هاجم الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، القانون الصادر برقم 8 لسنة 2015، والمعروف بقانون الكيانات الإرهابية، قائلا إنه قبل أن يسترسل في قراءة مواد قانون السيسي الأخير، بشأن الكيانات الإرهابية، لم يتمالك نفسه، من استدعاء مشهد السادات، ودخان غليانه، ينبعث من "الباب"، وهو منكب على مراجعة قوائم اعتقالات، 5 سبتمبر 1981. وأضاف "نور" في تحليل للقانون الجديد، أنه لم يكن السادات، يرى ما بعد أوراق القرار، الذي يوقع عليه، وربما لم تكن عيناه ترى الأوراق، والأسماء، ليس بفعل سحابة الغليان – فحسب – بل لأن الرجل كان يستدعي صور كل من أراد الانتقام منهم في حياته، من معارضيه، أو منافسيه، أو حتى من رجاله ووزرائه الذين تحولوا لصفوف منتقديه. وتابع: تحت لافتة "حماية الوحدة الوطنية" وبدعوة مواجهة "الفتنة الطائفية" جمع السادات، كل من قال له: "لا" من اليمين، واليسار، المسيحي، والمسلم، الليبرالي، والشيوعي، الناصري، والإخواني، وزراء قبل الثورة، ووزراء عبد الناصر، ووزراء من عهده، وأبرزهم الراحل عبد العظيم أبو العطا "وزير ري السادات" الذي مات في سجن طرة بعد أيام من قرارات سبتمبر، على نفس السرير الذي قضيت فيه أربع سنوات من الاعتقال في عهد مبارك. وأكمل: في مناخ التخليط، والالتباس، والتحريض، وغياب روح القانون، والعدل، والعقل يضع الحاكم خصومه في سلة واحدة، ويشعل النار في الجميع، بدعوى مواجهة "المؤامرة" بينما هو في الحقيقة، يتآمر على نفسه، ويخط بيده – أحيانا – شهادة وفاته. وأردف متهكما: لا أعرف – تحديداَ- من له المصلحة في استدعاء هذه الأجواء السبتمبرية، بذلك القرار بالقانون، الصادر من محمد أنور "السيسي" الذي يبدأ به السيسي، ما ختم به السادات حياته. ومضى بالقول: "لا أعرف دلالة، أن وزير داخلية السادات، النبوي إسماعيل، الذي وقف أمام السادات مبتهجاَ – يوم 3 سبتمبر 1981 – وهو يوقع القرارات، بينما هو ذاته الذي جلس مع النائب حسني مبارك، ورفعت المحجوب، في سيارة خاصة – وفقاَ لشهادته – بشارع مجلس الأمة، مساء يوم 3 أكتوبر 1981، لمراجعة نصوص الدستور، حال اغتيال السادات!! وهو ما تم – بالصدفة – بعدها بثلاثة أيام". وأوجز "نور" المفاسد، والمآخذ، والمطاعن، والشبهات، حول هذا القانون في النقاط " السبعة " الآتية:- أولًا:- كذباَ محضاَ، ذلك الادعاء، بوجود فراغ تشريعي في مواجهة الجرائم الإرهابية، استدعي من رئيس الجمهورية، ممارسة سلطاته التشريعية، " الاستثنائية "، - في غيبة البرلمان – بإصدار القرار بقانون 8 لسنة 2015. فقد أدخل البرلمان المصري، في 18/7/ 1992، القانون لسنة 1992، الذي عالج بتوسع الجريمة الإرهابية، من خلال تعديل في قانون العقوبات، وآخر في قانون الإجراءات الجنائية، وآخر في قانون محاكم أمن الدولة، وآخر في قانون سرية الحسابات بالبنوك، وآخر في قانون الأسلحة والذخائر- وغيرها. وعرف الإرهاب، والجريمة الإرهابية في المادة المضافة رقم 86 من قانون العقوبات، بصورة لم تخلو من التوسع، وهو ما ينتفي معه مبرر العجلة، من الاحتياج لتشريع جديد للإرهاب، يصدر بقرار بقانون، وليس بقانون، عبر البرلمان سلطة التشريع، وصاحبة الحق الأصيل فيه. ثانياَ: الجديد، والخطير، والمبتدع، في هذا القانون، أنه أول تشريع في تاريخ القانون الجنائي في مصر، والعالم، يرتب عقوبات جنائية، وأعباء جزائية، وعقوبات تبعية، ومصادرة الأموال، والممتلكات، في مواجهة أشخاص، وجهات، لم يكونوا طرفاَ في الدعوي، ودون إعلان، أو إخطار بتلك الدعاوي،أو طلب حضور لها، أو حق للدفاع فيها، أو تقديم مذكرات،أو مستندات أو شهود!!. إننا لأول مرة في تاريخ القضاء الجنائي، نري محاكمات { سرية } تنظر، ويحكم فيها، دون علم أو اتصال المتهم، أو محاميه، أو وكيلًا عنه، - فقط – بناء علي طلب من النيابة، وتنظر سراَ، في "غرفة المداولة " أمام دائرة خاصة، ويبت فيها خلا أسبوع!! ثالثاَ: إننا أمام قانون يعصف بالحق الدستوري، والإنساني المستقر في المحاكم العلنية، والمنصفه، وحق الدفاع، والقضاء الطبيعي، وأصل البراءة. قانون ينقلنا من عصور الردة القانونية، والقوانين سيئة السمعة، إلى عصور ما قبل القانون، أو عصور قانون الغاب. رابعاَ:- القانون " الفضيحة " هو قانون " رجعي " أي يرتب عقوبات بأثر رجعي علي أفعال، وتصرفات، لم تكن موصوفة أنها " إرهابية " قبل صدوره، فالمواطن الذي نام مساء الاثنين 23/ 2/ 2015 وهو مواطن صالح، { بريء}، يمارس حقوقه، وواجباته الدستورية، استيقظ صباح يوم الثلاثاء 24/2/2015 وهو { مذنب }، متهم بالإرهاب، بدعوي أنه مثلاَ: شارك يوما في مظاهرة – وجدت النيابة أنها عطلت طريق، أو عوقت المرور، أو حضر مؤتمراَ لتحالف دعم الشرعية، أو شارك في ندوة للمجلس الثوري أو رفع شعاراَ لرابعة.. إلخ، أو غيرها من الأفعال التي تنطبق عليها الأمور المجرمة في المادة الأولي من القانون " الفضيحة "!!. خامساَ:- أورد القانون " الفضيحة " جرائم إرهابية فضفافضة، بصياغات سائلة، وغير محددة الملامح، أو منضبطة ( علي غرار ما ورد في قرارات سبتمبر1981 ) مثل:- الاتهامات بالأضرار بالوحدة الوطنية، والإخلال بالنظام العام، وأمور أخري لم يرد لها ذكر في الاتفاقيات ال 13 الصادرة عن الأممالمتحدة، بخصوص مكافحة الإرهاب، ولم ترد في القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1969، أو القرار رقم (1373) لسنة،2001 الصادر عن مجلس الأمن، وليتهم حتى راجعوا مُؤلف أستاذهم في صناعة التشريعات د. فتحي سرور، وعنوانه "المواجهة القانونية للإرهاب" – دار النهضة العربية 2008. سادساَ:- يعصف هذا القانون - عمليا – بحق دستوري آخر، وهو حق الطعن علي الأحكام الجنائية، فرغم أن المادة الثالثة من القرار بقانون تلزم الدائرة " السرية " أن تحكم في طلب النيابة خلال أسبوع علي الأكثر، وبغير علم أو حضور المتهمين، ودون أن يقدموا دفوعهم، ودفاعهم، إلا أنها أعطت حق الطعن بالنقض للنيابة، والمحكوم ضدهم في المادة السادسة.. لكنها قالت في ختام النص " وذلك وفقاَ للإجراءات"المعتادة"للطعن بالنقض. وهنا تبدو الكارثة للمختص، فالإجراءات "المعتادة" في النقض تستغرق في الأحوال العادية مدداَ قد تصل لخمس أو ستة سنوات، والحكم " السري " الصادر من محكمة أول درجة، مدته وفقاَ لذات القانون ثلاثة سنوات، ويجدد، بحكم آخر بناء علي طلب جديد من النيابة، وبالتالي عندما يحل موعد نظر النقض الأول يكون الحكم الجديد قد بدأ، وهو ما يقتضي طعناَ جديداَ أمام محكمة النقض، يستغرق سنوات جديدة.. إلخ في دائرة مفرغة لا تعني شئ إلا سقوط الحق الدستوري في التقاضي على أكثر من درجة، بعد مصادرة الدرجة الأولى بتلك الإجراءات الشيطانية الإبليسية غير المسبوقة. فضلًا عن أن محكمة النقض ليست درجة تقاضي، بل هي محكمة قانون، وليست محكمة وقائع، إذن لن يكون من حق المحكوم عليه مناقشة، أو تفنيد الوقائع المنسوبة له، سواء في المحكمة الأولي، التي ليس له حق حضورها، ولا أمام النقض، التي تحاكم الحكم، وليس المتهم، وتنظر فقط في تحقيق دفاعه، ودفوعه التي لم تقدم أصلاَ،ولم تثبت في أوراق الدعوي في أي مرحلة.. سابعاَ:- المناخ العام، الذي صدر فيه هذا القانون، ربما يكون هو الأسوأ من القانون ذاته، لأنه يكشف الغاية الحقيقية من إصداره، والتي تأخذنا بعيداَ عن عنوانه، ومبرراته الظاهرية، التي يروج لها زوراَ، وبهتاناَ.. فالتعبئة الإعلامية الاستقطابية، خلقت مناخاَ رديئاَ من النزق، والشطط، يروج لفكرة التعامل مع المعارضة السياسية، بكافة ألوانها، وأشكالها، علي قاعدة الاتهام بالخيانة، ودعم الإرهاب، والمشاركة في مؤامرات دولية، أو إقليمية - في أحسن الأحوال- !! فمدرسة التخوين التي تسيس الأمور في مصر الآن، لا تري في معارضة النظام، إلا أنها جريمة، وليست عملًا وطنيًا، أو اجتهاداَ سياسيًا – مصيبًا أو خاطئاَ – فمعارضة " القائد"، أو انتقاده، تنم - من وجهة نظرهم – عن ضعف للولاء للجيش، والجيش – من وجهة نظر تسريباتهم- هو الوطن! ومعارضة الوطن – من وجهة نظرهم - دليلًا علي العمالة للخارج، وقرينة علي التورط في كيانات، وشبكات إرهابية، دولية، أو إقليمية، أو محلية ! هذا المنطق المريض، أو بالأصح اللامنطق، هو الذي يقود لمخاوف، وهواجس، مشروعه، من ملابسات هذا القانون الذي يدرك الجميع أنه يتوحم على كيانات سياسية معارضة أكثر ما يستهدف كيانات إرهابية بدعوة أن الجميع ينبغي أن يكون في سلة واحدة، إلى أن يثبت العكس، وليس العكس، فالبينة هنا علي المدعي عليه، وليس المدعي، والشك يفسر ضد المتهم وليس لصالحه. وليس أدل علي صحة كلامي، أن القانون لا يستهدف العمل الإرهابي، من ذلك التصريح الصادر عن وزير العدالة الانتقالية يوم 16 فبراير 2015 وعنوانه " العدالة الانتقالية: قانون الكيانات الإرهابية سيقضي علي الأفكار الهدامة " ويتجاهل رجل القانون، المستوزر، في وزارة أسمها العدالة، أن القوانين تصدر لمواجهة الأفعال، وليس الأفكار!! حتى ولو كانت مستنكرة، ومستهجنة، ومرفوضة. وأذ بالرجل نفسه، المستشار الهنيدي يكشف في تصريح أخير، أن الهدف من قانون الكيانات الإرهابية هو إدراج من هم بالخارج، بناء علي طلب وزارة الخارجية، وهو يعلم أن معظم هذه المجموعات هي مجموعات سياسية بطبيعتها، معارضة للنظام، وليست متورطة في أي أعمال ذات طبيعة إرهابية. المشكلة أن الذين يفكرون علي ذلك النحو، وبناء علي ذلك المنطق، يتوحمون علي لحم المعارضة بالتعبير، والمعارضة بالتغيير، ولن تكون أولويتهم للأسف المعارضة بالدم أو دعاة العنف. فلن تكون أول أهدافهم هي جماعات الإرهاب في سيناء، ولا تنظيمات الدولة في ليبيا، ولا غيرها بل سينصرف جهدهم، في إسكات أصوات النقد، والغضب، ووصم التجمعات الداعمة للشرعية بالإرهاب، وفي مقدمتها تحالف دعم الشرعية، والمجلس الثوري، والبرلمان الشرعي، وربما يمتد لغيرها من الكيانات مثل شباب 6 أبريل، والاشتراكيين الثوريين، وربما الألترس. صحيح أنني لم أنضم لأي منها، لا شخصيًا، ولا حزبيًا، لا داخل مصر، أو خارجها، بل اعتذرت علنياَ عن ذلك في كل مناسبة، وفي حينها، وهو الثابت في بيانات حزب غد الثورة، وفي تغريداتي الشخصية على تويتر، وتصريحاتي الصحفية المعلنة، لكن هذا لا يمنعني من أن أقول، وأؤكد أن هذه كيانات سياسية أخالفها، أو أوافقها، لكنها لم تقم يوما على الإرهاب، أو تعتمد، سبيلاَ في عملها، غير التظاهر السلمي. هل يمكن أن يراجع السيسي، نص الخطاب، السري للغاية، والذي رفعته له اللجنة المسماة "العليا للأمن القومي" والموقع من وزير الداخلية، بتاريخ 31 ديسمبر 2014، والذي تحفظت فيه علي مواد هذا القانون، في إشارة واضحة أنه لن يفيد في مواجهة ما يسمي بالكيانات الإرهابية، بل ربما يفيدها أكثر مما يضر بها! يبدو أن وزير الداخلية محمد إبراهيم في عهد السيسي، كان أكثر صدقًا مع رئيسه، من وزير الداخلية النبوي إسماعيل، الذي دفع السادات دفعاَ لقرارات سبتمبر1981. هل زار السادات السيسي، مجددًا في أحلامه، بعد ذلك الحلم الشهير، الذي تنبأ فيه السادات للسيسي برئاسة الجمهورية، ورواه السيسي لياسر رزق، رئيس تحرير المصري اليوم؟ هل حذره في المنام قبل إصدار قراراته السبتمبرية في فبراير 2015 من الخطأ الكبير، الذي وقع فيه السادات، يوم أن قرر أن يضع كل خصومه في سلة واحدة، متوهمًا أنه قادر على كل شيء!