قالت صحيفة أمريكية بارزة، إن تصرفات المجلس العسكرى الحاكم فى مصر مع اقتراب الانتخابات البرلمانية تكشف عن محاولاته عزل نفسه عن التغيير السياسى بالبلاد، فى الوقت الذى تؤكد فيه أن الشعب المصرى يواجه مهمة صعبة فى مسعاه نحو ولادة أمة حرة. وأشارت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إلى اعتقال الجيش للصحفيين ومدونين، وإجراء محاكمات عسكرية "سرية" للمدنيين، وسيطرته على وسائل الإعلام الرسمية بالدولة واستخدامها للتحذير من "أيادٍ أجنبية" تتدخل فى شئون البلاد، إلى جانب حرصه المستمر على مراجعة خطة المرحلة الانتقالية فى مصر ودور الجيش فيها. وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من انطلاق "الربيع العربي" من تونس، إلا أن مصر التى تعد موطن القومية العربية والحركات الإسلامية السياسية الحديثة، هى الغنيمة القصوى لدعاة الديمقراطية فى المنطقة، إذ أن ما ستنتهى عليه الثورة المصرية، سيحدد ما قد تنتهى إليه الأمور بباقى الدول الثائرة بالمنطقة. ورأت الصحيفة أنه إذا ما أفرزت الثورة المصرية حكومة مسئولة أمام شعبها فإن ذلك سيجعل الشعوب الأخرى التى تقف فى وجه الأنظمة المستبدة ,مثل نظام بشار الأسد فى سوريا أكثر جرأة، أما إذا فشلت وسيطر الجيش على أجزاء كبيرة من الحياة السياسية فإن ذلك سيدفع الأنظمة المستبدة فى العالم العربى إلى التمسك أكثر بأساليبها القمعية. واعتبرت أن ما يحدث فى تونس و ليبيا ليس بأهمية ما سيحدث فى مصر، مؤكدة أن مستقبل مصر سيشكل اتجاه ومستقبل الجغرافيا السياسية فى المنطقة بأكملها أكثر من أى بلد آخر. ونقلت الصحيفة عن توبى كريج جونز، مؤرخ الشرق الأوسط بجامعة "روتجرز" الأمريكية، قوله "الناس إهتمت بتونس، ولكن البحرينيين والسوريين والليبيين لم ينزلوا إلى الشوارع إلا بعد رحيل "حسني مبارك". وأضاف فى تلك اللحظة أدرك الناس أن دور مصر التاريخى فى التأثير على الثقافة والسياسة فى المنطقة يعنى أن ما سيحدث فى مصر سيشكل فارقًا. لكن الصحيفة رأت أن الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية ليس علمية سهلة حتى فى ظل أفضل الظروف، مشيرة إلى أن مصر تواجه عدة تحديات فى هذا المجال، فهناك التحديات الاقتصادية من جانب ومحاولة التغلب على ثقافة الاستبداد التى سادت البلاد بشكل أو آخر منذ الفراعنة، إلى جانب تردد الجيش فى تخفيف قبضته على السلطة. مع ذلك، قالت الصحيفة إن تمسك المجلس العسكرى بالسلطة هو أمر مفهوم إلى حد ما، فالجيش كان حاضرًا على الساحة السياسية لأكثر من 60 عاماً، حيث قاد ثورة 1952 التى أطاحت بالنظام الملكى مجموعة من "الضباط الأحرار"، وكان أول رئيس للبلاد لواء بالجيش، ثم جاء بعده جمال عبد الناصر وكان يحمل رتبه عقيد فى الجيش، تلاه أنور السادات ،الذى تخرج من الأكاديمية العسكرية، ثم حسنى مبارك ،اللواء فى السلاح الجوي. وأشارت إلى أن معظم المحللين فى القاهرة يرون أن الجيش لا يرغب فى إدارة الحكم بشكل مباشر ولكنه يحاول حماية مصالحة من أى حكومة مدنية قد تبرز، ولا سيما من خلال التحكم فى ميزانيته الخاصة، وهو ما يدفع العديد من الشخصيات السياسية المصرية البارزة للاعتقاد بأن المجلس العسكرى الحاكم سيحاول التأثير على نتائج الانتخابات- بحسب الصحيفة-. ورأت الصحيفة أن عملية التصويت نفسها يمكن أن تمكن الجيش من القيام بذلك، فمن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية على ثلاث مراحل على مدى شهرين على الأقل، وهو ما يجعل من تزوير الانتخابات أمرًا سهلًا نظرًا للخبرة التى يتمتع بها "سماسرة الحزب الوطني" فى شراء الأصوات وحشد الناخبين. وختمت الصحيفة قائلة إنه حتى بعد تشكيل البرلمان فإن الجيش سيلعب دور السلطة التنفيذية فى مصر حتى انتخابات الرئاسة المتوقع عقدها فى عام 2013.