أصبحت الانتقادات المتبادلة داخل جماعة الاخوان المسلمين لا تخفي على أحد فنجد الاختلافات تتطاير بين القيادات الأكبر سنا وشباب الجماعة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. ورصد موقع "عربي21" في تقرير نشره فجر اليوم الاثنين تصريحات قيادات الاخوان مؤخرا والتي دعت فيها الالتزام بالسلمية بينما يدعو شق أخر بالدفاع عن النفس والعرض أمام جرائم ترتكب في حق المعارضة. مقالان يؤكدان السلمية وبعد اختفاء عن المشهد منذ مذبحة فض اعتصام رابعة، عاد عضو مكتب الإرشاد محمود غزلان ليكتب مقالا الأسبوع الماضي في موقع نافذة مصر التابع للإخوان المسلمين، انتقد فيه ما أسماه "تفلت بعض شباب الجماعة من السلمية". وأكد غزلان "استمرار تمسك الإخوان بالنهج السلمي طريقا وحيداً وصعباً لكسر الانقلاب"، مشددا على أن "السلمية هي من ثوابت الإخوان التي لا تفريط فيها". ووصف السلمية بأنها "الخيار الأصعب لكنه الأوفق، وأنها سر بقاء الجماعة وقوتها منذ تأسيسها قبل نحو تسعين عاما"، ملمحا إلى أن "شباب الإخوان عليهم إما الالتزام بالسلمية أو مغادرة الجماعة". وقبل نشر مقال غزلان بيومين كتب عبد الرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد، مقالاً آخر، أكد فيه أن "اختيار الثوار للسلمية المبدعة ليس مناورة، بل هو اختيار أساسي مبني على فقه شرعي، ووعي واقعي، وقراءة صحيحة للتاريخ لتجارب الشعوب". وأضاف البر وهو أستاذ في جامعة الأزهر وملقب بمفتي الإخوان ¬- أن "الثوار لن يقعوا في فخ العنف، وسيفوتون الفرصة على من يريد إلصاق تهمة الإرهاب بهم". المقاومة النبيلة طريقنا في الوقت ذاته، تمتلئ الصفحات الإخوانية والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بالعديد من التصريحات والمقالات التي تهاجم قيادات الجماعة، وتطالبهم بالصمت والتوقف عن استفزاز شباب الجماعة بمثل هذه التصريحات التي تعكس انفصالهم عن الواقع. وفي مقال نشره موقع نافذة مصر، أيضا، كتب حازم سعيد يقول: "إن الإدارة الحالية للإخوان لا يمكنها أن توقف التغيير الذي ينمو داخل الجماعة"، مشددا على أن "محاولات البعض تقسيم الجماعة إلى كيانات ستبوء بالفشل"!. ووجه حديثه للقيادة الحالية للجماعة قائلا: "لا تظنوا أن الشباب راضٍ عن إدارتكم المرتعشة، ولكن الشباب الذي يعمل الآن ويموت منه يوميا العشرات، لا يريد أن يشق الصف، وسيكمل مسار التغيير داخل التنظيم، لكن دون تهور". واختتم المقال بقوله: "إن الثورة والدماء التي سالت في الشوارع، تجاوزت السلمية المنبطحة التي يدعو لها البعض، وأن المقاومة النبيلة ضد المجرمين لن يوقفها أحد". وكتب القيادي الإخواني ممدوح المنير عبر فيس بوك يقول: "إن مقال غزلان عن السلمية جانبه التوفيق في توقيته ومضمونه"، مؤكدا أن "ما ذكره غزلان هو وجهة نظره الشخصية، وأن الجماعة أعلنت موقفها الرسمي، وأوضحت أن السلمية لا تتعارض مع الدفاع عن العرض والنفس والقصاص من القتلة". من جانبه، هاجم عمرو فراج وهو أحد مؤسسي شبكة رصد الإخبارية كلا من محمود غزلان ومحمود عزت عضوا مكتب الإرشاد، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة، ووصفهم بالهاربين، وأكد أن قيادات الإخوان الفاشلة تخشى على مناصبها من ثورة داخلية على وشك الإطاحة بهم قريبا!! وتعليقا على هذا التراشق، قالت مصادر مطلعة في الجماعة إن التصريحات المؤكدة السلمية، جاءت لتحسين صورة الإخوان خارجيا وإحداث توازن مع تصريحات أخرى صدرت عن قيادات في الجماعة، هددت صراحة بالقصاص للشهداء واستهداف الانقلابيين، بحسب "عربي21". وكانت أبرز تلك التصريحات، البيان الأخير الذي أصدره محمد منتصر، المتحدث باسم الإخوان، الذي أعلن اتخاذ الجماعة النهج الثوري سبيلا لها، متوعدا القتلة بالقصاص الذي يشفي الصدور عبر ثورة تجتز رؤوسهم". وقبلها بشهرين تقريبا، قال منتصر تعليقا على إعدام محمود رمضان المتهم بإلقاء صبي من أعلى بناية بالإسكندرية: "إن الثوار ماضون في طريقهم، حتى يقتصوا ويقطعوا رقاب كل فاجر قاتل شارك في الدماء". وأشارت المصادر التي رفضت ذكر اسمها إلى أن "مقالات غزلان والبر هدفهما التأكيد أن الجماعة تنتهج المنهج السلمي المعتدل، وأن ما يطلق عليه العمليات النوعية باستهداف المجرمين والقتلة، مجرد تصرفات فردية من شباب خارج السيطرة، مدفوعين باستفزازات وجرائم الانقلابيين". وأوضحت المصادر أن "هذه التصريحات هدفها إيجاد مساحة للمناورة ليستغلها السياسيون على الصعيد الدولي، وأن تظل هذه العمليات ورقة مساومة وتحذير من انفجار المشهد برمته، إذا فشلت القيادات في السيطرة على آلاف الشباب الغاضب واليائس من جدوى المنهج السلمي، أو إذا تبنت الإخوان كجماعة المقاومة كخيار أخير".