" العولمة" ديناصور العصر, يبتلع كل الكائنات والكيانات الصغيرة, هل للامر علاقة بتزامن سعارها مع فيلم حديقة الديناصورات . " العولمة" هي امنا الغولة " ومحطمة الهوية .... جميل والاجمل : وماذا بعد ؟ نحن بذلنا جهدا ثقافيا وسياسيا في التنظير – والتحذير- بخصوص العولمة , ربما اكثر من الوقت الذي امضاه سدنة "العولمة" لكي يحكموا بها الكون . ان الاصل هي " المصالح" ومن يحافظ على مصلحته .. فهذا حقه وربما لاننا نسينا معنى ان يكون لنا مصالح محددة , اصبحنا نحارب – ونحتد على – كل من يحاول تحقيق مصالحة . صحيح انني اري ان فكرة " الغاية تبرر الوسيلة " غير اخلاقية , لكن ما العمل عندما ارى الاخلاق اصبحت تصنعها وتحددها " القوة" وليس العكس . لا يعقل رفض العولمة على خلفية الموقع الجغرافي الذي هبت منه ريحها والا رفضنا كل الرياح الهوائية الغربية , لكن المعقول ان نعرف كيف نستفيد من تلك الرياح ولا نجعلها بتكاسلنا .. سموما اتحدث بمناسبة خفوت صوت الحركات المناهضة للعولمة , وقد لاحظت – ربما اكون مخطئا – ان هذه الصرعة التي اجتاحت العالم – رغبة او رهبة – لم يصنعها قرار سياسي وانما كرستها مفاهيم ثقافية , وافكار تتكئ على الفلسفة اكثر من العمل السياسي المنظم , والحاصل ان "الافكار" اصبحت سلاح العولمة . وتصدير " الفكرة" والبحث عنها هي التجارة- والحرب الاولى في عالم اليوم من دون منازع تستطيع ان تنقل "فكرة" لكن ذلك ليس كافيا لان تبتكر فكرة, الافكار تنتج المصانع والعكس – ابدا – ليس صحيحاَ , توجد بنوك للافكار الان في كل الدول التي تتسيد العالم , لكن كل ارصدة العالم لا تستطيع ابتكار فكرة , تستطيع فقط ان تشتريها , لذا تبقى العولمة مستفيدة من خزائن خيالنا – وافكارنا – الخاوية , ان الخيال قادر على ابتكار ارصدة تملأ الفراغ الفكري والثقافي الذي نعاني , وهذا التصحر الذي يتزايد فينا, يمثل ارضا خصبة مغرية للعولمة لتزرعها بمحاصيلاها , التي قد تصلح لها تربتنا لكن ثمار هذا المحصول ربما كان " حصرما" , قد لا طعاما – لنا- سواه . في "الدين" لا يوجد رمادي ... فقط ابيض واسود , وفي الدنيا لا يكفي وضعك عصابة على عينيك لتقتل الوان قوس قزح , الشعوب ليست مضطرة ان تصبح طيراَ في سرب , او حملا في قطيع , لكن القدرة على الاختيار ترف, يملكه من افنى وقته وجهده في تحديد اختياراته ثم وسائل تحقيقها , وعندما تتحقق يرى ان هذا التحقق هو البداية نحو طريق شاق , نحو بقاء ما حققه . لا يمكن لعاقل ان يدافع عن طوفان يجرف الاخضر واليابس , يقتل شخصية الشعوب ويجعلها مسخا مشوهاَ , ولايستطيع احد ان يرى في " تسونامي" فرصة لجعل الارض مستوية حتى يمكن البناء عليها من جديد, دون تكبد عناء هدم المنازل القديمة , في الافكار والثقافة عموما يوجد الف "تسونامي" مع فارق جوهري , وهو ان منكوبي الاعاصير الثقافية التي تكتسح الهويات لن يجدوا مساعدات دولية , سيظلون في العراء . لا افكار تأويهم سوى الافكار التي قتلت فيهم الروح والمعنى . الحروب الصغيرة التي اهلكت آلاف العقول والايام من حياة مثقفينا ومفكرينا .. آن لها ان تتوقف وان تتخلى هذه العقول عن الاستسلام لعدوى الحروب الصغيرة , التي تنتقل من مقهى الى آخر , ومن ندوة الى قصيدة , لقد شبعنا من التنظير بخصوص مخاطر العولمة , ونتضور جوعا . فمن يملك موهبة موهبة اطعاما, افكارا اسئلة جديدة .. متى نتوقف عن طرح الاسئلة – والاجابات – القديمة؟.. "ما العمل" ؟ سؤال الوقت وكل وقت , قليلون هم الذين يطرحونه , وكثيرون يثيرون صخبا في وجه من يحاولوا الاجابة عن سؤال الوقت , فاللجوء الى العقل والمنطق امر يقطع وسائل الاسترزاق امام اهل الصراخ في الفضائيات والارضيات و ما تحت الثرى !. وما اسهل الهاب مشاعر الناس بكلمات تشبه نسمة عابرة في قيظ الصيف , لكن الصيف سيظل صيفا وذكرى النسمة لن تعالجنا من ضربات الشمس . ولما كانت للعولمة جيوشها في الغرب والشرق وفي داخل مجتمعنا , فان " عولمة" الصراخ والافكار المشلولة قتلت فينا القدرة على الابتكار والاستماع , وان " الصمت" من ذهب ان وضعته في موضعه الصحيح , ويصبح من " صفيح " ان فعلت العكس , الصمت ان سعر الصمت غال لانه يعني متعة- وفن- الاستماع , نحن شعوب لا تجيد الاستماع , للكتاب والحوار والخيال , ان للصمت صوتا يشبه احلى الكلام , وان استمعنا لبعضنا البعض نكون " وحدة" , قد تخلق " اتحادا" وقد يصبح الاتحاد عالما , وعولمة... ومن قال ان " العولمة" مخلوق – وفكرة- لاتتكرر , ان الشركات العابرة للقارات لها عولمتها , وهي توازي العولمة التي تصنعها وتفرضها دولة او فكرة تحتل مئات الدول , ان الشعور بالخطر وتوصيفه غير كاف للقضاء عليه , والانشغال به نوع من الهزيمة امامه , والرضى بالهزيمة يولد نوعا من الكراهية يعمي العقل عن قدرات الخصم , ان الهروب من "الديناصورات " والرهان على انقراضها يجعل منا ألذ وجبه لتلك الكائنات المتوحشة , فليس اطعم -واكثر تشويقا – من فريسة هاربة او مستكينة , ينقض عليها كائن انتظرت الفريسة انقراضة, لكنها منحته شبابا جديدا عندما رأي بريق جبروته يشع من عينيها التي اعماهما الرعب ،وانظر الى حال مصر الان ، ترى النظام يبث خطاب الاستهزاء بأصحاب الرأى وكتاباتهم ، على خلفية المثل الذى يحكمون به مصر وهو: اكتبوا ما تشاءون وسنفعل مانريد ، انهم يصورون للعالم انهم منحونا حرية الصراخ فى الصحف المملوكة للنظام بالقوة او بالفعل فضلا عن الصحف المستقلة والالكترونية ، وعلى الجانب الاخر يبثون خطابا يسفهه جدوي الكتابات المعارضة للنظام بإعتبار انه يملك جلد فيل وناب اسد ، لكن الواقع يؤكد انه اسد من عائلة الحلو التى يشتهر بها السيرك القومى ، وانه فيل الجنينة الذى اكل عليه الاطفال وشربوا ، انه نظام يدفع ملايين الجنيهات شهريا ليواجه الكلام بالكلام والفضائيات بالسرايا الصفرا فى ماسبيرو ، وما الاعداد لتكون تلك السرايا هيئة تتمتع بإستقلالية صورية ، الا ليحتلها رجال الاعمال بنظام الدفع مسبقا ، ويكونوا نابا جديدا للنظام ، وكان عمادالدين اديب واضحا وهو يعبر عن شوقه الى ذلك ، على شاشة السرايا الصفرا فى ماسبيرو ، عندما استضافته ليحكى عن كواليس حواره مع الرئيس مبارك ، وقال عماد .. ادونى بس محطة ارضية وانا مستعد امسح كل الفضائيات اللى بتقولوا انها لاتقهر ، اذن النظام يسفه من تأثير الكلام على بقائه فى الحكم وفى الوقت نفسه يصرف كل يوم جرائد وبرامج لحسابه فما المعنى ؟ ، المعنى انه نظام بلا معنى ، نطام لايفكر ولايوجد من يفكر حولة ، ويتعامل من يفكر بعقلية زواج المتعة ، وهو ما حدث مع جيل كامل من مثقفى اليسار الذين قضى النظام منهم وطره على يد المأذون غير الشرعى فاروق حسنى لمده معلومة ، ثم بحث النظام عن زوجات صغيرات جديدات ، سواء فى امانة السياسات او فى الاندية الكروية وغيرها من الاماكن التى لاتسبب له صداع حضور ندوات معرض الكتاب ،وكل هذا التخبط يؤكد ان النظام فى مصر يعادى كل مجهول الى ان يكتشفه فيستهين به ، ويتصور انه امتلكه ، على طريقة الباشا " مرزوق افندى اديله حاجة " ،وبالفعل وجد النظام كثيرا من عينة الاستاذ"حمام" ، لكن ليس كل الطير حماما كما يتصور النظام الذي يفهم فى كل شئ ، ودليل عبقريته أنه أهدى لاعبي الفريق القومى ملايين الجنيهات واهالى العبارة المنكوبة ينتظرون المنحة من الرئيس نظام فيه كل هذه المواهب ونستكثر عليه ان يحكم مصر ؟ ، ولكنه يحكمنا بنفس الوسائل التى يستخف بها ، واقصد " الكلام" ، الصوت والصورة ، اذن وإن بدا ان الكلام غير مؤثر فلنستمر فيه ، فهو الوسيلة المتاحة الآن ، من دون ان ننسى انه ليس الوسيلة الوحيدة ، وينبغى ان لانيأس فأحزابنا العائلية كلها من ورق وكلام جرائد ، ويمكن لرئيس الحزب ان ياخذ مفتاح الجريدةالحزب ويقول ( مش لاعب ) ، وحكومتنا المنكوبة لاتملك سوى التوقيع على شيكات للاعبى الكرة وأكبر رأس فيها لايزيد عن كونه موظفا بائسا يبصم على القرار الرئاسي ، انه بنيان من ورق والنظام الذى يحتمى خلف جدران انس الفقى وفاروق حسنى ويوسف بطرس غالى ورؤساء تحرير الصدفة ، لاينبغى الخوف منه ، او الاعتبار لسخريته من كوننا لا نملك سوي الكلام وانه يملك السلاح ، لأن هذا المنطق فى حد ذاته مسخرة فلسنا العراق او لبنان ، الان على الاقل ، لكننا اغلبية اصابها الفساد بغيبوبة واقلية تسرق كل ما تستطيع اثناء غيبوبة المريض ، وينسى السارق انه اصبح هو نفسه فى غيبوبة بدليل قرارته المتخبطة. [email protected]