البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    بالصور| التعدي على موظف حماية الأراضي خلال حملة تنفيذ إزالات بسوهاج    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    "بوليتيكو": من المُتوقع أن يتهم الاتحاد الأوروبي إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال يقصف خيمة للنازحين في المواصي غربي خان يونس    الخارجية الروسية: نرفض استهداف منشآت إيران النووية ونسعى لحل بين واشنطن وطهران    حماس تنعى أمين حركة المجاهدين أسعد أبو شريعة    ملف يلا كورة.. وصول زيزو.. وإصابة إمام عاشور قبل مواجهة باتشوكا    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بالتجمع    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    مصرع مُسن سقط من قطار في نجع حمادي    انهار عليهم السقف.. مصرع شخص وإصابة 9 عمال في كفر الدوار    «المشروع إكس» يتصدر إيرادات أفلام عيد الأضحى    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    لقاءات تثقيفية وورش للأطفال.. قصر ثقافة الإسماعيلية يحتفل بعيد الأضحى    ممدوح عباس يوجه رسالة قوية للزمالك: لن آخذ على عاتقي التزامات جديدة    نجم الأهلي على موعد مع التاريخ في كأس العالم للأندية    «الفلوس؟».. زيزو يكشف سر انتقاله إلى الأهلي    اتحاد الكرة يخاطب الإمارات وقطر لمواجهة منتخبي الشباب والناشئين وديا    أحمد الشيخ يعلن الرحيل عن الإسماعيلى رسميا    ستام أسطورة هولندا: أرشح صلاح للفوز بالكرة الذهبية.. ومجموعة الأهلى بالمونديال صعبة    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 8 يونيو 2025    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    ضبط 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    رابط نتيجة الصف الأول الإعدادي 2025 برقم الجلوس    "قومي المرأة" ينظم لقاء تعريفيا بمبادرة "معا بالوعي نحميها" بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس    اندلاع حريق كبير في السوق القديم بمدينة بندر عباس جنوبي إيران    بعد هبوطه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 8 يونيو 2025    ابن شقيق عبد الحليم حافظ: صوت الفن ليس من حقها التعاقد على حفل مهرجان موازين    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    أمريكا.. تفشي السالمونيلا في 7 ولايات وسحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق    ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    أخبار × 24 ساعة.. النقل: غرامة لمن يستخدم حارة الأتوبيس الترددى على الدائرى    «ماسك» يتحدى «ترامب» ب«حزب جديد» ينافس «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»    وزير الخارجية يُندد بمواصلة إسرائيل «انتهاك القانون الدولي»    تصويت ساحق ل«عضوية فلسطين» كمراقب في «منظمة العمل الدولية»    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    أحمد زيزو: سأحترم جماهير الزمالك إذا سجلت في القمة    «الرعاية الصحية»: جولات ميدانية مكثفة لمتابعة سير العمل    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    قوافل ومبادرات صحية تجوب المنوفية في ثاني أيام العيد.. صور    القاهرة الإخبارية: شرطة الاحتلال تعتدي على المتظاهرين وسط تل أبيب    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    كل عام ومصر بخير    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزيزي بلال فضل
نشر في المصريون يوم 25 - 10 - 2011

عزيزي بلال فضل، لك في القلب محبة وإن أنكرها علي بعض من أثق فيهم إلا أنني أجدها تدفعني لا للتناظر معك حول ما طرحته في تغريداتك على موقع تويتر بل على العكس أجدها تدفعني للتفكر في آرائك بصوت عال أتمنى أن تشاركني فيه.
وأعلم كما تعلم يا عزيزي أن حال المسلمين وانحطاط إبداعهم في الحياة العصرية أمر مؤلم ولكنني أجدني رغم ذلك لست مريضاً على المستوى الشخصي أو المهني بالإحساس بالدونية التكنولوجية أو عقدة النقص اللتان قد يدفعان البعض إلى جلد الذات، ذلك لأنني عملت مهندساً في إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة بمجال البرمجيات بل وكنت أحد ثلاثة مسئولين مصريين عن وضع التصميمات الخاصة بكافة برمجيات هذه الشركة والتي تحتكر السوق الأمريكي في مجال تخصصها، جامعاً بين تخصصين هندسيين هما الهندسة المدنية وهندسة البرمجيات، ذلك قبل أن أستقل وأبدأ في إنشاء شركتي الخاصة في سن الثلاثين منذ قرابة السنوات الست.
وكلانا يا عزيزي تأثر بلا شك بوفاة ستيف جوبز مؤسس شركة أبل ماكنتوش فهو لم يكن مجرد رجل ترك أثراً عملاقاً للبشرية وبصمة لا تخطئها عين فحسب بل تخطى ذلك حيث أصبح ملهماً لملايين من البشر وبخاصة من منهم يعملون في مجالات قريبة الصلة بمجال عمله مثلي. لكن بعض تغريداتك الأخيرة تستحق بعض التفكر فهلم معي،
تتساءل يا عزيزي:
"كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا ؟"
وفي البدء وكما هو واضح فإنه ليس بيني وبين ستيف جوبز أدنى خصومة بل على العكس هو مثل أعلى بالنسبة لي في المجال المهني كما أعلم أنه مثل صعب التكرار وأعلم أيضاً أنه لن يفيدني أن يدخله الله النار ولن يضرني أن يدخله الجنة.
لكن دعني أفاجئك يا عزيزي بلال، فالطريقة التي يؤمن ويتعبد بها الفرد ليست شرطاً لأن يدخل الجنة فهناك أيضاً من يدخل الجنة دون أن يعرف أي طريقة يتعبد بها إلى الله.
ولأن القرآن "حمال أوجه" كما قلت أنت يا عزيزي استشهاداً بما نسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولأن علياً أكمل مقولته هذه لابن عباس رضي الله عنه بقوله "ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا" فإني لن أخالف المبدأ الذي نصح به علي وأقررت أنت به، لذلك فاقرأ معي ما رواه البخاري من أمر زيد بن عمرو بن نفيل إذ يقول من حديث بن عمر رضي الله عنهما:
"أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا. قال زيد: وما الحنيف؟ قال : دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله. فخرج زيد فلقي عالما من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله. قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا. قال زيد: وما الحنيف ؟ قال : دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم".
تأمل معي يا عزيزي فها هو زيد قد رفض عبادة الأوثان وبحث عن الدين الحق قبل بعثة النبي فلم يجده في اليهودية ولا في المسيحية ورءا فيهما اختلافاً فرجع إلى ما قبلهما وما اتفقا عليه إلا أنه لم يجد من يدله على الطريقة التي كان يتعبد بها إبراهيم عليه السلام حيث روى البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت:
"لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري، ثم يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به، ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحلته"
وكان من عمله الصالح كما روت أسماء رضي الله عنها:
"كان يحي الموؤدة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤونتها، فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك ، وإن شئت كفيتك مؤنتها"
بل والأغرب من ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما إذ قال:
"إن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح (مكان في طريق التنعيم في مكة) قبل أن ينزل عليه الوحي، فقدمت إلى النبي سفرة فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه. وكان يقول : الشاة خلقها الله ، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله"
فالرجل وبالفطرة النقية ودون أن يسمع لمعلم أو يقرأ تعاليم مكتوبة كان يرفض أن يأكل مما يذبح ولم يذكر اسم الله عليه لذلك فلقد استحق شهادة النبي له بالجنة إذ قال عنه في الحديث الذي حسنه الوادعي "يبعث أمة وحده"، وقال أيضاً كما في صحيح الجامع للألباني "دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل درجتين".
والشاهد مما سبق أن زيداً لم يعرف أي طريقة أو شريعة يتعبد بها لله ورغم ذلك أدخله الله الجنة برحمته لصحة عقيدته وتوحيده بالله الذي لا إله سواه.
تتساءل أيضاً يا عزيزي:
"من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة ؟"
ولنفترض جدلاً أن كلامك صحيح، وأن الجنة ليست حكراً على المسلمين، وأن غير المسلم قد يدخل الجنة إذا صلح باقي عمله، وأن هذا هو ما قصده من استشهدت بهم من علماء الدين، أقول لو فرضنا جدلاً صحة ذلك لكان لزاماً علينا أن نعترف بأنه لا حرج إذن على المسلم في ترك الإسلام، فباب الجنة قد يظل مفتوحاً له إن فعل بشرط أن يصلح باقي عمله كما تقول.
فهل يصح هذا القول شرعاً حينها؟!، هل يصح أن نقول "أن المسلم إذا ترك دينه يحتمل أن يدخل الجنة" ؟! وهل هناك أي من أهل العلم يوافق على هذا القول؟
أرى يا عزيزي وأظنك ترى معي أن هناك خطأ في فهمك لكلام من استشهدت بهم من أهل العلم فلا أظنهم يقرون بدخول المرتد إلى الجنة.
وإذا أكملنا جدلاً فقلنا أيضاً أن هذا الكلام يسري على غير المسلم فقط ولا يسري على المسلم المرتد فإننا نكون من حيث لا نقصد قد طعنا في عدل الله عز وجل – تعالى سبحانه عن ذلك – فالقول فرضاً بأن بوذياً اعتنق اليهودية فدخل الجنة وأن مسلماً ترك الإسلام واعتنق اليهودية فدخل النار، فإن هذا القول لا يستقيم مع صفة عدل الله عز وجل فكلاهما مات على نفس الدين فكيف يدخل أحدهما الجنة ويدخل الآخر النار؟!
وتقول أيضاً عزيزي بلال:
"لما إنت ضامن إنك هتخش الجنة بتتعصب ليه لما تلاقي حد عايز كل البشر يخشوها خليك في ضمانك وسيبنا في ضلالاتنا يا أخي إحنا بنراهن على رحمة ربنا"
"كيف أؤمن برحمة الله وأنا أكره مجرد الإقرار أن رحمته يمكن أن تسع جميع الذين عملوا صالحا وأن جنته يمكن أن تسع كل الصالحين والمحسنين"
"نعم أؤمن أن الدين عند الله الإسلام وأنه هو الحق المبين لكني أؤمن بالقرآن الذي قال لنا أن الله سيشمل برحمته كل من أحسن وعمل صالحا"
وهنا أجدني مضطراً لأن ألوم عليك وللمرة الأولى في هذا الحوار يا عزيزي بلال، فمن أنا ومن يكون غيري ليضمن أنه سيدخل الجنة؟!، ولقد أقسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما روى البخاري في صحيحه فقال:
"فوالله إن أحدكم أو الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها"
ليس هناك من يضمن ذلك لأي من عباده إلا الله، ومن أنا ومن يكون غيري حتى نكره أن يدخل كل البشر الجنة يا عزيزي بلال.
ورحمة الله يا عزيزي واسعة ولكن لها ضوابط لم أضعها أنا ولم يضعها علماء الدنيا جميعاً، بل وضعها الله سبحانه وتعالى لنفسه وألزم نفسه بتطبيقها في قرآنه إذ يقول:
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"
وذلك لا يتناقض مع رحمة الله عز وجل كما اتضح في مثال زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله، فالرجل لم يعلم كيف يعبد الله ولكنه اهتدى لوحدانيته مما أوجب له الجنة كما أسلفنا سابقاً.
فهل ترضى جدلاً بأن نوسع من صفة رحمة الله على حساب صفة صدقه عز وجل ؟! فنقول مثلاً إن رحمة الله تشمل من أشرك به ومن لم يعترف بوحدانيته ونكذب بذلك صريح قوله تعالى في القرآن في غير آية من آياته المحكمة التي ليس لها أوجه أخرى تحمل عليها؟! لا أرى ذلك منطقياً وأظنك تراه معي كذلك فحاشا الله وتعالى أن يكون كاذباً، سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.
وتتساءل أيضاً عزيزي بلال:
"نحن الأمة التي تحملت الظلم والاستبداد وتعايشت مع الفساد والزيف ولم تقدم للعالم شيئا يذكر منذ قرون ومع ذلك سندخل الجنة ويدخل غيرنا النار"
"هل كنت أمينا على استخلافك في الأرض؟ لا هل عشت حرا كريما؟ لا هل قدمت شيئا للبشرية؟ لا هل عشت عالة على غيرك من الأمم؟ نعم لماذا تستحق الجنة إذا"
وأعود لمفاجأتك مرة أخرى هنا أيضاً يا عزيزي بلال، فمن قال إن العمل الدنيوي وتقديم إضافات للبشرية يعد سبباً لدخول الجنة، هل تعلم أن هناك أمة كاملة لم تقدم شيئاً للبشرية ولم تؤمن بالله إلا ساعات قليلة قبل أن تموت وتفنى كلها ومع ذلك تدخل الجنة !؟.
فهيا نتأمل معاً يا عزيزي ما كان من أمر أصحاب الأخدود، وهم من كانوا على الكفر فلما رأوا الملك الظالم يعجز عن قتل الفتى المؤمن إلا حين أخبره الفتى أنه لو قال بسم الله رب الغلام ثم صوب عليه سهمه فإنه قاتله بإذن الله، فلما فعل الملك ذلك وقتل الغلام أسلمت هذه الأمة كاملة لرب الغلام بعد أن تبين أمامها صدق الغلام وكذب الملك، فقام الملك بحفر أخدود وإشعال نار فيه وأحرق هذه الأمة جميعاً.
عزيزي بلال، ماذا قدم هؤلاء للبشرية حتى يدخلوا الجنة !؟
ونحن يا عزيزي حين نقول "إن الدين عند الله الإسلام" لا نقصر هذا المعنى علينا نحن مسلمي هذا العصر ومن سبقنا ممن اتبع محمداً عليه الصلاة والسلام، فإبراهيم عليه السلام قالها قبلنا:
"إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"
فتأمل معي قول إبراهيم أنه أول المسلمين، هل اتبع إبراهيم الخليل محمداً واتبع شريعته قبل أن يولد؟! أم أن المقصود هنا بلفظة الإسلام هو العقيدة الصحيحة لا الشريعة التي نتبعها نحن الآن؟
وتأمل معي قول فرعون حين أدركه الغرق فأراد أن ينجو بنفسه في الآخرة ويلصق نفسه ببني إسرائيل ليحشر معهم وهم المؤمنون وقتها، فقال فرعون حين أدركه الغرق:
"آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين"
تأمل معي يا عزيزي هذا اللفظ الذي استخدمه فرعون ليلحق نفسه ببني إسرائيل، تأمل معي، إنه يصفهم بالمسلمين، الذين يعتقدون أنه لا إله إلا إله واحد كما في نص الآية، فهل كان بنو إسرائيل على شريعتنا؟! أم أن المقصود هنا أنهم كانوا على عقيدتنا؟
فيا عزيزي نحن لا ننحاز لأنفسنا أو لشريعتنا في هذا السياق بل الانحياز يكون للعقيدة الصحيحة التي وصفها الله بالإسلام ووصف معتنقيها بالمسلمين في القرآن حين قال:
"ما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل"
فيا عزيزي إن مناط الخلود في الجنة أو في النار بإجماع أهل علم الأمة هو الإيمان بالله وتوحيده وشهادة أن لا إله إلا الله مع انتفاء نواقضها، وهذا لا يعني أن ذلك يحصن أو يحمي من شهد بذلك من دخول النار إذا ساء باقي عمله ورجحت كفة سيئاته عن كفة حسناته.
لذلك يا عزيزي بلال وجب علينا التأكيد على أن كل الأنبياء عليهم السلام قد أرسلوا من عند الله بعقيدة واحدة ثابتة "أن لا إله إلا الله" وإن اختلفت الشرائع وطرق ونصوص التعبد التي أتوا بها.
وإن كان اختلاف الشرائع يا عزيزي رحمة من الله عز وجل بعباده وتخفيف عليهم كما قال عيسى عليه السلام في القرآن مخاطباً بني إسرائيل "وأحل لكم بعض الذي حرم عليكم"، إلا أن اختلاف العقيدة لا يستقيم، فليس منطقياً أن يكون الله قد قال لإبراهيم أن اعبدني لا شريك لي، ثم يقول للنصارى من بعده اعبدوا معي مريم وعيسى، ثم يعود فيقول للمسلمين "بل على ملة إبراهيم حنيفا" !!!، فهذا التغير إن حدث لا يوصف إلا بالعبث والله عز وجل أعلى وأكبر من ذلك ومنزه عن العبث كما في قوله تعالى "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا".
وصدق الله إذ يقول "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" وهذا هو المعنى العقدي لقوله تعالى "إن الدين عند الله الإسلام" أي أن الدين عند الله هو الاعتقاد في وحدانيته عز وجل، فلن يغفر الله لمن يشرك به أبداً، وتبقى المغفرة إذا أرادها الله لأحد من عباده حكراً على من لم يشرك به، أما من أشرك أو كفر فلن يدخل الجنة يقيناً.
لذلك، وطبقاً للتفنيد السابق فإني لا أجد حرجاً في أن أصرح بأني أرى أن ما طرحته من آراء في تغريداتك السابقة غير صحيح ولا منضبط شرعاً، ولعلك تتفق معي الآن في أن هناك ثمة خطأ بل أخطاء فيما توصلت له من استنتاجات وفيما تصورت أنك قد فهمته بصورة صحيحة من كلام أهل العلم الذين طالعت آرائهم.
هدانا الله وإياكم وسائر أهل الأرض أجمعين إلى العقيدة الصحيحة التي ارتضاها لأهل جنته.
مهندس مدني حر
facebook.com/muhammad.masry


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.