اعترضت إثيوبيا على الاقتراح الذي تقدمت به مصر، بشأن اختيار المكتب الاستشاري، معللة موقفها بأن "هذا المكتب سيكون منحازاً إلى القاهرة في الدراسات التي سيُجريها على سد النهضة". وقال مصدر مسئول بملف سد النهضة بوزارة الخارجية، إن "مصر اختارت المكتب الفرنسى "بى أر إل" لإجراء الدراسات فيما اعترضت إثيوبيا عليه، وطالبت بإسناد كافة الدراسات إلى المكتب الهولاندى "دلتراس"، الأمر الذى اعتبرته مصر تحديًا لإراداتها فقامت بإرجاء اختيار المكتب الاستشارى لشهر آخر". فيما اقترح السودان أن يتم اختيار المكتبين الاثنين لُيجرى كل منهما دراسات منفصلة عن الآخر، الأمر الذى يعنى أن هناك دراسات ستتم من أكثر من جهة، وبالتالى المزيد من الأموال التى ستنفق على المكتب ودراسته التى من المقرر أن تأخذ أكثر من شهر. وطبقًا لتصريحات خبراء ومتخصصين، فإن إثيوبيا تلعب على وتر "الضعف السياسى ورغبة القاهرة فى إنهاء الأزمة بأى تكلفة"، مؤكدين أن المفاوضات حتى الآن تصب جميعها فى جانب إثوبيا ولصالحها، لأنها لم تقدم أى تنازل يُذكر حتى الآن وإنما تم تنفيذ جميع مطالبها. وأشاروا إلى "البنود العشرة" الموقعة فى اتفاقية المبادئ، معتبرين أن "تلك البنود جميعها تسلب من مصر حقها ونصيبها من مياه نهر النيل، وتضفى الشرعية على سد النهضة لجذب الاستثمارات الأجنبية بعد اعتراف دولى بالسد". وفى هذا السياق، اعتبر الدكتور مغاورى شحاتة، خبير المياه العالمي، أن "إثيوبيا تتعمد تعطيل المفاوضات، لمّد فترة التفاوض، وكسب المزيد من الوقت، حيث تستغل الوقت المهدر فى الإسراع من عملية البناء، ثم ترفض بعد ذلك أى طلب مصرى فى إدارة السد بعدما تكون قد انتهت تماماً من عملية البناء". وأضاف شحاتة فى تصريح إلى "المصريون"، أن "اختيار مكتبين استشاريين لدراسة سد النهضة، يُزيد من التكلفة، ولكنه أمر مفيد وكان لابد من منع اختراق أحد المكتبين، مطالبًا بتوزيع الأدوار بين "المكتب الألماني" و"المكتب الهولندي"، بحيث لاتتعارض الدراسات التى يقوم بها أحد المكتبين مع الآخر، وأن يتم تخصيص كل مكتب فى اتجاه". وأوضح، أنه "لا يهم أن يتم إنفاق المزيد من الأموال، مادام ذلك سيحول دون تعرض أحد المكتبين للاختراق"، مطالبًا وزير الرى بمتابعة الأزمة عن قرب وزيادة مجهوده، لأن إثيوبيا ستحاول طوال الوقت اختراق المكاتب وإظهار أن نتائجه لصالحها. من جهته، شّن الدكتور نادر نور الدين، هجوماً ضارياً على وزير الري، الدكتور حسام مغازي، ووصفه بأنه "مفاوض سيئ"، مشيرًا إلى أن "هناك تعمدًا إثيوبيًا واضحًا لتضليل مصر وإدخالها فى متاهات، وكسب المزيد من الوقت"، مؤكداً أن ذلك يتضح من اعتراضها على المكتب الذى اقترحته القاهرة فى المفاوضات الأخيرة بشأن اختيار المكتب الاستشاري. وأوضح أن "إثيوبيا أغلقت صفحة مصر بانتصار كبير، سيعقبه عدة انتصارات أخرى فى المفاوضات، لأن الخطوة الأهم قد مرت على إثيوبيا بسلام، وهى اعتراف مصر بالسد، ولم يبق غير خطوات جميعها ستتنصل منها إثيوبيا، ومنها إشراك مصر فى إدارة سد النهضة أو إطلاعها على عملية البناء، أو تقليل سعة تخزين السد". واعتبر الخبير المائي، أن "قضية سد النهضة، انتهت لصالح إثيوبيا، وأن الجميع يتحدث الآن فى أمور لا فائدة منها، ولاسيما فى ظل التصاعد المستمر لأعمال البناء فى سد النهضة، قائلاً: إن "المسئول عن فشل المفاوضات وعن الوضع الحالي، وعن إذلال مصر بهذا الشكل هو الحكومة". يُذكر، أن الخبراء الفنيين ال 12 المكلفين من الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) توصلوا بعد شهور من التفاوض فيما بينهم، إلى اختيار المكتبين الفرنسى والهولندي، بعدما كادت الأمور تصل إلى طريق مسدود، بعد إصرار إثيوبيا على العناد، فتدخل السودان واقترح إسناد مهمة دراسة آثار سد النهضة إلى المكتبين.