بالرغم من إصدار السيسي تعليمات بالانتهاء من التعديلات في قوانين الانتخابات البرلمانية خلال شهر، إلا أنه يبدو أن تعليماته ستذهب أدراج الرياح بعد الفشل الواضح في الحوار المجتمعي بين الأحزاب والذي يترأسه المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء والذي تم علي ثلاث جلسات باءت كلها بالفشل وانسحاب البعض منها. وانتقد نجيب ساويرس، رجل الأعمال ومالك قناة ONTV، تكرار تأجيل الانتخابات البرلمانية، قائلاً: "من طول ما الانتخابات بتؤجل وتتأخر هنقعد نشوف أشباه أحزاب من نوع حزب عم أحمد وابنه أحمد مكونة من رئيس حزب وتلات أعضاء..خلصونا بقه..زهقنا"!. من جانبه أكد كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة السابق، أن جلسات الحوار المجتمعي التي عقدتها الحكومة مع الأحزاب والقوى السياسية فاشلة واصفًا إياها ب"فرح العمدة" بسبب غياب النظام وآلية العمل. وأكد أبو عيطة، مقاطعته للانتخابات القادمة لو صدر قانون الدوائر دون استجابة للمطالب بالقائمة المطلقة المقسمة إلى أربع دوائر، كما أعدته اللجنة من قبل، وتوقع عدم حدوث أي نتائج إيجابية من الحوار. وقال أبوعيطة "لسنا فى حاجة لسقف زمنى للانتخابات، لكننا فى حاجة لسقف موضوعى، بحيث يتوافق المصريون على تمثيل أنفسهم فى البرلمان بنسب تتناسب مع حجم كل قوى". وأضاف "إذا كانت هناك مشكلة بسب تأخير الانتخابات فإن المشكلة الأكبر فى أن ياتى برلمان يكون عرضة للحل بسبب عوار دستورى"، محذرا من أن البرلمان القادم سيكون "ممثلا لرجال الأعمال، ولن تتعاون معه باقى القوى السياسية، بل ستعمل على إسقاطه". أما رامي محسن مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، أكد إن الهدف الرئيسي من الحوار المجتمعي، ليس استطلاع وجهات النظر في القوانين الانتخابية أو شكل النظام الانتخابي، وإنما فضح الأحزاب أمام الرأي العام، من خلال إخراج ما في جوفها من عداءات شخصية وضغائن ومصالح شخصية بحتة. وأضاف محسن، أن المشهد الهزلي الذي ظهر أمام الرأي العام والحكومة، وضع الأحزاب في حجمها الحقيقي، وجعل رصيدها أمام الناخب المصري "صفر". وطالب محسن، الأحزاب أن تهجر الحياة السياسية، إذا ما استمرت على نفس النسق وذات التفكير، فالانتخابات البرلمانية ليست دعاية انتخابية، أو بالظهور الإعلامي أو بشراء المرشحين في بورصة الأحزاب، وإنما بالتواصل والعمل مع المواطنين وحل مشكلاتهم، من خلال رؤية حزبية حقيقية وجهد متواصل من خلال آليات حزبية حقيقية. وكانت الجلسة الأولي للاستماع لرؤية الأحزاب السياسية حول تعديلات قوانين الانتخابات، بحضور رئيس الوزراء أيضاً، وحضور ممثلين عن أحزاب الوفد والمصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى والإصلاح والتنمية وأحزاب أخرى. اما الجلسة الثانية فقد نشبت فيها مشادات كلامية وانتهت بانسحاب المستشارة تهانى الجبالى، وممثلى تحالف "نداء مصر"، اعتراضًا على تجاهلهم، وعدم الاستماع إلى آرائهم مقابل إتاحة الفرصة لعدد من الأحزاب التى شاركت فى الجلسة الأولى من الحوار، وسبق وأن عرضت رؤيتها فى قوانين الانتخابات آنذاك، فضلاً عن العشوائية وسوء التنظيم على حد قولهم. وعلقت الجبالي، فيما بعد علي انسحابها ليس لسبب شكلي بل سبب موضوعي، مضيفة أنه خلال الحوار تحدث السياسيون وكأنهم ممثّلو الشعب المصري، بالرغم من أن الشعب المصري لم يكن ممثلا في هذا الاجتماع، فمن كان موجودا هم فقط بعض أطراف الحوار السياسية " . فيما شهدت الجلسة الثالثة اتهامات للأحزاب بأنها تقوم بدور سماسرة انتخابات ولا وجود لها فى الشارع، وأن الأحزاب كرتونية لدرجة أنها هربت من الحوار ولا تريد إجراء انتخابات لأنها غير جاهزة وأن بعضها يحصل على أموال من المرشحين مقابل أن تضع أسماءهم على رأس القائمة. واتهم عدد من المشاركين فى الجلسة الحكومة بالارتباك وأنها تحاور الأحزاب وتترك الفاعل الرئيسى فى المشهد الانتخابى وهم المرشحين المستقلين، وأنها تسعى لإصدار قانون لمصلحة فصيل بعينه كما فعل الإخوان من خلال توسيع الدوائر التى لا يستطيع المنافسة فيها إلا التيار الإسلامى. كما شهدت الجلسة هجومًا على عدم ضبط الإنفاق الدعائى للانتخابات والسماح لمزدوجى الحنسية بالترشح بمن فيهم من يحمل الجنسية الإسرائيلية فى حين يتم منع من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية. وأثارت هذه الاتهامات غضب بعض ممثلى الأحزاب، وتدخل رئيس الوزراء مؤكدًا حرصه على أن تكون الجلسة هادئة وأنه لا يقبل اتهامات وقال محلب: "أى حد حاسس بأنه متنرفز يطلع يشرب مياه ويهدأ ثم يعود مرة أخرى والجلسة محترمة وعلينا أن نستمع لجميع الآراء وعلينا احترامها، وأى شىء يظهر زى كده يعطى انطباعا خاطئا ليس فقط للاجتماع إنما لمصر". وكانت المحكمة الدستورية قد أجلت الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر لها أن تعقد فبراير الماضي، وقضت بعدم دستورية قانون التقسيم للدوائر الانتخابية.