أعاد الربيع العربي إعادة ترتيب أولويات الدول، بعد أن اختلت موازين الكثير من الدول، وكانت مصر في طليعة الدول التي تحاول خلق محاور جديدة لها تجنبًا لترجيح كفتها على جانب واحد، حيث تحاول مصر العودة لدورها الرئيسي في قضايا منطقة الشرق الأوسط والعالم، حيث برز على الساحة توجهات جديدة في السياسة الخارجية باتجاه مصر لتنويع علاقاتها الخارجية مع القوى الدولية كروسيا من أجل تعظيم الاستفادة وتحقيق مصالح للجانبين، حيث تعد مصر قوى عربية كبيرة في الشرق الأوسط وصديقًا قديمًا لروسيا. من هذا المنطلق تطورت العلاقات المصرية الروسية خلال السنوات الأخيرة مع التأكيد على متانة وعمق العلاقات بين البلدين، وتطورت في عدة مجالات منها العسكرية والاقتصادية والسياسية، وكانت الأسباب التي ساهمت في التقارب هي محاربة الإرهاب الذي بات يهدد مصر ولاحقه قبل أن يصل لروسيا، وأن مصر تجدد حلفاءها وتوسع دائرة اعتمادها بعيدًا عن أمريكا، ولقرب الآراء السياسية، واحتياج الجانبين لبعضهما. عودة العلاقة "المتينة" مهمة لمحاربة الإرهاب أعاد الرئيس السيسي العلاقة المتينة مع روسيا عقب الزيارات المتبادلة بين الرئيسين في الفترة الماضية وطالب خلال لقائه بأمين مجلس الأمن الروسي أمس الاثنين، بضرورة تبني استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب لإعادة الأمن والاستقرار للدول التي تعاني من"ويلات الإرهاب". حيث أكد اللواء أحمد عبدالحليم، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن الزيارات المتبادلة بين البلدين خاصة على الصعيد الأمني والعسكري يعد توثيق للعلاقات بالناحية الأمنية. وأكد «عبدالحليم»، في تصريحات مُتلفزة، أن الهدف هو ضمان لوجود علاقات وثيقة مع روسيا، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسي يقوم بتوسيع المائدة الدولية ضمن العلاقات الدولية مع الدول، مثل روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية. وأضاف «عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية» أن ما يحدث يسبب توازنًا للمنطقة بأكملها، وتعتبر أيضًا خدمة لروسيا، خاصة أن موسكو ترغب في العودة إلى المنطقة بعد تركها في فترة السبعينيات، مشيرًا إلى أن الوفد الأمني الذي زار روسيا له علاقة بالعمليات الإرهابية التي تحدث بالمنطقة، والتنسيق مع روسيا لمواجهة هذا الأمر. واستطرد أن ما يتعلق بالأزمة السورية على المستوى الدولي، فإن الولاياتالمتحدة تناصر أعداء نظام بشار الأسد، وعلى العكس روسيا تؤيد الأسد ونظامه، وهذا أيضًا بالنسبة لغالبية الدول. تحت شعار عدو عدوي صديقي قررت مصر توسيع دائرة مائدتها خاصة بعد موقف أمريكا بوقف مناورات "النجم الساطع" والذي عكس شروخًا كثيرة في علاقة مصر بأمريكا، وعكست تلك التقلبات التي شاهدتها علاقة مصر بواشنطن تقاربًا بين مصر وروسيا؛ حيث قال حسن نافعة، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، في تصريحات صحفية له، أن اتجاه مصر للجانب الروسي في الفترة الأخيرة يؤكد رغبة مصر في استقلال قرارها الوطني وعدم الاعتماد على الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها. وفي نفس السياق، قال اللواء أحمد عبدالحليم، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن الهدف من عمل علاقات وثيقة مع روسيا يكمن في عمل موازنة لمصر بعد فترة سابقة من الضغوط التي كانت تمارس على مصر بعدما كانت تعتمد على جهة واحدة. تشابك الأفكار يشبك الأيدي تبين أن أساس التقارب بين البلدين هو انتهاج نفس السياسات الخارجية وحتى السياسات التعامل الداخلية، حيث أبدت موسكو موقفًا مؤيدًا لثورة 30 يونيو وما تلاها من تطورات، بما في ذلك كل محطات خارطة الطريق، كما أكد الرئيس "بوتين" فى مناسبات عديدة احترامه الشديد للرئيس عبدالفتاح السيسى ودوره التاريخي في مصر، وأظهرت عن بالغ أهمية عودة مصر بقوة إلى الساحة الإقليمية والدولية، ودعمت روسيا مشاركتها فى كل المبادرات الإقليمية، ومقاومة أية محاولة لتهميش الدور المصري، الأمر الذي تجلى في الأزمة السورية وأزمة غزة والذي وصل للمطالبة بضم مصر للرباعية الدولية. عرف عن روسيا ألا علاقة هادئة بينها وبين أمريكا وناهضت روسيا أفعال الإخوان حيث أدرجت جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش الإرهابي في موسكو كجماعات إرهابية، قال السفير رؤوف سعد، مساعد وزير الخارجية الأسبق: "إن زيارة مستشار الأمن القومي الروسي للقاهرة تُعد بلورة للعلاقات بين مصر وروسيا في عدة مجالات". كما أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق في تصريحات مُتلفزة، إلى أن روسيا صنفت جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية منذ 10 سنوات في عام 2004. وقال سعد: "إن روسيا ترى عودة العلاقات مع مصر كعودة لدورها في الشرق الأوسط كله"، لافتًا إلى أن السياسة الخارجية تدير الآن علاقات مصر مع الدول الأخرى وفقًا لمصالحها بالدرجة الأولى. تاريخ العلاقة المتقلبة بين رؤساء مصر وروسيا وبلغت العلاقات الثنائية ذروتها في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية، وبينها السد العالي في أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألمونيوم بنجع حمادي ومد الخطوط الكهربائية أسوان – الإسكندرية، وتم إنجاز 97 مشروعًا صناعيًا بمساهمة الاتحاد السوفيتي، وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينيات بأسلحة سوفيتية. وتلقى عدد كبير من النخبة على الساحة المصرية من المعاهد العسكرية السوفيتية، ومن بينهم الرئيس الأسبق مبارك. لاسيما لقيت العلاقات المصرية-الروسية توترًا غريبًا في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات وانقطاعها تمامًا حتى سبتمبر 1981 فإنها بدأت في التحسن التدريجي في عهد الرئيس مبارك. حيث كانت مصر في طليعة الدول التي بدأت علاقات ثنائية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، وتطورت العلاقات السياسية بين البلدين وجاءت الزيارة الرسمية الأولى للرئيس مبارك إلى روسيا الاتحادية في سبتمبر 1997، وقع خلالها البيان المصري الروسي المشترك وسبع وأعاد زيارتين إلى روسيا عام 2001 و2006 وأعدت خلالهما البرامج طويلة الأمد للتعاون في كل المجالات والبيان حول مبادئ علاقات الصداقة والتعاون.