فركت عيني مرتين وأنا اقرأ تغريدة كتبها موسى أبو مرزوق القيادي الكبير وعضو المكتب السياسي لحركة حماس يشكر فيها كلاً من مصر وقطر! والحاصل أن تغريدات بل أخباراً مثل خبر شكر حماس لمصر وقطر باتت نادرة إن لم تكن منعدمة بعد أن زادت حدة الظلم والظلمة وبعد أن عز خروج الكلمة! ففيما كان أبو مرزوق يكتب تغريدته قبل ساعات أو أيام كان الحديث مازال مشتعلاً في مصر حول اعتبار حماس حركة إرهابية بحكم ابتدائي "قابل للطعن" وحول صرف النظر في الحكم باعتبار إسرائيل دولة إرهابية! أعود للخبر وفي رأسي عشرات المشاهد والصور! لقد كتب مسؤول حماس تغريدته وهو يعبر بجسده من الدوحة إلى القاهرة ثم إلى معبر رفح! والحق عندي أن عملية الدخول والخروج أو الخروج والدخول من عاصمة عربية إلى أخرى مروراً بمعبر رفح تستحق التحية لكل من سامح أو تسامح أو صالح أو تصالح أو تنازل أو صفح! لقد سبق هذه العملية الإنسانية التي أعتبرها من أنجح العمليات السياسية عملية أخرى أكثر إبهاراً وجمالاً.. والذي حدث أن جسد أبو مرزوق القائد الفلسطيني المناضل قد اشتد به المرض اتساقاً مع الجسد العربي المنهك.. فيما كان الأمر كذلك طلب أبو مرزوق من مصر "العربية" أن تسمح له بالعلاج في مستشفى وادي النيل بقلب القاهرة.. ولأنه النيل ولأنه قلب القاهرة الأصيل فقد جاءت الموافقة. بعدها مباشرة وبعد أن استفاق الجسد أو كاد طلب مسؤول حماس التوجه إلى الدوحة ليكمل العلاج في مدينة حمد الطبية وقد كان! عولج أبو مرزوق وآن له أن يعود ليستكمل النضال مع المناضلين في فلسطين وتحديداً في غزة الباسلة، ومن ثم كان من الضروري أن يمرق الجسد من منفذ رفح، بعد أن امتلأت الروح بنسائم الأمل والجمال والثقة في أنه لا شيء في عروبتنا محال! على الجهة الأخرى من منفذ رفح كان قادة الفصائل الفلسطينية يحملقون وكان الأطفال الصغار يطلون انتظاراً لوصول أبو مرزوق، وبمناسبة الأطفال أقول إن كل أطفال العالم يعرفون أن حماس أبداً لم تكن ولن تكون منظمة إرهابية! كل الأطفال باستثناء بضعة "أطفال كبار" يدركون أن حماس لم تكن ولن تكون يوماً داعش حتى يساوي بعضهم بينها وبين "تنظيم الدولة"! كل أطفال العالم يدركون أن الأقرب إلى داعش وإلى ما يسمى تنظيم الدولة "الإسلامية" هي إسرائيل و"تنظيم الدولة اليهودية"! في ضوء ذلك، ينقل أو يتنقل الجسد الفلسطيني الحر من قطر إلى مصر مروراً برفح.. ولمَ لا؟! أمتنا رغم ما جرى لها ويجري فيها ولها ما زالت أم كل مروءة يتعلم منها البشر. أمتنا لها وجه أغر! أمتنا لو شاءت وصمدت ووعت وأدركت ستنير كالقمر.. أمتنا ستهطل من جديد.. كالمطر، ويقيناً سيورق الشجر!