جدد بدء محاكمة 49 شخصا أفغانيا بتهمة رجم وقتل امرأة في كابول منذ قرابة شهرين ; موجة غضب واستياء شديدة تجاوزت العاصمة الأفغانية كابول لتصل أصدائها إلى العالم كله ولاسيما الإسلامي . ويحاكم القضاء الأفغاني هذه الأيام أشخاصا قاموا برجم "فرخندة" ذات الثمانية وعشرين عاما وحرقها حتى الموت بمشاركة أفراد من الشرطة لم يحاولوا حمايتها واكتفوا فقط بمشاهدة دمائها التي تسيل وألسنة اللهب التي تتصاعد من جسدها المشتعل إثر اتهامها بحرق المصحف رغم شهادة البعض وتأكيدهم بأنها لم تفعل ذلك. وقالت "بي بي سي" التي اهتمت بتغطية المحاكمة إعلاميا أمس ، إن هناك 19 من أفراد الشرطة يمثلون أيضا أمام المحكمة بتهمة التخلي عن واجبهم في منع الاعتداء على الضحية. وأضافت أن المتهمين اعترفوا أمام المحكمة بأنهم اندفعوا في هجومهم على فرخندة بعد سماعهم اتهامها بحرق القرآن، ولكن أحد المحققين أفاد بأنه لا توجد أدلة على فعلها ذلك ، وطلب القاضي في الجلسة حضور مدير شرطة كابول ورئيس فريق التحقيق التابع لوزارة الداخلية. وأشارت "بي بي سي" إلى أن المتهمين كانوا يرتدون بدلات سوداء أعطيت لهم في السجن. وقال اثنان منهم إنهما أرغما على التوقيع على الاعترافات. وأكد مراسل بي بي سي في كابول، ديفيد لوين، إن مقتل فرخندة أثار موجة واسعة من الاستياء، على الرغم من المرأة غالبا ما تتعرض للإساءة في أفغانستان. قصة "فرخندة" من البداية قالت الصحف الأفغانية والعالمية المتضامنة مع "فرخندة" أنها كانت تدرس لتصبح معلمة دين تحفظ القرآن ومهتمة بدراسة الدين الإسلامي ، وقد مرت هي وأسرتها يومًا على مسجد "شاه دو شامشيرا" الملحق بضريح يعتبره الأفغانيون ملجأ من يبحث عن حل لمشاكله حيث يستقر فيه بعض الناس استقر الذين يقومون بحمايته و يبيعون أحجبة وتمائم يزعمون أنها تساعد في حل المشكلات مثل عدم الإنجاب وتحسين الصحة وإعادة الغائب . وذكرت المواقع والصحف التي حققت في الواقعة ، أن زيارة أسرة فرخندة للمسجد كانت من أجل الصلاة فقط، لكنها شاهدت هناك نساء متسولات يعشن أمام الضريح على فائض الزائرين ويعانين من البرد الشديد ، فقررت فرخندة العودة إليهن بعد أسبوع بملابس شتوية تقيهن البرد، وهنا راع فرخندة ما رأته من متاجرة باسم الدين وبيع للخرافات ونشبت مشاجرة بينها وبين أحد “حماة الضريح” بعدما نهرته عن ممارساته لتكون الساعة الأخيرة في حياتها. قبل أن تعرف الأسرة نبأ وفاة ابنتها استدعتها الشرطة وأخبرتهم بأن ابنتهم متهمة بحرق نسخة من القرآن وأنها تخضع للتحقيقات ومن الأفضل لهم أن يدّعوا أنها مريضة عقليا، وهو ما لم تصدقه الأسرة عن ابنتهم التي وصفوها بأنها “ملتزمة دينيا”. وبحسب موقع "ساسة بوست" ، فقد جاءت الشرطة تحمي النيران وهي تشتعل بجسد فرخندة تحت أحد الكباري حتى خمدت ثم بدؤوا بالبحث عن جثتها، ساعتان سجلتهما كاميرات الهواتف من الضرب بالأحجار الخرسانية والسحل على أسطح المنازل وحشد المزيد للمشاركة وكل يجود بما لديه من غضب فيقذفها بحجر يهشم رأسها أو يركلها حتى تأكد الجميع من أن انفاسها قد انقطعت. لا، لم يتوقفوا عند هذا الحد؛ احتفلوا بمقتلها وبدؤوا بالقفز جميعا فوق جسدها ثم دهسه تحت عجلات السيارات وجره على ضفاف نهر كابول وإشعال النيران فيها وجمع الخشب والقماش المتاح عليها لمزيد من اللهب ومزيد من الفرحة وهم يهللون.. الله أكبر الله أكبر. و يقع مسجد شاه دو شامشيرا – والذي أغلق أبوابه منذ الحادث – في حي كثيف السكان بالعاصمة الأفغانية وعلى مقربة من بنايات رسمية، مثل القصر الرئاسي ووزارة الداخلية والشؤون الخارجية, وفي الفيديو المنتشر عن مقتل فرخندة ظهر بعض رجال الشرطة لا يحاولون فعل شيء فيتواجدون بساحة القتل حتى سحلها وحرقها تمامًا، ثم يبدأ دور رجال الشرطة في نقل الجثة لكن قائد الشرطة يقول أن جنوده لم يصلوا إلا بعد موتها وهو ما يكذبه ظهورهم بالفعل. نهاية "فرخندة" المأساوية يوم 22 مارس قامت النساء – على غير المعروف – بحمل نعش فرخندة إلى المقابر ودفنها وانطلقت المظاهرات تجوب كابول ومدنًا أفغانية تطالب بالعدالة وهم يرتدون أقنعة عليها وجه فرخندة ومنهم من طلى وجهه بالأحمر ليشبهها في صورها قبل لحظات من الموت، تلك المظاهرات التي لم تتوقف في كابول بل امتدت إلى عدد من الدول من بينها الولاياتالمتحدة وأستراليا وبريطانيا. تضاربت تصريحات أسرة فرخندة على مواقع الإعلام؛ فبداية صرحوا بأنها مريضة عقليا منذ طفولتها وأنها تتردد على الأضرحة طلبا للعلاج, لكن بعد ذلك نفت الأسرة ذلك وقالت أن هذا كان طلب الشرطة الذي أذعن له الأب للإفراج عنها أو تجنبا لخروج الأمر عن نطاق السيطرة خاصة وأنه تم تهديدهم بمغادرة كابول أو القتل. سقط الجاني الأول في واقعة فرخندة بيد الشرطة بعدما نشر صور الواقعة على حسابه الإلكتروني بموقع فيسبوك وتبناها وتباهى بفعلته وكتب “لقد قتلناها وستدخل جهنم”، ثم اعتقل ثلاثة آخرون مع عناصر الشرطة التي ثبت وجودها بساحة القتل وتخاذلت عن الدفاع عنها في رواية قيلت بأنهم تواطؤوا مع الشيخ القائد ل”حماة الضريح” وأنهم لا يستطيعون التعدي على رغباته غير أن عناصر الشرطة الأفغانية ليسوا بالمتعلمين وأغلب من يعمل في صفوف رجال الأمن هم أناس لم يجدوا أي مورد رزق آخر. تم تبرئة فرخندة من تهمة حرق القرآن والمرض العقلي وفقا لتحقيقات استمرت 9 أيام، نشرتها لجنة خاصة تشكلت بناء على أوامر من الرئيس الأفغاني أشرف غني وقالت اللجنة أن الدافع الرئيسي وراء الهجوم أن فرخندة شجعت مرتادي الضريح على عدم شراء الأحجبة، وهو ما أثار حفيظة “حماة الضريح” ودفعهم إلى تلفيق الاتهامات لها لحشد الناس، وأن جميع المشتبه بهم المقبوض عليهم أميون ولا يستطيعون قراءة القرآن.