قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قوتولموش إنه "لا بد من التأسيس لمنطق جديد من التعامل والحكم في العالم عكس منطق القوة السائد حاليا". وأضاف قوتولموش في محاضرة له مساء يوم الثلاثاء بالعاصمة المغربية الرباط (شمال)، إنه "بعد الحرب العالمية الأولى كان المنطق السائد هو منطق القوة، ومنذ الحرب العالمية الثانية يستحيل تطبيق قرارات ضد اسرائيل بسبب ما يسمى حق الفيتو، وهو نفس الشيء بالنسبة للأزمة السورية اليوم، فروسيا تتحفظ في تطبيق العقوبات ضدها، وكذلك بالنسبة لأوكرانيا، وهذا منطق لا يمكن أن يستمر، ولا بد من التأسيس لمنطق جديد من الحكم، عكس منطق القوة السائد حاليا". وأشار إلى أن "الإنسانية اليوم تعيش في عالم يعرف غياب العدالة وتكافؤ الفرص، وهناك مشاكل كثيرة لم نستطيع بعد حلها مثل الأزمة السورية والأوكرانية وغيرهما". وبعد تساؤله عن إمكانية تحقيق السلم في العالم اليوم، قال "إننا في هذا القرن، وهذا العام بالضبط يمكن أن نوجد حالة من السلم في العالم، نعم هذا ممكن، لكن الأمر يتعلق بأي نموذج ننطلق منه وماهي رهاناتنا وتوقعاتنا"، مؤكدا على أن "السلم يمكن أن يتأسس إلا على منطق يعطي لذي حق حقه". وفي معرض حديثه عن الحضارة الإسلامية، قال نعمان قوتولموش، إنه "طوال خمسة قرون قبل الاستعمار لم تكن هناك أي صراعات دينية أو عرقية رغم أن هذه الحضارة عرفت تنوعا عرقيا ودينيا كبيرا داخلها"، مدللا على ذلك بالقول إن "القدس مثلا قبل الاحتلال لم تكن كما هي اليوم، بل كانت جغرافية واسعة تضم الديانات الثلاث ولا يوجد فيها اي خلاف عقائدي، ولكن للأسف اليوم نرى أن حقوق المواطنين فيها مغتصبة". وأضاف أن "صورة الإسلام في العالم اليوم في مختلف أنحاء العالم ناتجة عن مشاهد العنف والقتل التي يعرفها العالم من جهة، وكذلك من تيارات الإسلاموفوبيا (الخوف المرضي من الإسلام)، بالإضافة إلى أننا نشاهد التيارات الارهابية تدمر المساجد والناس بالقنابل، هناك تسخير وسائل الإعلام ضد الإسلام التي لا تختلف مع كل ما سبق ذكره". وقال إن "المقاربة الصحيحة للإسلام هو أنه دين المحبة والمعرفة والتسامح، وما حققه الاسلام للإنسانية من قبل لا يعد ولا يحصى". وأضاف أن الحضارة الإسلامية التي وصفها ب"الكبرى" تأسست على "المساواة بين الناس منذ ولادتهم بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية والاقتصادية والدينية، وحرية الاعتقاد والاختيار، وكذا مبدأ العالمية والذي من شأنه ضمان السلام، والتعامل مع الناس بالمعروف، وأنه لتحقيق السلم في العالم لابد من ضمان حقوق هي حرية الإعتقاد، وحرية تأسيس منظمات المجتمع المدني التي من خلالها يعبر الناس عن حقوقهم وأفكارهم، وضمان حرية التجارة وحرية التنقل". وأوضح "بالحفاظ على هذه الحقوق نؤسس لنظام السلم". وختم بالقول إن "المغرب وتركيا واعتبارا لتاريخهما ووضعهما الجغرافي القريب من أوروبا لعبا دورا كبيرا في التاريخ والحضارة الإسلاميين، وأنه رغم بعد المسافة بين البلدين فإنه تجمعان علاقات تاريخية عميقة وقريبة جدا، ونسعى إلى أن نؤسس لعلاقات يمكن أن تكون أكثر قوة وفي كل المجالات". وافتتح نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قوتولموش، مساء يوم الثلاثاء بالعاصمة الرباط، مركز "يونس أمره" التابع للوكالة التركية للتعاون والتنسيق، بعد تجديده وتوسيعه، بكيلة الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط. وقال سعيد أمزازي رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريحات له بتلك المناسبة إن "وجود هذا المركز في كلية الآداب بالرباط يعكس عمق العلاقات المغربية التركية". وأضاف أن "زيارة نائب رئيس الحكومة التركية للكلية وللمركز له دلالة رمزية في العسي لتعميق هذه العلاقات في مجال البحث العملي والتعليم العالي بين البلدين، كما من شأنه أن يعطي دفعة مهمة للعلاقات الثقافية والعلمية بينهما". وأضاف أمزازي أن "المركز استقطب المئات من الطلبة المغاربة الذين يريدون تعلم اللغة التركية والانفتاح على الثقافة والحضارة التركيتين". كما زار نعمان قوتولموش، الذي كان مرفوقا برئيس الجامعة وعميد كلية الآداب جمال الدين الهاني، مكتبة المركز ووقع في دفترها، قبل أن ينتقل إلى قاعة للدرس تابعة للمركز حيث التقى عددا من الطلبة المغاربة الذين يدرسون بالمركز وتحدثوا إليه باللغة التركية. كما افتتح قوتولموش بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، معرضا للأزياء النسائية العثمانية. ويقوم قوتولموش بزيارة رسمية للمغرب للمشاركة في فعالية "الأيام الثقافية التركية" التي انطلقت يوم الاثنين، وتستمر حتى الخميس المقبل في العاصمة الرباط ومدينة فاس (شمال) ومراكش (وسط)، ويجري مباحثات رسمية على هامش الزيارة. وتنظّم هذه "الأيام" من طرف العديد من المؤسسات التركية من بينها وكالة التعاون والتنسيق (تيكا)، التابعة لرئاسة الوزراء التركية، ومعهد "يونس أمره الثقافي" الذي يمثل المركز الثقافي التركي بالمغرب. ويشغل البروفسور نعمان كورتولموش نائب رئيس وزراء جمهورية تركيا، ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية، وعضو لجنته التنفيذية المركزية. ولد قوتولموش في 23 مارس 1959، بمدينة أوردو شمال تركيا، حاصل على الدكتوراه من جامعة كورنيل في الولاياتالمتحدة، وعمل أستاذا زائرا فيها حتى عام 1992، ثم عاد بعد ذلك إلى تركيا فحصل على درجة أستاذ مشارك في جامعة إسطنبول عام 1994، واصل دراساته وأبحاثه الأكاديمية في كلية الاقتصاد حتى حاز درجة بروفيسور من الجامعة عام 2004. ساهمت مشاركاته العلمية ودراساته الاقتصادية في إنضاج العديد من المشاريع الكبيرة التي تقوم عليها رؤية 2023 لوضع تركيا ضمن أقوى 10 دول في العالم. وألف نعمان قوتولموش كتابين هما "التحول الصناعي العميق"، و"النموذج الياباني في إدارة الموارد البشرية" إضافة إلى عدد من المقالات العلمية. التحق بحزب الرفاه الذي كان يقوده نجم الدين أربكان، وفي عام 1998 انتخب رئيسا لحزب الفضيلة في إسطنبول وعضوا لإدارة الحزب العامة، وظل المتابعون يعتبرونه خليفة الراحل نجم الدين أربكان في أحزاب الرفاه والفضيلة. اندمج حزبه صوت الشعب في حزب العدالة والتنمية في 22 سبتمبر/ أيلول 2012، وأصبح عضوا في اللجنة التنفيذية للحزب، ونائبا للرئيس العام ومسؤولا عن الشؤون الاقتصادية.