بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عهده الرئاسي بتدشين الكثير من المشاريع العملاقة التي تتناسب مع طموحات الشعب المصري بعد ثورة يونيو المجيدة كتوشكي، ومشروع إقليم قناة السويس الجديدة ونيته في استصلاح الكثير من الأراضي الزراعية والاستفادة القصوي من موارد الدولة وإصلاح هيكلها الإداري والاهتمام بمشاريع البني التحتية وإنشاء وإصلاح الكثير من الطرق في مصر بما يتناسب مع الزيادة السكانية، ثم عمله الدءوب لاسترجاع الحالة الأمنية للبلاد ومحاربة الإرهاب والحفاظ علي الحدود المصرية وغيرها من آماله الكبيرة التي ينوي إنجازها خلال فترته الرئاسية التي بدأها بإصلاح البيت المصري من الداخل ثم موازاته في نفس الوقت بالاهتمام بالسياسة الخارجية المصرية علي أساس من الندية وحرية القرار تجاه إنشاء علاقات جديدة لمصر مع الكثير من الدول بما يتوائم مع مصالح مصر ومشاكلها الراهنة لاستعادة دورها الريادي مع محيطها العربي والأفريقي والدولي وهو الأمر الذي ظهر جليا من خلال تحركاته خلال الفترة القصيرة لحكمه للبلاد إلي الخارج بما يعمل علي الاستفادة من تلك العلاقات للاستفادة منها في كافة المجالات وبخاصة المجالات الاقتصادية والاستمار، والمجالات العسكرية لتطوير المؤسسة العسكرية والشرطية المصرية بأحدث الأسلحة لمواجهة التحديات الراهنة وعلي رأسها التصدي للتنظيمات الإرهابية التي تهدد المنطقة والعالم وتحيط بمصر من كافة الاتجاهات. ومع الزيارات الخارجية التي قام بها الرئيس السيسي وما لها من أهمية وبخاصة زيارته الأخيرة للسعودية ومقابلته لخادم الحرمين الشريفين للتنسيق معه حول كافة القضايا الراهنة وبخاصة العدوان الإسرائيلي علي غزة والإرهاب الذي يعصف بالدول العربية وبحثه لتطوير العلاقات التاريخية بين البلدين، ثم عمله علي إشراكه المملكة في المشاريع العملاقة التي يقوم بها من أجل تدعيم المملكة وبعض دول الخليج لها باعتبارها أهم الدول المانحة والمخلصة والداعمة لمصر، لتأتي زيارته اليوم إلي روسيا علي رأس تلك الزيارات وبخاصة أنها الزيارة الأولي له تجاه الغرب منذ توليه الرئاسة، وهي زيارة تدخل في نطاق لقاء القمة بين كبار زعماء بلدين كبيرين بقيمة وهامة مصر وروسيا تسعي إلي استعادة العلاقات التاريخية بين البلدين وتجديدها علي أسس قوية ومتينة وسط ما يمر به العالم من مشكلات واضطرابات أكثرها يتعلق بالإرهاب وانتشار التنظيمات الإرهابية التي يعاني منها بلدان العالم ويعاني منها أيضا كلا من مصر وروسيا إضافة إلي العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة وتعثر اتفاقات السلام بين إسرائيل وفلسطين، ثم التطرق في تلك الزيارة إلي الإرهاب الذي يضرب منطقة الشرق الأوسط، ثم بحث العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات والاتجاهات في وقت تمر فيه روسيا أيضا بمحنتها وتورطها في المشكلة الأوكرانية التي استطاعت أمريكا ومعها الغرب أن تديرها بامتياز للعمل علي عزل أوكرانيا عن روسيا، ثم ما نجم عنه من تطورات أدت إلي انفصال القرم عن أوكرانيا وسعي الكثير من الانفصاليين بأوكرانيا للتوجه نحو روسيا التي لم تتأخر عن مساندة رعاياها، الأمر الذي عرضها إلي فرض الكثير من العقوبات الاقتصادية القوية من جانب أمريكا والغرب اللذين يسعيا إلي عزل روسيا وإضعافها في محيطها والعالم. ويري المحللون والدبلوماسيون في مصر وروسيا بعدا كبيرا لتلك الزيارة ويثمنونها غاليا في هذا التوقيت لما تحمله في ثناياها من نقلة نوعية غير مسبوقة بين زعيمين كبيرين علي غرار الحقبة الناصرية ومساهمة الاتحاد السوفيتي سابقا لمصر في كافة المجالات وبخاصة المجالات العسكرية وإنجاز المشاريع الكبري، ويرونها أيضا فصلا جديد في تطوير مسيرة العلاقات بين القاهرة وموسكو، وتنويع لعلاقات مصر الخارجية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية بما يحقق التنوع والاكتفاء الذاتي لها لاستيراد التكنولوجيا والسلاح والصناعات الثقيلة وتبادل الخبرات، والاستفادة من مجال الفضاء ومجال الاستشعار عن بعد والاستفادة من الطاقة النووية لأغراض سلمية وهي مجالات تتقدم فيها روسيا ويعمل الرئيس السيسي من خلال لقائه الرئيس بوتين علي الاستفادة منها خلال تلك الرحلة التي يسعي فيها أيضا بحسب ما يري الخبراء لجلب استيراد الغز المسال من روسيا لتغطية الاحتياجات المصرية، وفي نفس الوقت فتح المجال لاستيراد روسيا للمنتجات الزراعية المصرية، وتطوير المجال السياحي بين البلدين لاستقطاب عدد كبير من الروس للسياحة في مصر من أجل عودتها مرة أخري لأوج مجدها، ثم إمداد القوات المسلحة المصرية بما يلزمها من المعدات الروسية الدفاعية والهجومية في الوقت الذي تخلت فيه أمريكا عن مساعدتها العسكرية لمصر، ناهيك عن سعي السيسي إلي طلب دعم روسيا في مشروع محور قناة السويس وتطوير المصانع المصرية التي أنشأتها روسيا في حقبة الرئيس عبد الناصر لاسترجاع مصر لمكانة صناعاتها الوطنية لخدمة الاقتصاد المصري عن طريق الاستفادة من الخبرات الروسية. إن الزيارة تعمل علي ترسيخ مبدأ التوازن في علاقة مصر بالدول الكبري وهي بمثابة عهد جديد يخطه السيسي للنهوض بمصر علي مستوي السياسة الخارجية لاسترجاع دور مصر الريادي بالعالم ولهذا يراها البعض تقدير كبير من جانب الرئيس السيسي لروسيا علي حساب علاقته بواشنطن وبخاصة أنها تأتي بعد اعتذاره الذهاب إليها وإيفاد رئيس وزرائه، كما يراها البعض أيضا وفقا للتحاليل المقنعة بأنها إعادة صياغة جديدة لتحالف مصر مع الشرق وبخاصة أن هناك إشارة لإمكانية زيارة الرئيس السيسي إلي الصين بعد إنهاء زيارته لروسيا بعد تلقيه دعوة من وزير الخارجية الصيني الذي زار مصر مؤخرا لزيارة الصين، وفوق هذا وذاك فإن مصر الآن قد دخلت إلي عهد جديد يسعي خلاله رئيسها بالعمل علي نهضتها في الداخل والخارج واستعادة مجدها وحضارتها مرة أخري بوجه حضاري جديد إلي هذا العالم.