قال محللون سياسيون فلسطينيون، إنّ قرار المحكمة إلغاء اعتبار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "منظمة إرهابية"، خطوة سياسية هامة، قد تنعكس إيجابا على قطاع غزة. واتفق المحللون في أحاديث منفصلة ، على أهمية القرار وما قد يحمله من تداعيات إيجابية على قطاع غزة، الذي لا تزال حركة حماس تسيطر على مقاليد الحكم فيه. وقضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، أمس السبت، بإلغاء حكم سابق يعتبر حركة المقاومة الإسلامية حماس "منظمة إرهابية"، وعدم الاختصاص النوعي في نظر القضية، وقبول الطعن المقدم من "هيئة قضايا الدولة" على الحكم السابق. وكانت ذات المحكمة، قد أصدرت في 28 فبرايرالماضي، حكماً بإدراج حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ضمن "المنظمات الإرهابية"، بعد قبولها دعوة من محاميين يزعمان "تورط حماس في القيام بالعديد من الأعمال الإرهابية داخل الأراضي المصرية". إلا أن الحكومة المصرية، ممثلة في "هيئة قضايا الدولة"، طعنت في مارس على هذا الحكم، استنادا إلى صدور قانون ل "الكيانات الإرهابية"، يجعل إدراج شخص أو منظمة على قوائم الإرهاب ليس من اختصاص محاكم الأمور المستعجلة. ويعد حكم أمس، حكما نهائيا في هذه الدعوى، وهو ما يراه تيسير محيسن، المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني بعدد من الصحف تطورا هاما من شأنه أن يخفف من معاناة سكان قطاع غزة. ويُضيف محيسن إنّ العلاقة بين مصر، وحركة حماس، قد تشهد تحسنا ينعكس بدوره على قرابة مليوني مواطن يعيشون ظروفا إنسانية قاسية. وتابع:" من شأن هذا القرار أن ينعكس بالإيجاب على ملف معبر رفح، وقد يتم فتحه بشكل أسبوعي، فالنظام المصري ينظر إلى حركة حماس باعتبارها من تحكم قطاع غزة، وتدير شؤونه وبالتالي، فإنّ عدم تصنفيها كمنظمة إرهابية قد يدفع السلطات للتخفيف من معاناة السكان المحاصرين". وتقول وزارة الداخلية في قطاع غزة، إن معبر رفح البري، الواصل بين غزة ومصر، شهد أسوأ إحصائية للعمل منذ عام 2009، حيث تجاوزت فترة إغلاق المعبر منذ بداية العام الجاري ال 130 يومًا، في حين عمل بشكل جزئي لمدة 5 أيام فقط. وتغلق السلطات ، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وذلك منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، في يوليو 2013 وما أعقبه من هجمات استهدفت مقار أمنية وعسكرية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود. ويقول "حسن عبدو" الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي، والباحث في مركز فلسطين للدراسات والبحوث (غير حكومي)، إن قرار المحكمة المصرية، قد يؤسس لعلاقة جيدة بين مصر وحماس، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على سكان قطاع غزة. ويرى عبدو، أن الملفات المؤجلة والعالقة والتي ترعاها مصر قد تشهد انفراجة، كملف المصالحة بين حركتي حماس وفتح، وتثبيت التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في السابع من يوليو 2014، كما أنها الراعي الرئيس لملف المصالحة الفلسطينية، واستضافت في أكتوبرالماضي مؤتمرا لإعادة إعمار غزة. وتبقى انعكاسات القرار مرهونة بعودة العلاقات بين مصر وحركة حماس، وفق تأكيد عبدو، مستدركا بالقول:" لا يجب أن يكون القرار سياسيا وحسب، فمثل هذا الحكم مرهون بتحسين علاقة حماس مع مصر في الأيام المقبلة". وكان أسامة حمدان، القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)،قال أمس في تصريحات صحفية خلال لقاء تلفزيوني إن حركته "تلقت إشارات إيجابية لتحسين علاقتها مع مصر". وأضاف حمدان :"الحركة التقت مؤخرًا بمسئول رفيع المستوى (لم يكشف هويته)، وأكد الطرفان على ضرورة تحسين العلاقة الثنائية بينهما". ولا يستبعد هاني حبيب الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من رام الله في الضفة الغربية أن يؤسس قرار المحكمة لمرحلة جديدة من العلاقة الثنائية بين حركة حماس ومصر. وقال حبيب، إن أهم انعكاسات هذا القرار هو أن تبدأ مصر علاقة جيدة تجاه حماس، كي يتم التخفيف عن سكان قطاع غزة ومعاناتهم اليومية. وتابع:" حماس بالنسبة للمصريين هي غزة، وأي تحسن معها يعني أن الأمور الإنسانية قد تشهد انفراجة، خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح، والتخفيف من وطأة الحصار الإسرائيلي". ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي. واستمرت إسرائيل في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو 2014. ويعيش سكان قطاع غزة واقعا إنسانيا صعبا وسوء في الخدمات العامة الأساسية، ويقبع 40% منهم تحت خط الفقر بحسب إحصائيات دولية وأممية.