تجلت العلاقات الروسية المصرية في قمتها منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم، حيث توجه الرئيس عبدالفتاح السيسي وقت أن كان وزيرًا للدفاع زيارة روسيا ولقاء رئيسها فلاديمير بوتين. ومنذ ذلك الحين يحاول السيسي أن يخلق تعاونًا كبيرًا بين البلدين، وصفه البعض بأنه تحول ضروري لتنويع مصادر العلاقات السياسية مع القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، إلا أن مصر ترتبط بعلاقات أكثر ترابطًا بدول الخليج العربي التي دعمت التحول السياسي في مصر ماليًا وسياسيًا، خاصة المملكة السعودية والتي تمثل الحليف الأكبر للولايات المتحدة في المنطقة، ورغم تنافر المصلحة الخليجية المدعومة من الولاياتالمتحدة مع توطيد مصر لعلاقتها السياسية مع روسيا، يرى دبلوماسيون أن الدب الروسي يحاول خلق علاقات ونفوذ جديدة في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية تكون بوابتها القاهرة نظرًا لما تتمتع به من علاقات جيدة في المنطقة. وقال يقول السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن روسيا تحاول إعادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط من خلال مصر، وذلك عن طريق تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين والتي تجلت خلال زيارة الرئيس الروسي بوتين منذ أمس إلى القاهرة. وأضاف أن خريطة التحالفات في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية في طور التغيير التدرجي، لا سيما أن الولاياتالمتحدة تملك حلفاء في المنطقة العربية مثلوا عاملاً مهمًا في التحول السياسي لمصر خلال الفترة الماضية. وأوضح أن العلاقات المصرية الخليجية لن تتأثر بتعزيز مصر لعلاقاتها مع روسيا باعتبار أن الخليج يشكل تحالفًا قويًا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تشكل المنافس الأكبر للنفوذ الروسية في جميع أنحاء العالم، لافتًا إلى أن مصر سوف تتجه لتكوين علاقة تكاملية بين الجانبين الروسي والخليجي على أساس المصالح المشتركة، وربما تكون مصر بوابة روسية لتكوين تحالفات جديدة مع دول الخليج لتقليص نفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة. وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن الولاياتالمتحدة فقدت جزءًا كبيرًا من نفوذها العربي بعد دخولها العراق، كما أن سياساتها تجاه المنطقة العربية ودول الخليج أصبحت غير واضحة خاصة تجاه الصراع العربي الإسرائيلي. من جانبه، رأى السفير أحمد القويسني، مسئول الملف الروسي ودول الكومنولث ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن من مصلحة روسيا أن تفتح علاقات جديدة سواء في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وذلك للهروب من العقوبات الأوروبية وتضييق الخناق الذي حدث منذ تدخل روسيا في وسيطرتها على منطقة القرم الأوكرانية. وأوضح أن علاقة مصر مع دول الخليج العربي لن تتأثر بوجود تقارب روسي مصري والذي بدا جليًا بعد زيارة الرئيس بوتين للقاهرة، مشيرًا إلى أن مصر مازالت الحليف الأكبر للولايات المتحدة في المنطقة. وأضاف القويسني أن مصر لن تجد حليفًا قويًا مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية لا سيما أن العلاقة ترسخت على مدار سنوات كبيرة، مؤكدًا أن هناك اتفاقيات ومعاهدات مع الولاياتالمتحدة تحصل مصر بموجبها على مساعدات اقتصادية وعسكرية بجانب العلاقات الإسرائيلية الأمريكية القوية والتي تمثل محورًا هامًا في العلاقات المصرية الأمريكية. وأشار إلى أن التقارب المصري الروسي نتج من اعتراف روسيا مبكرًا بالوضع السياسي في مصر وكونه في حالة صراع مع مواجهة الإرهاب، والذي تحفظت عليه بعض المنظمات الدولية، وذلك طبقًا لمعايير دولية قد يكون النظام المصري اخترقها. وأضاف أن مصر تحتاج إلى تنوع في سياساتها الخارجية من خلال مخاطبة القوى الفاعلة في العالم، وهذا ما حدث عند زيارة وزير خارجية اليابان وتوجه الرئيس عبدالفتاح السيسي لزيارة فرنسا وإيطاليا وغيرهما من الدول.