أحسست بالشفقة الكبيرة على عضوى المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى المؤتمر الصحفى أمس وهما يحاولان قدر جهدهما أن يثبتا للرأى العام أن الجيش المصرى برىء من الدماء التى سالت يوم الأحد الماضى وأن القوات المرابطة أمام مبنى التليفزيون المصرى التزمت أقصى درجات ضبط النفس تجاه التحرشات التى صدرت من جموع المتظاهرين تجاههم ولم يصدر منها إطلاق الرصاص تجاه مسيرة الأقباط لسبب بسيط أن هذه القوات غير مرخص لها بحمل ذخيرة حية حتى لا تطلقها على أى مصرى تحت أى ضغط نفسى أو عصبى قد يتعرض له الجندى . إحساسى بالشفقة هنا منبعه أن المجلس الأعلى لجأ إلى توثيق حديثه بمجموعة من " الكليبات " لم تكن جديدة على جموع الشعب المصرى فقد تم تداولها على شبكة الانترنت وفى مواقع التواصل الاجتماعى منذ وقوع الأحداث ولكنها لم تعرف طريقها للنشر الفضائى عبر علب الفتن الليلية التى أهملتها تمام الإهمال ولم تلتزم بالمعايير المهنية التى يستوجب على العاملين بهذه العلب " السلولية " الالتزام بها . فقد كان الجميع يلتزم " نوتة " واحدة يقرأ منها حتى الكومبارس المرافق من الباحثين والمفكرين والناشطين والسياسيين .. إلخ كان يتم اختيارهم بعناية فائقة حتى لا يخرج علينا صوت نشاز مفاجىء قد يعكر على الجميع صفو لحن " الفتنة والتضليل " والذى كان يتخلله دمعة هنا أو زفرة حزن هناك ... تنهيدة هنا أو شهقة هناك .. فجأة وجدت القوات المسلحة نفسها مكشوفة أمام الرأى العام لا أحد يدفع عنها غوائل الباطل بكلمة حق يمحص بها الحقيقة وكأن ما كنا نتابعه منذ اندلاع الاعتداء الآثم على القوات المسلحة كان محض خيال أخرجته لنا القوات المسلحة بكل عناية وتدبير .. ووجدت نفسها فى موقف لا تحسد عليه فطبيعتها القتالية تأبى عليها السكوت خاصة بعد الإهانة التى تعرض لها جنودها عن عمد أمام العالم أجمع ولكن التزامها الوطنى يفرض عليها ألا تسترسل مع غضبها ويحتم عليها أن تسعى لملمة الموضوع حتى لا يتحول إلى فتنة مبيرة تأخذ كل شىء جميل أمامها . ولك عزيزى القارىء أن تتخيل حال البلد لو أقدمت القوات المسلحة على إعلان العدد الحقيقى لشهدائها وقامت بتشييع جثامينهم فى جنازات عسكرية وسط البكاء والعويل ولقاءات تليفزيونية مؤثرة مع أمهات الشهداء وزوجاتهم وأولادهم ..مما لا شك فيه أن المجتمع قد ينفجر انفجاراً طائفياً يصعب معه الرجوع ثانية . لذا ألزمت القوات المسلحة نفسها الصمت وطوت الحزن بين ضلوعها ورضت أن تشيع أبنائها وأبناء الوطن فى صمت تام . وبالرغم من ذلك لم يتركوا ... فخفافيش الظلام يأبون إلا تحطيم هذه المؤسسة الوطنية والنيل من وحدتها حتى أنهم غزوا التليفزيون المصرى الرسمى باسم المهنية والحيادية ولم يكفهم علب الفتن الليلية التى تحولت إلى ما يشبه جلسات " المساطيل " .. القوات المسلحة تشعر بخطورة الموقف بما تملكه من معلومات عن حجم المؤامرة التى تتعرض لها مصر الآن والتى من السفه أن يتم اختزالها فى أزمة كنيسة " المريناب " لذا كان أن سارعت عقب أحداث الأحد الدامية بالتصريح بأن الاستحقاق الانتخابى سيجرى فى موعده دون تباطؤ أو تلكؤ . كما تعلم أن هناك ضغوطاً هائلة تمارس عليها من أجل تنصيب د./ البرادعى رئيساً للوزراء بصلاحيات " مطلقة " كما قال أسامة الغزالى حرب منذ أيام قليلة ، وكانت أحداث ماسبيرو جزءاً لا يتجزأ من عملية الضغط والتنفيذ لذا قطع د./ البرادعى زيارته لبريطانيا ورجع سريعاً إلى مصر فور تفجر الأحداث .. وأمس أعلنت ما يسمى بالهيئة العامة للأقباط - والتى يعد نجيب ساويرس أبرز المشاركين فيها إضافة إلى مايكل منير وآخرين – سحب ثقتها من حكومة د./ عصام شرف والذى يعد قرار إقالته الآن ضرباً من العبث عد دوران عجلة الانتخابات وتوقع مجىء حكومة منتخبة بعد أسابيع قليلة ولكنها محاولة من جانب " المتآمرين " للوثوب على السلطة فى الوقت الأخير قبا أن يسترد الشعب المصرى وديعته ويتحكم فى قراره . لكل هذا أشفقت على القوات المسلحة وهى تهاجم كل ليلة دون وازع من ضمير أو مهنية والحقائق مطروحة فى الطرقات ولكن لا يلتفت إليها إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . [email protected]