انقسم المصريون ما بين مؤيد للضربات التي شنتها القوات المسلحة المصرية على أهداف تنظيم «الدولة الإسلامية» داخل ليبيا و التي سميت ب " معركة الثأر " ردا على ذبح التنظيم ل21 مصري قبطي، و ما بين معارض لها ، و لكلٍّ حجّتهُ التي يسوقها في تبرير وجهة نظره ، فالفريق الأول يرى أن ليبيا تفتقر إلى مقومات الدولة ، و ما هي الآن إلا فصائل متناحرة يسيطر عليها كتائب مسلحة عدة، فطبرق و الشرق الليبي عدا درنة تخضع للجيش الليبي الذي يفرض سيطرته بقيادة رئاسة الأركان العامة ، أما درنة فمعظم الكتائب دينية، تتبع أنصار الشريعة وأخرى تتبع داعش ، يتنازعان فيما بينهما على السلطة هناك. أما بنغازي فتقع معظمها تحت سيطرة الجيش الليبي ، وتسيطر القبائل على الجنوب الليبي الذي يعاني من فراغ أمني يجعله أرضاً خصبة لانتشار الميليشيات المتطرفة ، و يخضع وسطها تحت سيطرة وحدات حرس المنشآت النفطية التابعة للجيش، التي تخوض معارك دفاعاً عن المنشآت النفطية ضد ميليشيات تابعة لفجر ليبيا ، فيما تفرض داعش سيطرتها على مدينة سرت، وتخوض معارك ضد ميليشيات فجر ليبيا، و تعد مصراتة معقل ميليشيات فجر ليبيا التي تحارب الجيش الليبي و التي انتصرت عليه في العاصمة طرابلس .
و بسبب تلك التناحرات ،تنتفي ( على حد زعمهم ) مسببات الإلتزام بالقوانين و الأعراف الدولية التي تختص بأعمال السيادة ، ووجب على مصر حينها الحفاظ على كرامتها و الارتقاء الى مستوى المسئولية في الرد على الجناة .
أما الفريق الآخر فيرى أن جذور الأزمة الليبيبة يعود في البدايات الى تدخل مصر فيما لا يعنيها سواء في الشان الداخلي الليبي و مساندة حفتر و الحكومة الطبرقية في مواجهة الحكومة الطرابلسية أو في محاربة قوات داعش الغير نظامية ، و أنه لولا تدخلها فيما لا يعنيها ما كان للمصريين أن يقتلوا في ليبيا أو غيرها ، ناهيك عن انتظار ضربات أخرى إنتقامية داخل مصر أو خارجها ،و أنه كان من الأولى بها توجيه ضرباتها و تركيز جهودها في الداخل المصري و تحديدا في سيناء التي لم تحكم سيطرتها عليها الى الآن .
و ما حدث ما هو الا محاولة لتصدير الأزمة المصرية الى الخارج كما تفعل الحكومات دوما كلما ضاقت بهم السبل
و قد ساقوا مثالا على ذلك ، أنه على افتراض نحر أمريكيين في سيناء على أيدي قوات بيت المقدس فهل يخول هذا لأمريكا التدخل في سيناء و دك مواقع الارهابيين على اعتبار ان سيناء منطقة قلاقل لم تتمكن مصر من احكام سيطرتها عليها بعد ؟
كما شكك خبراء في صناعة الأفلام السينمائية على مواقع التواصل الإجتماعي ، في صدق صحة الفيديو الذي بثته داعش عن مقتل المصريين الأقباط في ليبيا ، ووصفوه أنه فيلم أمريكي عالي الجودة و الإخراج ،
و استندوا في شكوكهم أن التصوير جرى في منطقة ساحلية على الشاطيء فيما لم توجد نسمة أو أي دليل يدل على وجود هواء مما يعزز فرضية قيامهم بالتصوير داخل استوديو مغلق ، كما أن ظلالهم لا تتناسب و منطقة مفتوحة بل جاءت الظلال كما هو الحال عند التصوير في استوديو مدعم بإضاءة دائرية وقويه ، و أيضا تركت أقدامهم آثارا طبعت قبل أن يخطوا خطواتهم و ليس بعدها ، مما يرجح تزييف الاثار بالكمبيوتر و أنهم كانوا يمشون على أرض صلبه ، و أيضا شكك المخرجون في كمية الدماء التى سالت ، حيث زعموا أن الكمية ليست كبيرة كما كان المفترض بها ، بمعنى أن معدل النزف لرجل بالغ وزنه حوالى 80 كيلو جرام هو من 5.5 لتر الى 6 لترات من الدم و ليس بضع مليمترات ، و قد ظهر المتحدث الخاص بهم وهو يرتدى الساعه باليد اليسرى ، طيف و قد حظرت داعش لبس الساعات فى اليد اليسرى لعدم تشبههم بالكفار ، و لون المياه الاحمر يبشر انه لون اصطناعى بدرجه كبيرة لان دم الانسان اذا اختلط بالمياه سرعان ما يتجلط ويطفو على السطح ويتغير لونه الى اللون الغامق بسبب الملوحه ، و أخيرا قوله قال أن النبي عليه الصلاة و السلام جاء بالسيف رحمة للعالمين ، ومعروف ان من يروج لهذه الفكرة ليس المسلمون ، بل الاعلام الغربي الذي دأب على تزييف الحقائق ووصم الاسلام بالعنف والسيف .
و بذكر داعش ، فمن تخدم داعش بأفعالها ؟؟
أجاب عضو الحركة الدستورية الإسلامية النائب في مجلس فبراير 2012 المحامي أسامة الشاهين عن هذا التساؤل بهذه التغريدة " تتقدم "عشائر العراق" فتظهر "داعش" لتبرر تدخل إيران، يتقدم "الجيش الحر" فتظهر "داعش" لتبرر تدخل الغرب، تتقدم قوات "فجر ليبيا" فتظهر "داعش" لتبرر تدخل مصر.
أما عن المستفيد من الضربة الجوية المصرية ، فلن تفتش عن المرأة ، بل عن حفتر " أول المستفيدين " و الذي دعا القوات المسلحة المصرية في تصريحات واضحة الى التدخل العسكري في ليبيا .
و ما يثير التساؤل و التعجب فيما يحدث ، هو إصرار داعش على ما يبدو على زيادة أعدائها ، بداية من استجلاب القوات الأمريكية الى معاداتها بقطع رأس الصحفي الأمريكي جايمس و استجلاب الأردن بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة ، الى دفع مصر أخيرا إلى الحرب بنحر الأقباط المصريين .
و أيا ما كان ،فقد أصدرت "ترويكا" أوربية أمريكية ، مكونة من ست دول ، بيانا فجر اليوم يدعو إلى حل سياسي في ليبيا ، و الى قيام حكومة وحدة وطنية في ليبيا ، بعيدا عن الحلول العسكرية السريعة كما حدث مع الضربة المصرية ، و التي جاءت كمغامرة عسكرية غير مفهوم وجه سرعتها ، و قد كان من الأجدر أن يتم إجلاء الرعايا المصريين أولا كما فعلت إيطاليا ،و ترتيب و توفيق الأوضاع في الداخل أولا ، أما اعطاء الخصم ميزة إتخاذ أسرى حرب ، فتلك كانت رؤية غير موفقة للأسف ، الا لو أدخلت الحكومة في حساباتها تكلفة إجلاء و عودة الرعايا و معيشتهم ، فارتأت بقاؤهم هناك معتمدين على حظوظهم في البقاء أحياء ، و توفير عبء اقتصادي كبير في عودة الملايين منهم ، و لنا في عودة المصريين من الكويت إبان الغزو العراقي عبرة و عظة على الرغم من أن الكويت قد تكفلت بهم بشكل أو بآخر .
في النهاية ، الضربة الجوية المصرية على أراضي ليبية قد سجلت في التاريخ ، و أيا ما كانت نهايات المعارك في ليبيا ، فستلحق بنا الفعلة ، إما بالفخر أو العار .