يبدو أنه ليس من قبيل المصادفة وصول التهجم علي الرسول المصطفى - خاتم الأنبياء والمرسلين- هذه الدرجة من السفالة والصفاقة والوقاحة تحت دعاوي حرية التعبير التي تفقد شرفها على مذبح الهولوكست اليهودي الذي صار مقدس العولمة الجديدة بقرار استبدادي من مجلس الأمن, ويتضح للمراقب المنصف أن تدمير الهوية الإسلامية يتم على قدم وساق وفق مخطط استعماري صهيوغربي رسمت ملامحه بدقة ووفق خطوات متدرجة ومتزامنة, إيذانا بانتهاء تعبيد الطريق أمام جحافل الاستعمار بصوره الجديدة لاعتصار ما تبقى من ثروات المنطقة النفطية والطبيعية, بعد زوال هويتها. إن هذه الهجمة الشرسة على أهم أسس العقيدة الإسلامية( الرسول الكريم ), قد حدد فيها لكل طرف من أطراف التواطؤ وظيفتة ودوره الاستراتيجي, فمنها ما هو عسكري ويقوم عليه المحافظون الجدد في أمريكا, ومنها ماهو ثقافي وإعلامي يحمل الغرب مهمة تحقيقه بقفازات حريرية, وقبل أن يتهمنا المارينز الجدد من بني جلدتنا بتبني نظرية المؤامرة والوقوع في شراكها, سأعرض على القاريء الكريم عددا من المعطيات والشواهد التي كانت جرس إنذار تجاهلته العامة وصمت معظم النخب الثقافية آذانها عنه واستغشت ثيابها. ولاستجلاء الصورة علينا – أولا- أن نحتفظ بذاكرتنا حية حتى لانغوص في رمال الزمن المتحركة, وعلينا – ثانيا-أن نقرأ الأحداث من منظور تكاملي كيلا نتعثر في الجزئيات وتفاصيلها, ويتطلب منا هذا معاودة استعراض ما ألم بالعالمين الإسلامي والعربي خلال عدة عقود خلت, فالأحداث التاريخية سلسلة مترابطة يأخذ بعضها برقاب بعض, وكلما حسن استقراء الأحداث وربطها كلما كان استشراف المستقبل أصوب, لأن ماوقع من أحداث في العقود الماضية ليس منبت الصلة عن الحاضر أو المستقبل. وإذا كان الأمر كذلك, فهل نبدأ من تكتل الغرب للإسراع بانهيار الخلافة العثمانية واقتسام إرثها, أم من إنهيار المشروع المصري الأول لمحمد علي بتحطيم الأسطول المصري في معركة نفارين, أم من ضرب مشاريع الاستقلال القومية المعاصرة وأولها المشروع الناصري الذي استدرج لحرب 1967 التي لم يكن مؤهلا لخوضها, أو من ضرب مشروع مصدق في إيران, أم نعرض عن كل ذلك ونحصر حيوية الذاكرة وإنعاشها في العقود الأربعة الماضية فقط ؟. سنكتفي هنا بتناول بعض أهم الأحداث الموحية في العقود الأربعة رغبة في الاختصار أولا: سلسلة الأحداث حاول عزيزي القاريء أن تستكشف الخيط الدقيق الجامع والرابط بين الأحداث التالية: • اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل- إشعال الحرب بين العراق وإيران في حرب الخليج الأولى وتغذيتها بالتحريض 8 سنوات. - ضرب المفاعل النووي العراقي.- تحريض العراق ضد الكويت بعد انتهاء حرب الخليج الأولى.- ضرب العراق للمرة الأولى بتحالف دولي. حصار الشعب العراقي أحد عشر عاما.- تدمير أفغانستان.- احتلال العراق واحتراقه وتفتيته بكل معني الكلمة.- فتح ملف إيران النووي وإعداد العدة لتحويلة لمجلس الأمن الصهيوأمريكي. • اغتيال الشهيد رفيق الحريري, وحوادث الاغتيالات التالية له.- إصدار القرار 1959 بهدف تجريد حزب الله في لبنان من سلاح المقاومة, وتجريدالفلسطنيين في لبنان من سلاحهم تمهيدا لإغلاق ملف العودة وتصفيتهم. • قضية سلمان رشدي وتهجمه على الإسلام, وبسط حماية الغرب له- محاكمة روجيه جارودي في فرنسا بتهمة معاداة السامية.- مؤتمر السكان( بالقاهرة) والدعوة لحقوق المرأة الإباحية المنافية للأديان السماوية في الدول الإسلامية.- الكشف عن فظائع وانتهاكات أعراض المسلمات والمسلمين في سجن أبو غريب.- قضية منع ارتداء الحجاب( الرمز الإسلامي ) في فرنسا, ورد شيخ الأزهر المخزي آنذاك, وتكاتف الدول الغربية مع الموقف الفرنسي. • تأليف الفرقان في محاولة لجعله بديلا للقرآن الكريم, ونشره في بعض الدول.- تدنيس القرآن الكريم في جوانتناموا.- تمزيق القرآن وتدنيسه في السجون الإسرائيلية.- نشر صور المسابقة الكاريكاتيرية التي تسخر من النبي الكريم في الصحيفة الدنمركية.- إعادة نشر الصور المسيئة للنبي (ص) في صحف نرويجية وفرنسية وألمانية وإيطالية وهولندية وسويسرية وأسبانية ونيوزيلندية. • حفر نفق تحت الحرم القدسي.إعلان جماعات يهودية متطرفة عن عزمها لهدم المسجد الأقصي لإعادة بناء هيكل سليمان مكان المسجد- التهديد بتدمير الكعبة المشرفة. ثانيا: ربط وتوضيح لقد دك الهوس الغربي المتعصب كل الحصون الإسلامية تدريجيا من محاربة الأفكار الإسلامية ممثلة في التشريعات كالزواج المتعدد, وتباين ميراث الرجل عن المرأة والقسوة في ذبح حيوانات الأضاحي والمطالبة بحذف آيات الجهاد وتغيير الخطاب الديني, ثم ارتقوا درجة في سلم الاعتداء فكان دور فرنسا في مهاجمة الحجاب كرمز إسلامي في المدارس والمؤسسات بمساندة رجل اعتلى كرسي السلطة الدينية في الأزهر في غفلة من الشعب والتاريخ, وهاهم اليوم يسبون النبي( صلوات الله وسلامه عليه ) الذي قال رب العزة فيمن يؤذيه ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) [الأحزاب:57].). وهاهم يطعنون في ركن من أركان العقيدة الإسلامية التي جاءت في بناء الإسلام على خمس أولها: ( شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ..) وفي حقيقة الأمر, لم يقدم التحالف الصهيوغربي على إهانة ديننا وسب نبينا إلا بعد إعداد العدة في داخل البيت العربي والإسلامي بتجنيد عملاء يناصرونه ويخترقون وسائل إعلامنا وينفثون سموم أحقادهم في ثقافتنا سمعيا وبصريا. لقد أصيبت الشعوب العربية والإسلامية بالخرس طويلا حتى طال الاستهزاء معتقداتنا وديننا وأصل وجودنا ونبينا شفيعنا يوم الدين, فماذا بقي لنا من ديننا وإسلامنا ؟ بالأمس انتهكوا حرمة كتاب الله ومزقوه ودنسوه فما كان منا إلا مظاهرات محدودة مالبثت أن انطفأت جذوتها, والغرب يراهن على عدد من العوامل المحبطة لصحوة العالم العربي والإسلامي منها: 1- النسيان : لأن فورتنا مجرد عاطفة وغضبة لن تدوم طويلا وبعدها يعاود الغرب المتعصب مواصلة التهجم والسب والاعتداء على أرض المسلمين وعقيدتهم. 2- ضعف وعدم شرعية الحكام العرب: لأن معظم الأنظمة العربية خاضعة وتابعة للولايات المتحدة والغرب, وليس لديهم مانع من التآمر على شعوبهم, والبقية الأخرى منهم خانعة بحكم التربية الأرنبية. 3- الاستبداد والدكتاتورية : اعتمادا على قهر معظم الأنظمة العربية الحاكمة لشعوبها ومنع المظاهرات ومحاصرتها, وعدم الاستجابة لمطالب الشعوب بسحب سفراء الدول الغربية والإسلامية من الدول المعتدية على رسول الله (ص). 4- طابور الخونة والعملاء: حيث يتصدى الطابور الخامس بدسائسه في وسائل الإعلام والثقافة للقضاء على الغضبة الإسلامية ومقاطعة الدول التي تهاجم نبينا اقتصاديا وساسيا وثقافيا. إنهم يراهنون على برودة الحدث في نفوسنا, وتوزيع دم جريمة الاستهزاء بنبينا وتحقيره بين الصحف الأوربية, فهل يصدق رهانهم وينتزع الإسلام من صدورنا ؟ هل يكون مسلمو هذا الزمن الرديء من يصدق فيهم قول الرسول الأمين ( توشك أن تتداعي عليكم الأمم , كما تتداعي الأكلة على قصعته قالوا أمن قلة يارسول الله فقال لا, بل من كثرة , ولكنه غثاء كغثاء السيل ) إذا كان الحال قد آل إلى ذلك, وصار المسلمون شيئا مفتتا تتقاذفه شعوب الأرض, كما تتقاذف الأمواج زبد البحر( رغوته), فلله الأمر من قبل ومن بعد, ولا حول ولا قوة إلا بالله. [email protected]