"المصريون": "الأمر مازال في بداياته وهناك سيناريوهات متعددة، منها إعادة الانتخابات التي لو تمت سيكون لحزب العدالة والتنمية تقدم ملحوظ إذ سيستفيد من أخطائه". وبدوره رد المهندس إيهاب شيحة القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية على احتمالية تراجع حزب أردوغان عن نصرة معارضي نظام 3 يوليو، قائلا "الانتخابات البرلمانية خاضها حزب العدالة كأحد الأحزاب وليس أردوغان الذي لا يزال رئيسًا للجمهورية، ثم إن حزبه ما زال الأول بفارق الضعف تقريبًا عن أقرب الأحزاب له، كما أن الدولة التركية دولة مؤسسات والمجتمع التركي مجتمع قوي والشعب التركي شعب لديه ثقافة تداول السلطة". وأكد شيحة أن القضية الوحيدة المتفق عليها بين كل الأحزاب في تركيا هى رفض الانقلابات وبالتحديد توصيفهم لما حدث فى مصر انه "انقلاب عسكرى" بامتياز وكلهم يؤكدون أن مصر ستتعافى منه كما تعافت تركيا من هذه الانقلابات". بينما يقول الخبير السياسي، حسن نافعة، إن سياسة تركيا تجاه "الإخوان" حتما ستتغير؛ لكن حجم التغير يتوقف على شكل الحكومة القادمة، فإذا شكل حزب العدالة والتنمية الحكومة الائتلافية سيكون محدودا، أما إذا شُكلت الحكومة من أحزاب أخري سيكون التغيير كبير بدرجة قد تصل ل 80 % على حد قوله. وأضاف نافعة ل"المصريون": "ربما تفشل كل محاولات أردوغان في تشكيل حكومة ائتلافية؛ لكن في جميع الأحوال سيتغير الوضع وهذا درس للإخوان بأن زمن الصعود انتهى وزمن الأفول بدأ.